| الاخيــرة
الحمد لله، من قبل، ملهم الحقّ لعباده الصالحين، ألهم قادةَ بلادنا دوما دبلوماسية العقل والرأي السديد، ليقودُوا سفينةَ علاقاتنا الدولية باقتدار من عزّ الى عزّ، وجاء توقيع معاهدة ترسيم الحدود الدولية مع الجمهورية اليمنية الشقيقة قبل اسبوعين ليشكّل انتصارا جديدا للدهاء السياسي على واحدة من أعتى وأعند قضايا عصرنا العربي الراهن المثخن بجراح التاريخ والجغرافيا وتناقض الاجتهادات والأولويات في تقدير وتقرير المصائر والغايات.
***
* ثم الحمد لله، من بعد,, ان حققت هذه المعاهدة فوزا ساحقا للدبلوماسية السعودية اليمنية الهادئة الهادفة، حكّمت العقل، واستهدت بالحلم، وبنت حكمها على الرأي الرشيد لتضع بذلك حدا قاطعا مانعا لحقبة طويلة من الصراع الهادىء حينا، والهادر أحيانا، حتى لقد ظنَّ كثيرون، في أكثر من زمان ومكان، من فرط قنوطهم، ان حل هذه القضية يستعصي على العقل,, بل إنه قد يكون ضربا من المستحيل!
***
* وأخيرا، رست معجزة ترسيم الحدود الدولية مع اليمن الشقيق على رصيف الوفاق والطمأنينة والسلام، بعد رحلة عنيدة وشاقة وطويلة جدا، استمرت أكثر من نصف قرن تخللها ماراثون سياسي ودبلوماسي وفني معقّد بين الرياض وصنعاء، وكنّا,, وكان العالم معنا، يترقّب اشراقة فجر الحل الودي بين الأشقاء، على نحو مشرّف وعادل ودائم، ويكون جسراً من المحبة والثقة تتلاحم من خلاله آمال وطموحات الشعبين الشقيقين,, وتتعانق على ضفافه أحلام الجيلين في كلا البلدين نحو غد واعد بالتفاهم والتعاون والخير العميم.
***
* التهنئة الخالصة لقيادتي البلدين الشقيقين، فقد صدقتا ما وعدتا به، لتعبرا بالقضيّة بوابة محكمة العقل والرؤية الأخوية الحكيمة بعيدة المدى وصولاً إلى حل يُرضي بدهيات السياسة والسيادة والقانون، ويخدمُ مصائر ومصالح الشعبين، وينهي حالة من الشك والخُلف والقلق، فُتنت به نفوس كثيرين زمناً طويلا!
***
* ان السعودية واليمن عينان في جبين انسان هذه الجزيرة المترامية الأطراف، وان تعاونهما على البر والتقوى طموح كل متّزر بالعقل، وكلّ ناشدٍ للحق، وكلّ محبِّ للخير والسلام!
***
* أما نحن في المملكة العربية السعودية,, أرض القداسات والبطولات والتضحيات فمن حقّنا أن نزهو بهذا الانجاز الدبلوماسي الرائع لقيادتنا!
* به تشرئبُّ أعناقنا وتطول قاماتنا,.
* وعنه يتحدث مؤرخونا وباحثونا ومحللونا السياسيون الآن وكل آن.
* ومن خلاله، نثبت للعالم قاطبة ان قادة هذه البلاد وحماة مصيرها قادرون بعون الله وفضله على اذابة جليد المستحيل في التعامل مع قضايانا المحلية والعربية والدولية بهمّة المؤمنين، وعزم الرجال، وشجاعة الشجعان!
***
* وأخيراً,, من حقّنا في هذه الأرض الطيبة أن نفخر بما تحقق في جدة,, لأن معاهدة ترسيم حدودنا الدولية مع الشقيقة اليمن، تجاوزت بمعانيها ومعاييرها الكثير من الحواجز والاعتبارات:
فهي ليست مجرد اتّفاق يحسمُ خلافا طويلا تقاسمه التاريخ والجغرافيا,, وتباين الناس اجتهادا في تفسيره وتأويله وتحليله، زمنا طويلا.
وهي ليست مجرد وثيقة جمع مدادها ارادة جارين عربيين ينشدان الحقَّ والعدل والسلام.
وهي ليست وصفة وفاق من سطور وخطوط وأرقام، تقنن الانتقال سلما من حال الى حال.
* انها، فوق هذا وذاك، صراط قوي من تفاؤل يذيب اليأس,.
* ومن يقين يبدّد الشكّ,.
* ومن محبةٍ تؤصل الثقة والتعاون خدمةً لهدف مشترك، فيه صلاح أمر الشعبين والبلدين!
* انمعاهدة جدة ستدخل التاريخ المعاصر من أوسع أبوابه، ليس في هدفها أو مضمونها فحسب، ولكن في منهجيّة انجازها، رغم قسوة النّهج، وتعدد أطرافه ومنعطفاته ومفاجآته!
* والأهم من هذا كله، انها جاءت لتوفّر على الأجيال القادمة في كلا البلدين جهودا عظيمة وموارد أعظم كان يمكن ان يستنزفها استمرار الخُلف بينهما، فيصرف هذه الأجيال عن مواجهة أعباء الحاضر وأحلام المستقبل!
* * *
تهنئةً من الأعماق خالصةً لشعبي البلدين الشقيقين، ولقيادتهما الأمينة,, ولكلِّ من خطا شبراً أو خطّ حرفا، أو بذل جهدا تحقيقا لهذا الانجاز الدبلوماسي والسياسي المبين!
|
|
|
|
|