| عزيزتـي الجزيرة
إن ديننا الحنيف دين تكافل اجتماعي، الكلمة واحدة، والصف واحد فيهم الغني والفقير، والكبير والصغير، والسيد والمسود الى غير ذلك من الأصناف ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخريا فسبحان ربي إذ جعل الناس طبقات في كل شيء إذ لو كانوا طبقة واحدة لتعطلت كثير من المصالح، ولم يتسخر بعضهم لبعض قال ابن القيم رحمه الله فلو أغنى خلقه كلهم لأفقرهم كلهم، فمن يرضى لنفسه امتهانها في الصنائع التي لا قوام للعالم إلا بها,, والشارع الحكيم جعل لكل صنف من هؤلاء حقا على الآخر فللفقير حق على الغني، قال صلى الله عليه وسلم عندما أرسل معاذاً الى اليمن وعلمه بما يأمرهم قال: فإن هم أطاعوا لك بذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم ، وكذلك الصغير والكبير قال صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعطف على فقيرنا ,
وهذا كله مصداق لقوله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر فوصف المؤمنين المنطبق عليهم وصف الإيمان بالجسد الواحد لما تحويه قلوبهم من هاتين الصفتين العظيمتين المودة والرحمة المتدرجتين تحت الأخلاق المثلى التي هي عماد الأمم وقوام الشعوب وهي باقية ما بقيت أخلاقهم، وتلك حقيقة مسلمة, وإن مما يؤسف على بعض المسلمين اليوم بُعدهم عن هذه الأخلاق فجلس أحدهم على كرسيه يستقبل طلبات الوظائف من هؤلاء الذين يبحثون عن الوظيفة فجعل أمامهم عقبات اشترطها فردّ حديث التخرج من الجامعة لعدم الخبرة، وأنّى تكون له خبرة وهو لم يتوظف؟!، وردّ خريج المعاهد والثانويات لعدم الكفاءة والتأهل أو قبل أحدهم ولكن بمخادعة لكي يستقيل بنفسه فيلجأ هو الى استقطاب العمالة الأجنبية بحجة عدم من يستوفي الشروط، فقدم له هذا الأجنبي خدمة، وقابل ذلك بأضرار للمجتمع أضعاف تلك الخدمة، ولعل هذا يتضح جليا في المؤسسات والشركات, فأقول لهؤلاء أجمع ان توظيف هؤلاء الشباب فيه فائدة عظيمة حيث تحمي المجتمع الإسلامي من اشكال الانحراف ومن امراض الضعف الحضاري، وحتى يستمر هذا المجتمع في قوته وعطائه، كما ان فيه حماية للشباب المسلم من نقاط الضعف التي جُبل عليها فيلجأ اليها إبان فراغه، وكما يكفي ان الأغلب في حالهم الأمانة والصدق, وعلى العموم أذكّر بقوله صلى الله عليه وسلم المؤمن مرآة المؤمن، المؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه ، فكم في مساعدة هؤلاء الشباب في تحصيل وظائفهم من تنفيس كرب أحاطت بهم خاصة وان ذلك حديث المجتمع هذه السنوات، مع ان من يتوكل على الله فهو حسبه وكفى بالله حسيبا, وقال صلى الله عليه وسلم: من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة , وشتان بين كربتي الدنيا والآخرة,, الحديث وفيهوالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه فهذا عهد من الله ومن أوفى بعهده من الله, كما اني أوجه اخواني الشباب الى الجد والاجتهاد والبحث عن العمل، فمن الناس من رزقه في البر أو البحر أو في الجو أو الكهوف والمناجم هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه فاحذر التقاعس والكسل لأجل مدينة تريدها, قال ابن القيم رحمه الله: وليست نفائس البضائع إلا لمن امتطى قارب الاغتراب وطوّف الآفاق حتى رضي في الغنيمة بالإياب فاستلان ما استوعره البطالون وأنس بما استوحش منه الجاهلون, فعلى الشباب بالتوكل على الله الذي بيده الأرزاق ثم يفعل الأسباب ولما في الكسب الحلال من خير عظيم ولما فيه من حفظ الوجه من ذل السؤال قال ابن المسيب: لا خير فيمن لا يطلب المال يقضي به دينه ويصون به عرضه ويقضي به ذا حاجة فإذا مات تركه لمن يرثه من بعده ويكفي في ذلك قصة عبدالرحمن بن عوف في بحثه عن الرزق وترفُّعه عن ذل السؤال مع الحاجة الملحة حيث قدم المدينة فقال دلوني على السوق فبدأ بالتجارة في الشيء اليسير حتى بلغ امره ان سمع في المدينة رجة ورجفة فقيل ما هذا قيل سبعون راحلة دخلت المدينة موقرة بالدقيق والبر والطعام كلها لعبدالرحمن بن عوف, دخل المدينة فقيرا حتى كان زواجه فيها بربع دينار وتاجر ونمّى ماله حتى تصدق ذات مرة ب40,000 دينار، ومات فبلغ ميراثه ثلاثة ملايين دينار.
ليتذكر كل شاب ان كل مهنة تدر عليه رزقا حلالا تغنيه عن الناس فهي مهنة شريفة، وكل مهنة يحتقرها الناس ويزدرونها ويحقرون أهلها إذا أتت برزق حلال فهي شريفة مقارنة بذل السؤال, وقبل الختام أقول في الحقيقة كم يفرح القلب حينما نرى شبابا من بلادنا تقلدوا كثيرا من الأعمال التجارية من بيع في محلات تجارية او خضروات وفاكهة وغيرها.
أسأل الله أن يكفينا بحلاله عن حرامه وان يغنينا بفضله عمن سواه والصلاة والسلام على رسول الله وآله.
عبداللطيف بن محمد آل عجلان الرياض
|
|
|
|
|