| الثقافية
* جدة حوار : جميل الفهمي
الاستاذ محمد علي قدس أحد القاصين السعوديين المعروفين في الساحة الأدبية من خلال إصداراته التي منها على سبيل المثال لا الحصر كتاب بعنوان حوار الأسئلة الشائكة وصدر سنة 1402ه ومجموعته القصصية ما جاء في خبر سالم وصدرت سنة 1995م، ويعد الآن كما يقول لعمل روائي كبير سيكون تجربته الأولى في عالم الرواية كما ذكر لنا في طيات هذا الحوار المتشعب.
وقد كان السؤال الأول عن إقلاله في الكتابة حيث أجاب قائلا:
فيما يتعلق بقلة ما أكتب ليس سببه العزوف عن الكتابة او الاعتزال وإنما هي وقفة محارب فكما أتوق للكتابة واتشوق إليها اشتاق للقراءة كثيراً,,, إضافة الى أن الكاتب بحاجة لكي يعيد حساباته ويحرص كثيرا على أن يكون انتاجه اكثر اتقانا وتميزا,, والكاتب الجيد حقيقة هو الذي يقرأ أكثر مما يكتب,, والكتابة للقصة كتابة من نوع خاص وتحتاج الى شيء من الحميمية,, وبالنسبة لي أبالغ في هذه الحميمية والالتصاق بالنص حتى أصبح له أسيرا قبل أن أنفذه كنص بمكوناته وعناصره على الورق وهذا يأخذ وقتا وهذا أهم اسباب قلة الإنتاج، لأن الكا تب الجيد لابد أن يكون لصيقا بالنص اثناء الكتابة وقبل الكتابة وبعد إنشاء النص.
* أيضا هنا سؤال عن قلة إصداراتك الأدبية؟
وسبب قلة الإنتاج أيضا قلة الكتابة وآخر ما صدر لي كتاب حوار الاسئلة الشائكة الذي صدر عام 1402ه وآخر مجموعة صدرت في القاهرة عن دار الاهرام وهي مجموعة (ما جاء في خبر سالم) وقد صدرت عام 1995م، ومشغول هذه الأيام بمشروع عمل روائي لا أدري متى انتهي منه، وهي تجربتي الاولى في كتابة الرواية وأطلقت على العمل مبدئيا اسم (على ابواب سويقة) وهي رواية ترصد الحياة في مكة حيث إنها تفاصيل لحكايات الحارة القديمة,.
اما المجموعة القصصية الجديدة فهي لم تكتمل وان كنت اتوقع ان تصدر خلال الشهور القادمة.
واود ان أشير الىاني احاول من خلال الرواية والمجموعة توظيف الزمن والتاريخ لكي يلعب دور البطل في العملين.
* معروف عنك التعاون مع الإذاعة هل ما زال هذا التعاون قائما؟
تعاوني مع الاذاعة تعاون مستمر ومثمر وهو يفوق كثيرا تعاوني مع التلفزيون الذي يتسم بالقلة والندرة ومنذ عام 1395ه وأنا مستمر في تعاوني مع الاذاعة وذلك من خلال اعداد البرامج الثقافية والأدبية والتمثيليات الاذاعية ودورات الإذاعة منذ سنوات لا تخلو من اعداد برنامج او برنامجين,, حاليا اعد للاذاعة ومنذ ثلاث سنوات برنامج (قصة من الأدب السعودي) ويحظى بمتابعة المستمعين واعجابهم وفكرة البرنامج قائمة على اختيار نص قصصي من الادب السعودي أحوله الى نص درامي تمثيلي وألقي الضوء على تقنياته الفنية وكاتبه من خلال رواية نقدية واضحة,, كما قدمت خلال دورة شهر رمضان الماضي برنامجا تمثيليا يوميا بعنوان (تمرة وجمرة) لقي متابعة واسعة من المستمعين حيث انه منبثق من حوار داخلي من قلب البيئة والحارة وهذا البرنامج أعطيه خلاصة تجربتي في القصة تذوقا وإبداعا.
* لك برنامج إذاعي بعنوان قصة من الادب السعودي ماذا أعطاك؟
برنامج قصة من الادب السعودي الاذاعي اعطاني الفرصة لمتابعة ما يصدر من انتاج قصصي مطبوع في هيئة مجموعات او ما ينشر في الصحف والمجلات والدوريات وقد نميت من خلال اعدادي للبرنامج الذائقة الأدبية والرؤية النقدية ضمن مواهبي وقد اكتسبت هذه الذائقة اضافة الى مقدرتي على الكتابة الإبداعية، ولا انكر انني احيانا اتدخل بشكل لا ارادي في صناعة حوارات من داخل النصوص التي اتناولها دون ان يكون لها وجود في النص اصلا وهذا ما يصنعه صُناع سيناريوهات السينما حين يقومون بتحويل الأعمال الادبية القصصية الى نص سينمائي مدهش.
* كواحد من القصصيين السعوديين ما رأيك في القصة السعودية؟
القصة السعودية تطورت كثيرا وكتّاب القصة في بلادنا لا يقلون إبداعا وتميزا عن الكتاب البارزين في الساحة الأدبية العربية بدليل ان دور النشر العربية والعالمية تقوم بنشر انتاج كتاب القصة والرواية في بلادنا والكثيرمن انتاج هؤلاء تحقق كتبهم الإبداعية مؤشرات عالية في مبيعاتها وانتشارها ومعظم او لنقل: عدد كبير من الشعراء والنقاد والمفكرين اتجهوا نحو السرد وألفوا روايات هي في الواقع مؤشر حقيقة لنجاح وتطور العمل القصصي، فالقصة تستحق هذا الاهتمام لأنها التي تجمع الكثير من الفنون، وهو دليل على انها ديوان العرب الجديد, الجميل في هذا كله ان التطور المشهود في الساحة الثقافية للقصة ليس مقياسه الكم والانتاج الزاخر وانما هو تطور في الادوات والرؤى.
* كيف تنظر الى العلاقة بين الاندية الأدبية والصحافة؟
العلاقة بين الاندية الادبية والصحافة الأدبية علاقة جيدة ومثمرة وانا بالفعل أشيد بالدور الذي تقوم به هذه الصحافة حيث ان الدور متكامل بين الجانبين كل جانب مكمل للجانب الآخر حيث ان ما تقدمه الاندية الادبية من نشاطات حوارية وقرائية ونثرية يشكل مادة أساسية في عطاء الصحافة الثقافية وان كانت بعض الاقلام في الصحافة تحاول تشويه هذه العلاقة بإفساح المجال لانتقاد الاندية انتقادا لا يقوم على أدلة وبراهين وفيه الكثير من التجني على الاندية، وكم كنت اتمنى ويتمنى كل مسؤول في الاندية الادبية ان تكون العلاقة مع الاجهزة والقنوات الاعلامية الاخرى واقصد الاذاعة والتلفزيون على نفس المستوى من التعاون والعطاء وقد بحثنا في المؤتمر الاخير لرؤساء الاندية الادبية كيفية الوصول الى علاقة مثمرة مع هذه القنوات الاعلامية بشكل يخدم الساحة الثقافية والرسالة الاعلامية لهذه القنوات.
* كواحد من الذين اشرفوا على بعض الصفحات الادبية كيف ترى وضع المشرف على الصفحة؟
انا لا ألوم المشرفين على تحرير الصفحات الثقافية والملاحق الأدبية لأنهم يقومون بعبء كبير وقد خضت هذه التجربة سنوات عديدة عانيت فيها كثيرا لأن من يتولى هذه المهام لا بد ان يكون حياديا ومنصفا ولا بد ان يفتح أبوابه على جميع الاتجاهات حتى لا يكون احادي التوجه يعطي اهتمامه للجميع، وخلال الفترات التي اشرفت فيها على ثقافة جريدة البلاد كان هناك صراع يكاد يخلط جميع الاوراق بين تيارين متشددين احدهما يميل للتحديث والانقلاب على جميع الاشكال التقليدية للأدب والآخر لا يرضى بغير التمسك بالقوالب القديمة لأنها الجذور وغلق جميع الابواب التي تهدف للتغيير والذي لا يحسن ادارة الحوار بين الجانبين يفشل ويلقى العداء من الطرفين.
* القراءة وقود الكاتب ماذا تقرأ الآن من أجل استمرار العطاء ؟!
في الوقت الحاضر أقرأ كتابين في آن واحد في أوقات مختلفة الاول رواية صدرت قبل أعوام ليوسف القعيد بعنوان (لبن العصفور) لم يتسن لي قراءتها لعدم تواجدها بين يدي فوجدت انها عمل سردي يستحق القراءة,, الكتاب الآخر هو لاستاذي الناقد الكبير الدكتور منصور الحازمي وقد صدر ضمن سلسلة كتاب الرياض التي تصدر عن مؤسسة اليمامة الصحفية (جريدة الرياض) وهو بعنوان (سالف الأوان) وهو يضم مجموعة مقالات وبحوث قصيرة للدكتور الحازمي في الرواية والقصة والادب السردي وسأعترف لك بشيء وهو انني اعتدت الا اتخير ما أقرأ وانما اقرأ ما تقع عليه يدي من كتب لذلك فكما قرأت الجيد قرأت الرديء أيضا,, لأن مغريات القراءة لا تقف عند حدود معينة.
* الإنسان عادة يتأثر بما يقرأ بمن تأثر محمد علي قدس؟
الكتب التي تأثرت بها كثيرة خاصة في بداياتي وفي سنة أولى أدب تحديدا قرأت معظم أعمال نجيب محفوظ الروائية وقصص وكتب توفيق الحكيم وروايات يوسف السباعي اما الاعمال السعودية التي تأثرت بها فهي أعمال استاذي واستاذ كتاب القصة السعودية الاوائل وغيرهم الاستاذ أحمد السباعي اما الادب العالمي فأعمال فولتير وجي دي موباسان والفونس دوديه وتشارلز ديكنز وكان لها تأثيرها في حياتي الأدبية واعود واكرر ان هناك اكثر من عمل تأثرت به أو احدث في نفسي أثرا استفدت منه في تجربتي رغم انها كانت اعمالا سيئة او رديئة.
* الكاتب يعجب بزميله من يعجبك من الكتاب السعوديين؟
اكثر من اديب في ساحتنا الثقافية أعجب به واعجب بكتاباته وانتاجه الفكري والابداعي ولا اريد ان احدد اسماء حتى لا يكون هناك حصر لا يعطي الوجه الحقيقي لما تريده من خلال الإجابة على سؤال كهذا، فالاسماء التي تعطي في الساحة الثقافية وتبرز بشكل جيد في مشهدنا الثقافي كثيرة وتستحق الاعجاب.
* ومن الكتاب العرب من يعجبك؟
وأعتقد ان نفس الإجابة ستكون عن الاسماء العربية التي اعجبت بها كروائيين ونقاد ومبدعين واعلام الثقافة والادب العربي كثيرة إلا ان بعض الاسماء لا اجد احراجا في ذكرها لأنها تربطني بها علاقة توطدت بالاعجاب كالاستاذ الكبير الطيب صالح وطاهر وطار وجمال الغيطاني وعلي عقلة عرسان والبياتي وبلند الحيدري رحمهما الله وجابر عصفور والدكتور محمد جابر الانصاري وغيرهم.
* ما هي انسب الاوقات لك للاطلاع؟
الوقت الذي اخصصه للقراءة هو الصباح الباكر فأنا أبدأ يومي بقراءة القرآن الكريم بقدر ما استطيع ومن ثم أقرأ ما اشاء من الكتب ثم اختم بتصفح وقراءة الصحف بشكل سريع وقراءاتي تستغرق ساعتين يوميا, واحيانا يزيد هذا الوقت في ايام اقرأ فيها قبل النوم خاصة اذا كان هناك ما يشدني للقراءة ومن الاشياء التي استفدت منها في تجاربي وخبراتي انني التحقت بدورة تعليمية تعلمت فيها كيف تقرأ في اقل من الوقت الذي تستغرقه القراءة العادية.
* كيف تقاوم المغريات التي تبعد الإنسان عن الكتاب؟
التذرع بحجة ان هناك الكثير من المغريات التي تصرف الإنسان عن القراءة حجة باطلة فالغرب الذي صنع القنوات الفضائية وما يبث عبر شبكات الانترنت وغيرها لم تصرفهم عن قراءة الكتاب واقتنائه، لأن الكتاب صديق قديم للإنسان في تلقي المعلومات والاستزادة من المعارف، إلا أننا نبالغ في تأثير هذه المغريات على قراءاتنا لأننا اصلا لم نكن على علاقة جيدة بالكتاب، لذلك لم يكن هناك مجال للحد من تأثيرات القنوات الاخرى لأنه لا وجود عندنا او عند الذين لا يقرأون اهتمامات قرائية او علاقة وطيدة بالكتاب,, لذلك كان تأثير القنوات الفضائية على سلوكياتهم وثقافتهم.
* الا تتفق معي في أن الرواية السعودية نصيبها أقل من غيرها؟
على العكس تماما، قد يكون هذا قبل سنوات عندها كنت اوافقك الرأي، اما في الوقت الحاضر فالانتاج الروائي للروائيين السعويين انتاج ثر ومتنوع بل ان الكثير من الكتب الروائية التي صدرت مؤخرا داخل المملكة وخارجها لروائيين سعوديين حققت جوائز أدبية عربية وجوائز محلية اضافة الى احتفال الساحة الثقافية العربية بهذه الأعمال,, هذا في الوقت الذي لابد ان نعترف فيه أن المناخ الروائي غير صحي في بلادنا لأن العمل الجيد خاصة في الرصد التاريخي والاجتماعي لا يقبل نصف الحقيقة مهما كانت الاسباب.
* ما مدى التنسيق بين نادي جدة الادبي وزملائه بقية الاندية؟
التنسيق بين الاندية الأدبية قائم على مبدأ التعاون والعمل المشترك لأن الدور الذي تقوم به الاندية دور متكامل ويؤدي رسالة واحدة وان اختلفت الوسائل والادوات من ناد لآخر,,، ومن اهم اهداف اجتماعات الاندية الادبية السنوية التي تعقد في بداية كل عام اضافة الى انها تقويم لما قدمته من عطاءات في عام مضى فإنها تنسق للدور الذي تقوم به من نشاطات في الساحة الادبية لتحقيق اهداف الدولة وخدمة الوطن, لذلك فالتعاون والتنسيق قائم ومتكامل للعمل على تطوير اداء الاندية، بالحوار والتشاور وتبادل المعلومات.
* ما هي أبرز نشاطات نادي جدة الادبي هذا العام؟
طبعا خلال هذا العام سيحتفي النادي بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسه وتأسيس الاندية الادبية لأنه النواة الأولى للأندية وستحظى هذه المناسبة باهتمام المسؤولين في النادي وعلى رأسهم الاستاذ عبدالفتاح ابومدين رئيس النادي الذي يعد برنامجا يليق بهذه المناسبة العزيزة,, كما ان النادي سيبدأ موسمه الثقافي الجديد لعام 1421ه بندوة (قراءة النص) وهي ندوة نقدية متخصصة يشارك فيها نخبةمن النقاد والباحثين المهتمين بالدراسات النقدية وقراءة النص، أما عن هيكل البرنامج الثقافي لهذا العام فهو يتضمن أمسيات قصصية وشعرية ومحاضرات مختلفة بالاضافة الى الكثير من الأوراق التي ستقدم للملتقى الثقافي وستثري الحوار الثقافي وتسهم في اشتعاله.
* ترى ماذا ينقص الساحة الثقافية في بلادنا؟
الساحة الثقافية في بلادنا لا ينقصها سوى ان يكون هناك مناخ جيد يسودها ويسود العلاقات بين الأدباء فالحركة الادبية بخير لأن لدينا نخبة نفتخر بعطائها وانتاجها الادبي، كما اننا بحاجة الى ان تؤدي هذه النخبة دورها بحيث يكون هناك حوافز لكي يعطى ادباؤنا أكثر ومبدعونا يواصلون الابداع بشكل افضل والأمل في عودة جائزة الدولة التشجيعية في الأدب التي تفكر الدولة مجددا في اعادة تقديمها بعد دراسة جيدة لنظامها بحيث يشمل جميع الكوادر الوطنية المتميزة في عطائها وابداعها,, وفي اعتقادي ان الجائزة سيكون لها اثرها الفعال في دفع مسيرة الحركة الادبية نحو التطور والنمو بما يخدم ثقافة وفكر البلاد.
* وفي الختام ماذا تقول للشباب الأدبي؟
اوجه كلمتي الأخيرة لشبابنا فالاندية الادبية متهمة بإهمال المواهب الابداعية الشابة ومقصرة في اعطائهم الفرص ليأخذوا دورهم في تنمية الحركة الادبية علما بأن الاندية لم تقصر في دورها نحو الشباب,, إلا أن شبابنا يطرقون جميع الابواب ولا يسعون للأندية,, ونحن في نادي جدة الادبي حققنا ما يدعو للرضا لتشجيع المواهب الشابة بطبع انتاجهم واشراكهم في نشاطات النادي وتقويم انتاجهم كما ان فكرة الملتقى الادبي في النادي قائمة على اعطاء المواهب الشابة الفرصة لطرح آرائهم وأفكارهم لأننا نخطط بالفعل لمستقبل أدباء الصف الثاني.
|
|
|
|
|