| الاقتصادية
يعيش العالم المعاصر عصر التكتلات الاقتصادية الكبيرة، وهذا ما يدعونا الى التفكير بجدية في ضرورة اقامة تعاون اقتصادي وتكامل اقتصادي يجمع عالمنا الاسلامي.
فالتعاون الاقتصادي طريق الى التنمية الاقتصادية وهو مطلب شرعي، إذ على المسلمين أن يقوموا به ويعملوا على تحقيقه وفق الموارد المتاحة، ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب، يقول عزوجل: (وتعاونوا على البر والتقوى,,) المائدة/2, ويقول سبحانه وتعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة,,) الأنفال/60.
ومن المعلوم أن التعاون الاقتصادي يعتبر احدى صور التعاون المطلوب شرعا، فالقوة الاقتصادية مثلا لا تبنى إلا على أساس اقتصادي متين.
ويُعدّ التكامل نوعا من التعاون الاقتصادي إلا أنه اعمق في أساليبه ودرجته، إذ يشير التكامل الى عملية توحيد الدول للوصول بها إلى وحدة واحدة.
وبعض الاقتصاديين يرى أن كافة مظاهر التعاون في مجال التنمية الاقتصادية يمكن أن تسمى تعاون أو تكامل أو تكتل على أساس أنها لمعنى واحد.
بيد أن التكامل الاقتصادي يعرف على أنه تنسيق يقوم وفق معايير معينة منها، الغاء التمييز بين الوحدات الاقتصادية للدول.
وتتمثل مراحل هذا التكامل فيما يلي: منطقة التجارة الحرة، فالاتحاد الجمركي، فالسوق المشتركة ثم الاتحاد الاقتصادي، ثم الاتحاد الكامل، حيث يتم الغاء القيود الجمركية بين الدول الأعضاء، وتوحد التعرفة الجمركية، وتُلغى القيود على انتقال عناصر الانتاج وتوحد السياسات الاقتصادية.
أما العالم الاسلامي فهو يتميز بالامتداد الجغرافي الواسع، واطلالته على معظم بحار العالم ومحيطاته، وله اتصال بالغرب من خلال المحيط الأطلسي وكذا بالشرق من خلال المحيط الهادي، وأيضا بالجنوب من خلال المحيط الهندي, ويوجد بالعالم الاسلامي أهم المضايق العالمية من مثل مضيق باب المندب، ومضيق جبل طارق، ومضيق البوسفور والدردنيل, كما أن العالم الاسلامي تتعدد مظاهره المناخية وتتنوع.
ولذا، فالعالم الاسلامي يمتد على مساحة جغرافية واسعة, وينتج العالم الاسلامي الكثير من المحصولات الزراعية، ويوجد به الكثير من المعادن، مما جعل العالم الاسلامي متميزا من ناحية الأهمية الاقتصادية.
أما المسلمون، فهم يتوزعون على القارات الخمس، ولكن الغالبية العظمى منهم تتركز في قارتي آسيا وأفريقيا، وحسب آخر الاحصاءات فإن تعداد سكان العالم الاسلامي يكون قد وصل الى حوالي مليار نسمة.
ووفقا لبعض الاحصاءات العالمية فإن العالم الاسلامي ينتج 70% من بترول العالم، وينتج طاقة كهربائية لا تقل عن تلك النسبة، و68% من القطن الخام، و100% من المطاط الطبيعي، و40% من خام الحديد، و64,5% من البوكسيت، و48% من النحاس، و89% من المنجنيز، و92% من الكروم، و36% من الفوسفات، و93% من القصدير.
كل هذه الامتيازات للعالم الاسلامي، وهذا العدد من السكان، وهذه المساحة البالغة 25 مليون كم مربع، تستدعي ضرورة اقامة نوع معين من التكامل او الاتحاد أو التعاون أو التكتل أو المناطق المشتركة.
وحقيقة الأمر، فإن التكتل الاقتصادي للعالم الاسلامي ما زال غائبا، على الرغم من بعض الاتفاقيات التي تمت من خلال الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي وغيرهما، من مثل: اتفاقية الوحدة الاقتصادية بين دول الجامعة العربية، واتفاقية السوق العربية المشتركة، واتفاقية التعاون الاقتصادي بين دول المغرب العربي.
إلا أن هذه الاتفاقيات لم توضع بعد موضع التنفيذ، والدليل على ذلك غياب التنسيق، اضافة الى ضعف التعامل التجاري بين البلاد العربية ومحدودية حجمه، وغير ذلك، مما يؤكد غياب التكامل الاقتصادي للعالم الاسلامي حتى الآن، وان كانت المحاولات التي يقوم بها مجلس التعاون لدول الخليج العربي، والبنك الاسلامي للتنمية، والغرفة الاسلامية للتجارة والصناعة وتبادل السلع، وصندوق التضامن الاسلامي وغيرها، تبشر بخير إن شاء الله في المستقبل القريب.
إن التكامل الاقتصادي للعالم الاسلامي له ايجابياته، إذ يهيىء للعالم الاسلامي سوقا متسعة بل إن العالم الاسلامي يصبح أكبر سوق على مستوى العالم، ومن المعلوم أن الصناعات تحتاج الى سوق واسعة حتى يكون انتاجها اقتصاديا.
فالتكامل الاقتصادي للعالم الاسلامي ينبغي أن يستهدف الدعوة الى الوحدة الاسلامية وتدعيمها كهدف ديني، وكذا المساهمة في التقدم الاقتصادي للعالم الاسلامي والقضاء على تبعية العالم الاسلامي وتحقيق الاستقلال الاقتصادي للمسلمين، كهدف اقتصادي.
إن التكامل الاقتصادي للعالم الاسلامي يستمد مشروعيته من دعوة الاسلام للمسلمين للتعاون والوحدة والأخوة التي في مجالات النشاط الاقتصادي، وجوانب الحياة الاقتصادية, ومن المتفق عليه بين الفقهاء هو حرية التجارة بين الأقاليم الاسلامية كما أشار الى ذلك أحاديث كثيرة، منهالا يدخل الجنة صاحب مفلس مما يعني منع فرض رسوم جمركية على تجارة المسلمين حيث لا مبرر لذلك، إذ أن مال المسلم سوف يخضع لالتزام مالي رئيسي هو الزكاة وفرض المكس أو الرسوم الجمركية يعني تكرار الالتزام المالي على مال المسلم.
وختاما، فمن الأمور اللازمة لاقامة تعاون اقتصادي أو تكامل اقتصادي للعالم الاسلامي:
1 تزامن التنسيق السياسي مع التكامل الاقتصادي.
2 زيادة حجم التعامل التجاري بين البلاد الاسلامية.
3 ازالة العوائق أمام انتقال عناصر الانتاج.
4 تخفيف القيود التجارية والغاء القيود الجمركية.
5 توحيد السياسات الاقتصادية وكذا القرار السياسي المشترك.
6 انشاء سلطة عليا للمتابعة والتقويم.
إعداد: د, زيد بن محمد الرماني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود عضو الجمعية الدولية للاقتصاد الإسلامي
|
|
|
|
|