لو أردنا أن نتحدث عن تعاليل الشعر لما استطعنا أن نشبع نهم استفساراتنا المتعطشة لإجاباتٍ تنعكس على واقع قصائد شعراء جيلنا الحالي,.
حيث أجمع الكل على أن القصيدة كوحدة فنية متكاملة لا تخرج عن إطار المشاعر والأحاسيس المتدفقة,.
فإذا كنا لا نشعر إلا بالرغبة في استعطاف المحبوبة واستجدائها والتغزل بها وبجمالها بصورة غير متكاملة,, فإننا لن نستطيع أن نستشف وجه الشاعر بصورته الحقيقية في معظم تلك القصائد,.
وأعني بالغزل غير المتكامل الذي يظل مأسوراً للمفردة المستهلكة والمعنى التقليدي,, ولا تتكامل صورة هذا الغرض إلا عندما يتم مزجه بالوصف الذي يتيح للشاعر فرصة التقاط الصور الطبيعية والكتابة عنها كماهي,, وكأن قريحته أداة تصوير لما حوله,, فالقصيدة لابد أن تكون كضوء القمر انعكاس للمصدر الحقيقي,, وأنا أجزم أن جميع الشعراء يضعون في حسبانهم هذا الشيء ولكنهم ينفذونه من خلال زاويةٍ ضيقة,, حيث ما يزالون يقعون تحت وطأة المتداول,, فعندما يشبه احدهم وجه محبوبته فإنه يشبهه بالقمر,, وعندما يصف رشاقتها فإنه يشبهها بالغزال,, والعين في كل الأحوال سوداء,, دعجاء,, وكأن لسان حال المتابع يقول: إن محبوبة جميع الشعراء امرأة واحدة لم تتغير!! بل ربما عجز خيالهم أن يسع امرأة أخرى بالرغم من أن شريعة الخيال تحلل أكثر مليون امرأةٍ للشاعر الواحد,, فلماذا الدوران في فلك واحد؟! الشاهد أن جيلنا الحالي من الشعراء يفتقد لفن الوصف الذي يعتبر وقود الشاعر نحو الشروع في كتابة القصيدة ومن المؤسف أنه أصبح من أقل الأغراض الشعرية استخداماً وهذا يؤثر على صورة الشاعر الذي أرى أنها مهددة بالانشطار في ظل تجاهل هذا الفن العميق لسحره,, والرائع بجماله,, إخواني القراء,, هذه دعوة مني لقراءة ألفية الشاعر الراحل / محمد بن عمار وتأملوا كيف يبدع الشاعر في الوصف بالرغم من أنه يتغزل بمفاتن المرأة,, لدرجة أنه وصف ساق محبوبته في أحد الأبيات بعرق الأرطاة ولكم أن تتصورا الحال التي عليها شعراؤنا في هذا الجيل,, ودمتم بخير وعافية.
نقطة أخيرة:
أخي: محمد الغبيشي الغامدي:
أشكر لك عظيم امتنانك على تعقيبك لمقالي السابق وأعتز برأيك الناضج وأظل مديناً لمشاعرك الصادقة التي قلتها في شخصي المتواضع,, شكراً لك من الأعماق ياأخي الكريم,.
سعود البديري
|