خُيِّل إليَّ أن الحر يتكلم,.
وهو يرسل لسعاته تصطلي جسد الإنسان,.
هذا الإنسان الذي يحسب أنه لا يُقهر,, يقهره الحر,, بمثل ما يقهره الشتاء,.
المواسم هي محك للإنسان بين أن يَقدر وأن لا يَقدر
حتى وهو يُعمل كلَّ طاقاته الفكرية، والابتكارية كي ينتج ويخترع ويصنع ما يقيه الحرارة، أو يحميه من البرودة,.
تراه في الصيف يتأفف، ويخلع عنه ثيابه، ويبدِّلها في اليوم لأكثر من مرة، وتراه في الشتاء يتقرفص داخل رتل من الملابس يحمي نفسه دون أن تصل لذعات البرودة إلى جسده,.
وهو في الربيع,, ينطلق بخفة، يدق الأرض دقّاً، ينغمس في معطيات الربيع وكأنه هو الذي يتحرك فتتحرك النسمة والزهرة معه,.
هذا الإنسان,.
حين تأتيه سلطة المواسم تكون اللحظات التي أتملَّى فيها كيف يتصرف هذا الإنسان,,؟!
الإنسان يحتاج إلى أن يفهم نفسه أكثر مما يحتاج إلى أن يفهم سواه,.
والإنسان يحتاج إلى أن يتعرف إلى ما هو خارجه، ويحترم خصوصية كلِّ شيء يتضافر فوق الأرض مع الآخر كي تتكون منظومة الحياة.
الحياة ليست هو فقط,.
وإلا,.
هل كان للإنسان أن يحيا في تجرد من كل ما حوله؟,.
هل كان له أن يتآلف مع ما حوله لو كان هو سيد كلِّ شيء؟
حين يمتنع عنه الماء، أيمكنه أن يعطش ويمارس البقاء دونه؟
وحين يشح الغذاء أيمكنه أن يجوع ويمارس العيش دون الأكل؟
وحين يكون الزمن نهاراً أبديّاً ألا يحتاج إلى ليل يسكن فيه، ووقت يهجع إليه؟,,.
وعندما يكون الزمن ليلاً سرمدياً ألا يحتاج إلى نهار ينشر فيه، ويرى فيه ما حوله ويسعى إليه؟,.
حين يحرُّ ألا يشتهى البرد؟، وحين يبرد ألا يسعى إلى الدفء,,
وحين يأرق ألا يتمنى النوم، وحين ينام ألا يرغب في اليقظة؟,.
كل الذي هُيِّئ للإنسان في الحياة هو لكي تتكامل الحياة,.
بمثل ما يفيد الشتاء في زمهريره وثلجيَّته جسد الإنسان، ويجدد خلاياه، ويساعده على التحديث الداخلي,,,،
بمثل ما يفعل الصيف في زمهريره وحرارته في جسد الإنسان من التعقيم والتطهير والتخليص لما فيه,.
ألا يلمس الإنسان أنه بعد كلِّ موسم يشعر بشيء من التغيير في مزاجه، ونشاطه، وحركته؟
ألا,,.
فلا تزجّوا بأنفسكم أمام قرص الشمس,.
لأن الحرص على تطهيرٍ أكبر,, ربما يكون دافعاً للموت,.
فلا تموتوا عند رغبة التطهير,.
لأن ثمة أساليب كثيرة تستطيعون اختراعها لمثل هذا الأمر,.
بمثل ما تخترعون أساليب وطرق تُخلِّصكم من قيظ الحر,.
أو زمهرير الشتاء.
|