|
| محليــات
منذ يومين والعالم بأسره يتابع الاعلان عن وضع خريطة مبدئية للجينوم البشري، أي للمخزون الوراثي الكامل في الخلية البشرية، الذي ينظم مختلف وظائف الجسم.
وقد اعتبر هذا الانجاز العلمي المدهش من اهم الانجازات التي حققها الانسان حتى الآن، إذ لا يقل أهمية عن الصعود الى القمر أو اكتشاف المضادات الحيوية واللقاحات وقد تحقق هذا العمل بالتعاون ما بين (مشروع الجينوم البشري) العالمي ومؤسسة سيليرا لبحوث الجينوم التي يرأس فريقها البحثي الدكتور كريج فنتر الأمريكي الجنسية، الحائز على جائزة الملك فيصل العالمية في العلوم.
لقد بدأ مشروع الجينوم البشري الذي يشترك فيه اكثر من ألف باحث من كبار العلماء قبل عشرة أعوام تحت اشراف معاهد الصحة القومية الامريكية والمعهد القومي لبحوث الجينوم البشري ووزارة الطاقة الامريكية في الولايات المتحدة ومؤسسة (وِلكَم) الخيرية في بريطانيا، اضافة الى اثنتي عشرة دولة مورثة في الخلية البشرية، مما يتطلب سَلسَلَة حوالي ثلاثة ونصف بليون قاعدة نتروجينية ومن ثم فك شفراتها ورموزها وتخزينها في قواعد معلوماتية، علاوة على وضع الضوابط الاخلاقية والقانونية والاجتماعية المرتبطة بأبحاث المورثات البشرية وكل ذلك بهدف الاستفادة من هذه المعلومات لتخفيف معاناة الانسان وتحسين مستوى حياته وأحواله الصحية في ارجاء العالم.
أما مؤسسة (سيليرا) فهي اكبر مركز بحثي في القطاع الخاص يعني بسلسلة المورثات وقد ابتدع الدكتور كريج فنتر الذي يقود العمل البحثي في هذا المركز طريقة رائدة لسلسلة المورثات بسرعة فائقة مكنته من انجاز اول سلسلة كاملة للشفرة الوراثية في كائن حي قبل حوالي خمس سنوات,واعقب ذلك قيامه بفك الشفرة الوراثية في عدد من الكائنات الاخرى تعقيداً، وتمكن قبل اشهر قليلة من انجاز سلسلة كاملة للمورثات البشرية, وبفضل الطريقة التي ابتكرها هذا العالم العبقري اصبح بالامكان حاليا سلسلة حوالي الف زوج من القواعد النتروجينية في الثانية مما ادى إلى اسراع عظيم في اعداد الخارطة المبدئية للمورثات البشرية.
وتقديرا لهذا الدور العظيم، منح الدكتور فنتر جائزة الملك فيصل العالمية في العلوم هذا العام، وكان منحه هذه الجائزة اول تقدير علمي عالمي من مستواها يناله ذلك العالم الجليل, وقد حضر فنتر وزملاؤه من الفائزين الاخرين الاحتفال الكبير الذي اقيم في الرياض لتسليم الجوائز في الرابع عشر من شهر صفر لعام 1421ه كما القى محاضرة في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والتقى بالعديد من العلماء والباحثين في العاصمة السعودية.
الجدير بالذكر ان جائزة الملك فيصل العالمية قد اصبحت في طليعة الجوائز العالمية الكبرى، ويكفي للدلالة على ذلك ان خمسة من الفائزين بها قد منحوا لاحقا جوائز نوبل في العلوم والطب، وهم الدكتور جيرد بينج والدكتور هنري روهرر والدكتور جنتر بلوبل والدكتور احمد حسن زويل وانطلاقا من حرص امانة الجائزة على توفير المعرفة حول الانجازات العلمية الكبيرة للفائزين بها فانها ستصدر قريبا كتابا بعنوان (مقالات في العلوم والطب) يتضمن اضافة االى البحوث الرائدة لبقية الفائزين سردا علميا وافيا لبحوث الدكتور فنتر التي ساهمت في الكشف عن الخريطة الوراثية للانسان كما ستقوم الجائزة بترجمة ذلك العمل الى اللغة العربية ونشره تباعا تعميما للفائدة.
|
|
|
|
|
