| مقـالات
لأكثر من مرة أشاهد لقطات من الفيلم العربي (الصرخة) لنور الشريف وما زلت كلما رأيته أشعر بالدهشة ذاتها والانبهار ذاته وأجد الكثير من الأفكار تتدافع في مخيلتي,.
أجمل الأفلام هي تلك التي تحكي لك حكايات غير مباشرة من خلال الأحداث المباشرة والعادية والتي تراها امامك عبر الشاشة,, نور الشريف شاب اصم وأخرس,.
هو عالم وحده يجد الظلم، والاحتقار والتصغير من الآخرين ولا يجد أذنا صاغية ممن حوله,, والكثير منهم يكاد يجرده من إنسانيته ويرى فيه كائنا مجردا من الاحاسيس والمشاعر لا يختلف عن أي حيوان ضئيل!
وبناء عليه فهم يتهكمون ويسخرون منه ويطلقون عليه التعليقات والضحكات ويتهمونه زورا ويمضون ويتركونه لقهره وغيظه ودموعه الصامتة ولاءاته المخنوقة!!
هذا الانسان الاخرس هو رمز جلي واضح لكل انسان ضعيف لا حول له ولا قوة يفتقد وسيلة الدفاع عن نفسه فلا يجد امامه الا قامات تدير ظهورها وتصم آذانها عن صرخاته ونداءاته! ولا يجد في هذا الخضم قلباً حانياً ولا أذنا تصغي ولا يدا عادلة,,!!
وهكذا يتكاثر الطامعون به والاستغلاليون والصغار,, اللاإنسانيون ليعلقوا اقترافاتهم وأخطاءهم عليه فهو الجانب الأضعف وهم الجانب الأقوى,, الاقوى لانهم يملكون حواسا جيدة للسمع والنطق ولذا يستقبلون ويرسلون متى ما ارادوا,, اما ذلك الذي لا يملك قدرة على التفاهم مع الآخرين إلا باشارات الاصابع واليدين فهو الجانب المستضعف ,, لكن حساباتهم تبوء بالفشل فمن ظنوه ليس الا كائنا حيا يدب على الأرض كان قادراً على الأخذ بالثأر واسترداد حقه ولذا كان انتقامه أيضاً ليس سهلاً,, بل مريعا وغير متوقع,,! لقد صبر طويلاً وآن له ان يقول كلمته وأن يحطم ذلك الجدار الفاصل بينه وبين عالمهم!
الفيلم يبث رسالة قوية صارخة تقول بان الظلم لا يدوم وان ذلك الكائن الذي تظنه ضعيفا واهناً وغير قادر قد يأتيك منه ما لا تتوقع,.
وأخيرا وهو الأهم أنك لا تستطيع مهما أوتيت تجريد انسان من إنسانيته ومن حقه في الحياة وفي الحب وفي الفرح,.
وأنك لابد أن تتحمل مسؤولية ما اقترفته يداك يوماً عاجلاً أو آجلاً
|
|
|
|
|