| المجتمـع
* تحقيق : مروان عمر قصاص
خلال الأيام القليلة القادمة تشهد أسواق الخضار والفواكه في كافة مناطق ومدن المملكة تدفق كميات كبيرة من خيرات مروجنا الخضراء المعطاءة التي تنتشر وهي متنوعة ومتعددة ومن ابرزها منتجات التمور التي تميز المنتجات الزراعية في المملكة باعتبار بلادنا إحدى الدول المتميزة بإنتاج التمور بكميات ونوعيات نادرة إضافة إلى العنب والتين والرمان والتين الشوكي والشمام وغير ذلك من النعم التي نسأل الله دوامها وحفظها علينا، ولكون التمور من أهم المنتجات الزراعية والبعض يعتبرها ثروة وطنية فسوف نركز من خلال هذا التحقيق على المعوقات التي تؤثر سلبا على هذا المنتج وتصيب المزارعين العاملين في مجال زراعتها بشديد الإحباط وهم يجدون تعبهم وجهدهم يضيع ويسلب منهم حق مكتسب.
ففي الأعوام الماضية شهدت أسواق التمور والرطب بالمدينة المنورة وهي إحدى المناطق المتميزة بزراعة النخيل تدنيا شديداً في اسعار الرطب لعدة اسباب منها ما هو طبيعي كشدة الحرارة خلال الصيف ومنها ما هو مفتعل مثل تلاعب الشريطية بالاسعار وفرض نسب عالية على المزارعين وبهدف الوصول إلى الأسباب الحقيقية لهذه المشكلة التي تهدد إحدى الثروات الرئيسية فقد حاولنا استقراء العديد من الآراء من المختصين ومن المزارعين والمهتمين بهذا الجانب ونسأل الله التوفيق في هذا المجال.
رأي المزارعين
يقول الشيخ / حسين الغري أحد كبار المزارعين بمنطقة المدينة المنورة بداية لابد من التنويه بالدعم الكبير والمتواصل الذي تقدمه حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله والمتمثل بالقروض الميسرة والإعانات والتسهيلات التي ساهمت في تحقيق زيادة رأسية وافقية تمثلت بزيادة الرقعة الزراعية وتحديث أساليب الإنتاج، وأضاف الغري ان المشكلة التي تؤثر على المزارعين وخاصة مزارعي النخيل ومنتجي التمور هي التسويق الذي يحد من استفادتنا من الجهد المبذول والأموال التي نهدرها لتحسين وتطوير إنتاجنا لترويجه وكسب المال المناسب ورغم الجهود التي تبذلها العديد من الجهات الحكومية لتحسين أساليب التسويق لمصلحة المزارعين ورغم ما يبذله الأخوة أعضاء جمعية أصدقاء النخلة في هذا المجال إلا أن أوضاع التسويق ما زالت مشكلة تواجهنا في كل موسم فنحن المزارعين نتعب طوال العام ونتحمل مصاريف العمالة التي تشكل عبئا علينا على مدار العام ولا نستفيد منها إلا في الموسم وهو ما يقارب ثلاثة إلى اربعة اشهر إضافة إلى مصاريف العناية بالمحاصيل طوال العام وعندما نطرح إنتاجنا في الاسواق نجد من يسيطر على جهدنا ويسلبه منا جهاراً نهارا أقول يسلبه!!
ولا يشاركنا به فقط بداية من الدلال الذي يتولى النداء على المنتجات الزراعية والذي يأخذ 12% من سعر البيع ومرورا بضيق الأسواق وعدم توفر مستودعات مخصصة لحفظ الإنتاج وانتهاء بمضايقات أخرى تسبب لنا إحباطا.
ويطرح الغري اقتراحات مناسبة للحد من هذه المعوقات ومنها اعتماد نظام من وزارة الداخلية بخصوص العمالة الزراعية يسمح بتبادل هذه العمالة النظامية بين المزارعين بدلا من تحمل مصاريفهم طوال العام، والعمل على تحديد نظام موثق ومدروس للدلالين يشتمل على تحديد مسؤوليات وواجبات الدلال وتحديد رسوم معقولة للدلال مقابل النداء على المنتجات الزراعية، مساعدة المزارعين على صيانة معداتهم الزراعية بتدريب العمالة وتوفير التقنية اللازمة للصيانة في المناطق الكبيرة حيث ان المزارعين يتحملون نفقات باهظة في أعمال الصيانة، مواجهة نفقات نقل المنتجات الزراعية التي يتحملها المزارع الذي ينقل منتجاته بسيارته الخاصة وعلى مراحل وذلك بالعمل على إنشاء شبكة نقل خاصة يشترك بها المزارعون برسوم ميسرة لنقل كافة المنتجات الزراعية إلى الأسواق ، وكذا العمل على تنشيط مراكز الأبحاث والاتصال بالمزارعين لمناقشة الآراء والأفكار الجديدة لتطوير الإنتاج الزراعي وتنميته بشكل مدروس بعيداً عن العشوائية والتجارب التقليدية.
جمعية أصدقاء النخلة
ويقول الأستاذ/ خالد غوث أحد كبار المزارعين ومن مؤسسي جمعية أصدقاء النخلة بالمدينة المنورة ان هذه الجمعية تطوعية ويشارك بها عدد من كبار المزارعين في مجال النخلة وعدد من المختصين والمهندسين الزراعيين وتتركز أهدافها على توحيد الجهود وتنمية الفكر العلمي لخدمة زراعة النخلة والعناية بها وتشجيع البحوث والدراسات الهادفة إلى تطوير زراعة النخيل وتنميتها وقد نجحت الجمعية ولله الحمد في إنجاز العديد من الانشطة والتوصيات الجيدة التي تصب في مصلحة المزارعين إلا أن هذه التوصيات والتي نعتبرها آمالا كبيرة وأحلاما جميلة لا يمكن ان تتحقق ما لم ندعمها جميعا وتحظى بمباركة ودعم من الجهات الرسمية لأن هذه الجمعية كما قلت تطوعية تقترح وتطرح حلولا ولكن تنفيذها يقف على مدى تجاوب الجهات الحكومية عليها ونحن مؤمنون بان دعم الدولة أعزها الله للقطاع الزراعي كبير ومتواصل ولا يمكن تجاهله لأنه الأساس في النقلة الكبيرة التي شهدها القطاع الزراعي بالمملكة واستعرض غوث بعض عناصر هذا الدعم وقال ان الدولة اعزها الله تقدم قروضا بمعدل (200) ريال للنخلة و (10) ريالات لحفر الجورة وإعانة التمور بمعدل ربع ريال للكيلو جرام من الأصناف الجيدة مثل الخلاص والسكري ونبوت السيف ورزيز والبرني والحلوة والروثانه والعجوة والعنبرة إضافة إلى تخفيض رسوم الشحن في الداخل والخارج وغير ذلك من الإعانات الأخرى، واشار غوث إلى أن الجمعية أعدت دراسة مستوفية حول التسويق ومعوقاته باعتباره من أكثر المعوقات التي تحد من نشاط المزارعين وتسبب لهم إحباطا والذي أرجوه وكافة أعضاء مجس إدارة الجمعية أن تجد المقترحات التي اشتملت عليها ورقة العمل تجاوبا من المسؤولين ونحن على ثقة بمشيئة الله من تحقيق هذا التجاوب.
وللمسؤول رأي
وبهدف احتواء كافة جوانب الموضوع وبعد أن أخذنا آراء المزارعين وأعضاء جمعية أصدقاء النخلة لابد وأن نتعرف على رأي المسؤول وهو ما رحب به مدير عام فرع الزراعة والمياه بمنطقة المدينة المنورة المهندس / مصطفى بن محمد بلول الذي شكر للجزيرة تبنيها لهذا الموضوع المهم متزامنا مع بدء موسم تسويق المنتجات الزراعية وخاصة التمور والرطب وقال بلول: ان حكومتنا الرشيدة رعاها الله تحرص اشد الحرص على مواصلة جهودها المكثفة في سبيل تعميق التنمية الزراعية بالمملكة حيث حقق الإنتاج الزراعي قفزات كبيرة كنتيجة لهذه الجهود المبذولة بسخاء, وانطلاقا من هذه الحقيقة التي يعيها الأخوة المزارعون فان وزارة الزراعة وبمتابعة معالي الوزير تسعى لتذليل كافة العقبات التي تحد من انسيابية تطور القطاع الزراعي وتقف وراء كافة المقترحات والآراء لتحقيقها وفق إمكاناتها وقال بلول : إن فرع الزراعة بمنطقة المدينة المنورة يتابع كافة الأمور المتعلقة بتطوير الإنتاج الزراعي بصفة عامة وإنتاج التمور بصفة خاصة بالتنسيق مع العديد من الجهات مثل أمانة المدينة المنورة وفرع التجارة وغيرها لتحديد الأساليب الكفيلة بتذليل أي عقبات كما أن الفرع يشارك باجتماعات جمعية أصدقاء النخلة ويتابع قراراتها ويسعى لدعمها ومؤازرتها، وقال إن الفرع يتابع باستمرار عملية تحسين أوضاع الاسواق المخصصة لترويج المنتجات الزراعية وتوفير مستودعات مخصصة لحفظ الإنتاج بعيداً عن حرارة الطقس والمؤثرات الأخرى إضافة إلى متابعة احوال مصانع التمور في المنطقة للعمل على تطويرها وتحديث إنتاجها وإتاحة الفرص لها بالاستفادة من تخفيض رسوم الشحن الجوي لتصدير منتجاتهم إلى خارج المملكة وأكد بلول أن إدارته ستولي اهتماما كبيراً بتحسين أوضاع التسويق الذي يلتهم جهد المزارعين وذلك بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة والمهتمة بهذا الشأن ونسأل الله أن نصل إلى حل مناسب يرضي كافة الأطراف.
|
|
|
|
|