| مقـالات
لا يزال الإنسان العربي يحاول فك طلاسم ما فعله عامل مشرحة جامعة صنعاء المدعو محمد آدم، و(المتهم) بالقتل التسلسلي للعديد من طالبات الجامعة المذكورة, هذا وقد تباينت آراء الصحف والمجلات العربية حيال هذه الجريمة، فمنها ما ألقى بالمزيد من الخوف والرعب في قلوب القراء طمعاً بما تحويه (جيوبهم!)، ومنها ما غرز قلم (التشنج) وصب جام الغضب على (المتهم) بالقتل بل دعا إلى (الانتقام!) منه وتقطيعه إربا إربا حتى قبل محاكمته!، ومن تلك الصحف ما غاص في تفاصيل هذا المستنقع ونقل الأحداث بغثها وسمينها وتناقضاتها, هذا وعلى الرغم مما أحدثته تلك المواقف الصحفية من تأثيرات (صحفية!) فإن عدم تعاملها مع الحدث بهدوء وروية وعلمية قد قلل من فرص سبر غور أسبابه وقرائنه وحيثياته، مما حال دون اشتقاق واستقراء دروس وعظات لما قد يستجد بالمستقبل من حوادث من هذا القبيل.
في البدء، إليكم قصة مماثلة اقتبستها من كتاب باللغة الانجليزية، راجيا أن تلحظوا (التشابه الصارخ!) بين تلك القصة، وما سوف أورد لاحقا من حيثيات تدور حول قصة سفاح العرب (المتهم), حسنا، تقول القصة إن المدعو (بيانشي) سفاح أمريكي قتل بين عامي 1977 و1987 الميلاديتين ما يقارب من 13 فتاة من سكان مدينة لوس انجليس, علامته المميزة في القتل تتمثل في عثور المحققين على جثث الضحايا عارية، مغتصبة، مخنوقة، مقيدة اليدين، ومرمية على تل من التلال المحيطة بالمدينة, بعد إلقاء القبض على السفاح وبعد تنويمه مغناطيسيا، اتضح ان لديه ازدواجاً بالشخصية: شخصية (ظاهرية) تتسم بالهدوء والأدب والبشاشة، وشخصية مغايرة تتصف بالعدوانية والشهوانية والرغبة في الانتقام, الشخصية الأخيرة أماطت اللثام عن حقائق حدثت في طفولة القاتل، وبالتحديد عندما كان يبلغ من العمر تسع سنوات، من ضمنها ما نجم عن انفصال والديه وعيش هذا الطفل في كنف والدته التي أساءت معاملته، بل انخرطت في متاهات الدعارة إلى الدرجة التي كان يسمع وهو طفل ما يدور خلف الكواليس بين أمه والعديد من الرجال يومياً, الغريب ان القاتل قد أوضح أنه كان ملتزما دينيا ولديه زوجة لم يمسسها بأذى قط، إضافة الى أنه اعتاد احتساء كميات كبيرة من الشراب يوميا,, باختصار وحسب الكتاب المذكور فهذا السفاح قتل من قتل من النساء (الداعرات) انتقاماً من أمه (الداعرة).
أعود الآن، الى ما فعله سفاح صنعاء (المتهم) محمد آدم، راجيا مرة أخرى ملاحظة تشابه ما ترجمت (بتصرف) من قصة السفاح الأمريكي وقصة هذا السفاح العربي, حسنا، محمد آدم مثله مثل سفاح أمريكا تعرض لحوادث مؤلمة في طفولته والتي من ضمنها أنه عندما كان يبلغ من العمر 6 سنوات فجع برؤية والدته وهي تمارس جريمة الزنى مع رجل غريب، لتتطور الأحداث بقدوم والده وقتله الرجل الزاني بفأس ومن ثم تقطيع جثته ودفنها بعيداً عن الأنظار, تماماً مثل نظيره الأمريكي محمد كذلك تعرض بطفولته لعنف وقسوة والدته,, كان لديه زوجة لم يطلها منه أي ضرر,, كان مواظبا على الصلوات المفروضة، ومثله كذلك كان يحتسي الخمر يوميا.
في الوقت الذي كان السفاح الأمريكي يقوم بإغراء ضحاياه ومن ثم تعريتهن، واغتصابهن، وخنقهن وهن مقيدات الأيدي، فرميهن على تلة من التلال,, محمد، أيضا كان يغري ضحاياه من طالبات كلية الطب واعداً إياهن ببقايا جثث (للتشريح)، ومن ثم يقوم باغتصابهن فقتلهن ومن ثم تقطيع أجسادهن وإخفاء القطع في بالوعات المجاري بالمشرحة، وكل ذلك انتقاماً من والدته (الزانية) كما يدّعي.
ما هو، يا ترى القاسم المشترك بين سفاح العرب والسفاح الأمريكي؟,, بالطبع، ورغم أنف اختلاف الثقافات، تربية منحرفة,, وماذا يعني انحراف التربية؟ يعني: تأصل سلوكيات منحرفة,, فقاتل منحرف محترف,, فثمن يدفعه الأبرياء من الأحياء,,!!
هامش:
Yablonsky, L.)1990(. Criminology: crime and criminality. New York:Harper and Row,pp.145-148.
* للتواصل: ص ب 4206 رمز 11491 الرياض.
|
|
|
|
|