| مقـالات
يضيق ذرعاً (فلان من الناس) بحياة العزوبية؛ فيقرر الهرب من آلام وحدته (ومشتقاتها!) إلى عالم المتزوجين ومسراته! يعثر على فتاة لديها من الصفات ما يفي بشروطه المثالية، فيبدأ حلمه يلوح في أفق الواقع!, في تلك الأثناء يتنامى إلى أسماعه خبر مفاده أن خطيبته لديها صفتان فريدتان من نوعهما: الأول منهما تكمن في شجاعتها المتناهية التي لا يضاهيها سوى (شجاعة الشجعان!)، بينما تتمثل الصفة الأخرى في كرمها الحاتمي منقطع النظير!, يفكر ويقدر فيبادر باتخاذ قرار بالتنصل من جميع تعهداته مجهضا بذلك مشروع الزواج.
حسنا، هل سوف تصدق فيما لو قيل لك أن (فلانا من الناس) قد (فعل ما سبق ذكره!) فقط لأنه وجد المرأة شجاعة وكريمة؟ وفي حال صدقت خبرا كهذا فما الخطأ إذاً في كون المرأة شجاعة كريمة؟,, هل هو خوف الرجل من أن تقوم بتبذير أمواله,,, خوفه من شجاعتها، وبالتالي عجزه عن التعبير عن انفعالاته (الإنسانية!) معها مستقبلا، خصوصا فيما لو كانت وقتها في المطبخ (تهذِّي البصل؟!).
تماما (وكما أعتقد أنك تعتقد!)، فما سبق صياغته آنفا من خيالات وتساؤلات تبدو في الحقيقة غريبة كل الغرابة، بيد انها رغم غرابتها ذات جذور وجذور في ثقافتنا العربية، حيث تعارف العرب الأوائل على تجنب الاقتران بالمرأة الشجاعة السخية! ولماذا؟!,, إليكم الاجابة، حيث ذكر الإمام الصفدي مؤلف كتاب الغيث المسجم ، ص412 413، موضحا أسباب تفضيل ثقافة عرب زمانه لخلتي الجبن والبخل في المرأة,, إنهما صفتان محمودتان في النساء مذمومتان في الرجال، لأن امرأة إذا كان فيها شجاعة ربما كرهت بعلها فأوقعت به فعلا أدى إلى هلاكه أو تمكنت من الخروج من مكانها على ما تراه لأنها لا عقل لها يمنعها مما تحاوله، وإنما يصدها عما يقتضيه عقلها الجبن الذي عندها والخوف، فإذا لم يكن لها مانع من الجبن اقدمت على كل قبيح، وتعاطت ما تختاره إقداماً منها على ما يأمرها به عقلها,,,, وإذا كانت المرأة كريمة سمحة جادت بما في بيتها فاضر ذلك بحال زوجها ومتى علم منها الجود بما يطلب منها ربما حصل الطمع فيها بأمر آخر وراء ذلك,,,، وبالجملة، فما حمد أحمد من العقلاء كرم المرأة ولا شجاعتها .
ولمزيد من التأكيد والاقناع، يورد الصفدي عدداً من القصص والأشعار المأثورة ذات الصلة بموضوع شجاعة المرأة، من ضمنها قصة شرحبيل بن الخريت وزوجة له اشتهرت (بالشجاعة!), ففي ليلة من الليالي وبينما كانا نائمين كاد ثعبان أسود هائل الحجم أن ينهش شرحبيل لولا أن زوجته قد استيقظت صدفة وبكل هدوء أخذت بحلق الثعبان وخنقته حتى الموت ثم رمت به جانبا وغطت في النوم, في الصباح وعندما أتى والد شرحبيل ليوقظه من النوم هاله منظر الثعبان الميت فتساءل عمن قتله؟,, فبادرته الزوجة قائلة: أنا ولو كان أشد منه قتلته! فبادر الأب ابنه قائلا: يا شرحبيل خل عنها فهي للرجل أقتل!,, فطلقها شرحبيل! .
حتى الشعراء لم يتوانوا عن التوجد (عليها!) جبانة بخيلة، مما يجعلك تستشف أن جبنها وبخلها ليسا سوى شرطين من شروط كمال (انوثتها!)، فهذا شاعر يصرخ في عجز بيت له وكله قناعة بأن: ,,, جود النساء يعد في البخل! ,,, وهذا آخر تحس به ولكأنه (ينزهها!) عن سخاء النساء الذي لا يعادله بالقبح حسب سياق قوله سوى بخل الرجال:
تنمى إلى القوم جادوا وهي (باخلة) والجود في (الخود) مثل الشح في الرجل! |
ختاماً، ما رأيك أنت؟ هل ترى أن الفتاة الشجاعة السخية مؤهلة لتكون فتاة أحلام أم فتاة (كوابيس؟!),,, ما مدى عدالة وصحة موقف أوائلنا تجاه شجاعة وكرم المرأة؟,, بل، من منكم، أيها الرجال، يفضلها وحسب لغة عصرنا هذا (جريئة!) كريمة,,؟!
للتواصل: 4206 رمز 11491 الرياض
|
|
|
|
|