| الاقتصادية
عقدت في دولة البحرين الشقيقة ندوة علمية عن الجوانب القانونية للتجارة عبر الشبكات الالكترونية خلال الفترة من 2021 يونيو 2000م التي نظمتها دائرة الشؤون القانونية بوزارة شؤون مجلس الوزراء والاعلام بدولة البحرين,, وقد حضرها نخبة من المستشارين والمحامين والخبراء من دول مجلس التعاون الخليجي والدوائر القانونية بالبنوك والغرف التجارية والبنوك المركزية ومؤسسات النقد لدول مجلس التعاون الخليجي، ولفيف من الخبراء من الدول العربية وعدد من الخبراء من الدول الأوروبية والمستشارة القانونية للجنة الأمم المتحدة للتجارة.
لقد زخرت الندوة العلمية بالمعلومات والحوار الهادف البناء والمناقشات الحيوية حول التطورات التي حدثت باستخدام التقنيات الحديثة في أساليب العمل المصرفي والتي انتهت بالتطور المذهل الذي تحقق بسبب الثورة الكبرى في عالم الاتصالات والتي أصبحت من الاحتياجات الأساسية للمجتمعات التي تنشد التطور والرقي، ذلك من خلال استخدام التعامل البنكي الالكتروني كنتاج حتمي للتطور الذي حدث في مجال الخدمة الالكترونية عبر الانترنت,, وهو تطور قسري ان جاز التعبير,, علينا أن نسايره شئنا أم أبينا لندخل في عالم التجارة الحرة الذي لا مجال فيه للمتخلفين عن ركب التطور التقني لمواكبة الطفرة الاتصالاتية والمعلوماتية التي عمت العالم الذي أصبح قرية يستطيع المرء ان يجوب أطرافه واقطاره القاصية في بضع ثوان عن طريق الاتصالات الالكترونية والانترنت، وقد كان موضوع الندوة الرئيسي هو الجوانب القانونية للتجارة الالكترونية .
ان الأوراق التي طرحت والحوار الذي شهدته أروقة المؤتمر قد فتحت الآفاق للمهتمين بالشؤون القانونية والمصرفية في بلدان دول مجلس التعاون الخليجي للوقوف على أحدث ما توصلت اليه تقنية المعلومات بادخال العمل المصرفي عبر الشبكات الالكترونية، كما أتيح للمشاركين الحوار حول الأطر القانونية التي تنظم ذلك العمل في البلدان التي سارعت بتطبيقه,, وقد تداول المشاركون في الندوة من خلال العرض والمداخلات قانون الأونسترال النموذجي بشأن التجارة الالكترونية الذي اعتمدته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي بقرارها رقم 151/162 بناء على تقرير اللجنة السادسة A/S/628 وقد استهدف ذلك القانون تنمية التجارة الدولية بغية تأمين الضمان القانوني عند استخدام التجهيز الآلي للبيانات في التجارة الدولية اقتناعا منها بأن وضع قانون نموذجي يساعد على استخدام التجارة الالكترونية ويمكن أن يكون مقبولا لدى الدول ذات الأنظمة القانونية والاجتماعية والاقتصادية المختلفة ويمكن أن يساهم بدرجة كبيرة في تحقيق تنمية علاقات اقتصادية لا تشوبها المخاطر بقدر الامكان.
لقد شهد عام 1995م ولادة أول بنك على شبكة الانترنت وسرعان ما التحقت به مؤسسات بنكية أخرى تعمل من خلال الانترنت الكترونيا حيث تقدر عدد البنوك العاملة على الانترنت ب200 بنك وفقا لتقرير ON LINE BANKING وستزداد حتما أعداد البنوك التي ستدخل في العمل عبر الانترنت,, وبالرغم من ذلك تعتبر التجربة ما زالت في مهدها وفي مبتدئها ولكنها وبكل تأكيد تتوسع وتشهد تطورا كبيرا يفرضه ايقاع الحياة الحديثة التي أصبحت بعد الثورة في مجال الاتصالات سمة وضرورة من ضرورات العصر وان الاتجاه للدخول في مضمار التعامل عبر هذه التقنية حتمي ولا مفر منه اذا أردنا أن نكون داخل المنظومة العالمية للتجارة الدولية في ظل العولمة.
وقد استعار أحد المشاركين في الندوة عبارة شكسبير نكون أو لا نكون To BE OR NOT TO BE مؤكدا على أهمية اللحاق بركب التطور التقني ونصح بنوك دول مجلس التعاون الخليجي أن تأخذ مكانتها من خلال التعامل الالكتروني لمواكبة التطور الذي تشهده الساحة الدولية في هذا المجال.
وتبقى المشكلة هي وضع الآليات والضمانات التي تؤمن انسياب حركة التعامل البنكي الالكتروني وتفادي المخاطر حيث إن التجربة ما زالت وليدة وأن تستفيد دول مجلس التعاون من تجارب الآخرين في وضع الأطر القانونية الملائمة للظروف البيئية والاجتماعية والعرفية للدخول في هذا الخضم ولا سيما ان الاحصاءات تقول بأن هنالك بعض المشاكل التي حدثت على المستوى العالمي للمصارف الالكترونية وان اختراق أنظمة الحاسبات عبر بث رسالة حب التي أطلقها أحد المغامرين العابثين وآثارها ما زالت ماثلة في الأذهان.
ولا يعني غياب النصوص أن تقف المؤسسات البنكية في دول الخليج على الرصيف تنتظر اصدار التشريعات القانونية، بل يفضل ان تدخل التجربة قبل صدور التشريعات القانونية التي تغطي تلك المعاملات نظر لأن العمل التجاري قائم على العرف الذي يعتبر سابقا على القانون التجاري المكتوب وهو المرجعية الأساسية في ظل غياب النص المكتوب.
وقد أكد المشاركون في الندوة ان السعي للعمل المشترك من جانب دول مجلس التعاون الخليجي لاصدار قانون نموذجي للتعامل البنكي الالكتروني هام جدا ويستحب أن تسعى الجهات المعنية بالأمر للبدء في سن التشريعات التي تنظم التعاملات البنكية الالكترونية خاصة ان المنطقة مقبلة على الاندماج في اتفاقيات التجارة العالمية الحرة في حين أن البنوك لا ينبغي لها أن تقف منتظرة حتى يتم سن التشريعات وعليها أن تبادر بالتعامل الالكتروني مستفيدة من التجارب التي حدثت خاصة تجربة البنوك السنغافورية التي بدأت العمل الالكتروني قبل صدور التشريعات حيث صدرت التشريعات والقانون المنظم للعمل البنكي الالكتروني في سنغافورة بعد أن قطعت البنوك هنالك شوطا كبيرا في التعامل الالكتروني، وقد حظيت تجربة القانون الذي صدر في سنغافورة استنادا على قانون الأمم المتحدة سابق الاشارة قانون الأونسترال النموذجي بقدر وافر من الدراسة والبحث في الندوة وهما يمثلان قاعدة جيدة ومرجعا مفيدا لسن التشريعات المماثلة حيث إنه قد كفل الضمانات والحماية للمتعاملين مع البنوك الالكترونية وتلك البنوك بما يحفظ حقوق الجميع ويحمي مصالحهم,, لذلك فإن سن التشريعات والقوانين أمر هام جدا وعنصر مساعد لاستقرار العمل في هذا القطاع الاقتصادي الحيوي ولا سيما أن اشكال القرصنة وانعدام الضمير والمغامرين الذين يخترقون سرية المعلومات والشفرات الأمنية للمعلومات في شبكة الانترنت تكون سببا في زعزعة الثقة والحماس للتعامل عبر البنوك الالكترونية.
وقد شجع المشاركون في الندوة التوجه بأن تبادر دول مجلس التعاون لوضع التشريعات حيث اقترح ذلك الأخ الدكتور ابراهيم العيسى خلال فترة الاستراحة بأن تتبنى البنوك والغرف التجارية ومؤسسة النقد العربي السعودي عقد ندوة أخرى في الرياض بالمملكة العربية السعودية لاستكمال جوانب البحث في اعداد التشريعات القانونية للبنوك الالكترونية,, وقد بدأت دولة البحرين فعليا في الاعداد والدراسة تمهيدا لاصدار التشريعات,, كما أشار الأخ الصديق الدكتور عبدالعزيز الدخيل نائب رئيس مجلس الوزراء السابق بدولة الكويت بأنه يعمل على إعداد مشروع مسودة لذلك القانون بالتنسيق مع الإخوة في دولة البحرين لتوحيد الأفكار حول تلك التشريعات تمهيدا لتقديمها للاستفادة منها عند اعداد القانون الخليجي الموحد للبنوك الالكترونية.
كما نرى أنه ربما يكون من المفيد البحث والتفكير، اذا اقتضى الأمر، في تشكيل محكمة خاصة للفصل في المنازعات التجارية الالكترونية يتولاها قضاة مختصون.
ولكي يتسنى للبنوك أن تدخل هذا المجال فإن الأمر يتطلب التهيئة النفسية والاعلامية لتنوير المتعاملين ولتعريفهم بهذا النظام الالكتروني البنكي المستحدث، فالاعداد الاعلامي مهم جدا لاستقطاب المتعاملين عن طريق البنوك الالكترونية,, كما يتعين اعداد الكوادر المؤهلة بمستوى رفيع في البنوك لمواكبة ومسايرة التطور في الخدمات البنكية وخاصة أن المنطقة مقبلة على الدخول في خضم العولمة,, وأن تكون لدى البنوك الكفاءات ذات المستوى الرفيع من القانونيين وموظفي الخدمات البنكية الدولية المتميزين,.
وبذلك يقل هامش المخاطر ويساعد البنوك على أن تتعامل مع رصيفاتها من بنوك العالم وهي تقف على قاعدة صلبة.
|
|
|
|
|