أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 25th June,2000العدد:10132الطبعةالاولـيالأحد 23 ,ربيع الاول 1421

وَرّاق الجزيرة

ملاحظات تاريخية
كتاب تاريخ عسير بين الحقيقة والتزوير!!
فائز بن موسى الحربي
يستكمل الأستاذ فايز الحربي في هذه الحلقة بيان أوجه النقد في الكتاب المسمى تاريخ عسير؛ المنسوب إلى ابراهيم الحفظي؛ وتحقيق محمد البشري في طبعته الخامسة كما هو مدون على غلاف الكتاب؛ فقد وجه الحربي مجموعة من الملحوظات والنقدات للتشكيك في هذا الكتاب؛ وهاهو يستكمل حديثه؛ مع العلم بأننا على موعد في الأيام القادمة مع عدد من الكتب التاريخية سيخصها الأستاذ الحربي بالنقد عبر وراق الجزيرة .
ثامن عشر: ذكر في ص 44 أن الشيخ الحفظي أفرد كتاباً تاريخياً هاماً عن الشيخ محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب، أسماه: الروض المستطاب في ترجمة الامامين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب .
أقول، ولم تذكر مصادر الشيخ الحفظي التي أشرنا اليها في البداية أي شيء عن هذين المصدرين!!
تاسع عشر: يبدو أن مؤلف الكتاب الذي يسمي نفسه محققاً يهدف الى تلميع الصورة التاريخية لعسير قبل دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، حيث يقول في هامش ص 44 في تعليق خداعي واضح على العبارة المنسوبة للشيخ الحفظي في المتن وهي قوله عن مجيء الشيخ محمد بن عبدالوهاب: ,,,, فنور الظلام وجلَّى القتام,, الخ ، يقول المحقق المزعوم: من الغريب أن يقال مثل هذا الكلام من قبل رجل دخلت أفراد من أسرته المنطقة في نهاية القرن العاشر .
الى أن يقول: ولم يشر الى ذلك أولئك الرجال الذين عاشوا في المنطقة على مدى تاريخها بعد الاسلام,,,, الخ شهادته الذاتية!!
عشرون: أورد في ص 45 ترجمة للامام محمد بن سعود لم يوردها قبله ولا بعده أحد من مؤرخي الدولة السعودية وبالذات المؤرخين النجديين الذين هم الأدرى بنسب حكامهم، كما أنه لم يشر الى المصدر الذي استقى منه تلك الترجمة المصطنعة المكذوبة، التي لا تخرج عن الايهامات الغبية لذلك المحقق لتمجيد القبائل الجنوبية وجعل كل أسرة حاكمة أو قبيلة بارزة تؤول اليها.
حيث جعل آل سعود من تثليث!!
ويتضح الغباء وتنكشف اللعبة الساذجة عندما يدخل في تلك الترجمة أسماء رنانة مثل، مرخان ومهلهل وربيعة وحنيفة ودرع ومراد,,,, الخ!!
ثم يذكر بعد ذلك أن مالك بن سنان المرادي جد آل سعود شارك في دحر الصليبين وتحرير القدس مما جعل صلاح الدين الأيوبي يعينه أميرا على أوضاخ بعد سنة 582ه!!
لكنه لا يفوته أن يذكر أن هذه الامارة القديمة والواسعة التي تمتد من الأطراف الجنوبية للقصيم الى الأفلاج كانت مرتبطة بامارة عسير حتى سنة 649ه!!
كما ذكر في ص 46 خبرا مفصلا عن محاولة أمير مكة مكثر بن عيسى للاستيلاء على نجد ومهاجمته لمدينة أوضاخ!! بقبائل عنزة من أسد وحرب بن سعد وهوازن وبنى سليم وبني لام وهتيم وباهلة وغطفان وبني تميم وبني ابراهيم من مطير! ثم تمكن مالك بن سنان أمير أوضاخ من الحاق الهزائم بأمير الحجاز مما كان سببا في تقوية خصمه أبي قتادة بن ادريس الذي طلب النجدة من أمير عسير حسان بن سليمان,,,, الخ!!
أقول: وهذا الخبر الذي فصله المحقق الملفق ليس معروفا في مصادر تاريخ أشراف مكة، فضلا عن المصادر النجدية واليمنية!!
واحد وعشرون: ذكر في ص 47 أن أمير أوضاخ تركها وتوجه الى القطيف بناء على أوامر الأمير حسان أمير عسير!! وقبل هذا ذكر أن ذلك النفوذ العسيري لم يرق لملك مصر!!
اثنان وعشرون: يذكر في ص 47 عن بني خالد ومجيئهم للأحساء ما نصه: ثم جاء اليها بنو خالد بقيادة سليمان بن موسى بن عبدالله المخزومي عام 642ه قادمين من بيشة !!!
أقول: وهكذا فان كل القبائل المعاصرة اليوم جاءت من بيشة ومن عسير حسب رأي المحقق العسيري!!!
ثالث وعشرون: قال في ص 48: دخل مالك القطيف عام 612ه وانضمت اليه بعض القبائل التي كانت توالي بني عصفور حيث دخل بها البصرة! أما أوضاخ فقد أقام فيها مطير وشمر بإمرة المفضل بن نهار المشعلي الجحدري الجنبي !!
أقول: لم تورد المصادر التاريخية غير الملفقة أن قبائل شمر ومطير كانت في أوضاخ سنة 612ه، فضلا عن أن يكون رئيسها مشعليا جحدريا!! ولكن ما المانع ما دام الأمر في يد ملك عسير حسان بن سليمان؟!!! ومؤرخ عسير الذي لم يفته أن يعطي أصدقاءه المشاعلة نصيبهم من التاريخ المزور!!
رابع وعشرون: في ص 49 يعطينا المحقق تفاصيل دقيقة عن معارك تاريخية غير معروفة الا عنده مثل معركة الصمان سنة 622ه ومعركة الرقيقة سنة 698ه ومعركة وادي وتر بوادي حنيفة في تلك الفترة, ومعركة السلمية بالخرج سنة 740 ه ص 50!!
خامس وعشرون: في ص 50 يرجع المحقق بني جروان الى بني عامر من بيشة!!
كما يورد في هذه الصفحة تفاصيل معركة الخرج سنة 740ه، ومعركة مرات سنة 795ه، قتل فيها سرّاح بن مطرف العنقري التميمي ابراهيم بن طاهر التابع لأمير عسير!! لكنه يذكر ان سرّاحا هذا كان متشيعا!! كما يذكر انه قتل في معركة البرة سنة 815ه!! لكن المهم ان كل هذه المعارك من وضع المحقق وخياله الواسع!!
سادس وعشرون: في ص 50 أيضا يستمر المحقق المزعوم في أكاذيبه وتلفيقاته فيورد تفاصيل عن معركة يبرين سنة 835ه، لكنه لا ينسى أن يذكر أن القبائل المنتصرة في تلك الوقعة هي القبائل الموالية لأمراء عسير، وهذا هو بيت القصيد!!
كما يذكر دخول قوات سُدَير بن عامر نجدا عام 873ه، غير انه لا ينسى أن ذلك الحدث المختلق كان في أيام الأمير اليزيدي ابراهيم بن عائض بن علي !!
وهذه أهم رسالة يريد المحقق أن يوصلها لذهن المتلقي!! لكن المتلقي الفطن لا يفوته ان يدرك العلاقة بين الكاتب وبين آل عائض!!
سابع وعشرون: يستمر في ص 51 في صياغة الأخبار التي تدور حول السيادة المزعومة لأمراء عسير على وسط الجزيرة العربية فيقول: وبقيت نجد تحت سيادة سدير وآل طاهر وأحفاد سدير من آل بدران وغيرهم من الولاة الذين يرسلهم أمراء عسير على الأفلاج والوادي وعالية نجد أو يعينونهم منها !!!
ويقول أيضا عن أحد أمراء الدولة الجبرية: وكان قد عينه على الخرج أمير عسير، وجعل بلدة السلمية مقرا له,,, الخ !!!
كما ذكر أن أمراء بني هزان يوالون لأمراء عسير من آل يزيد!!
ويستمر المحقق في تزييف أخبار مفصلة وايراد ترجمات مطولة لأشخاص حقيقيين ووهميين في تلك الهوامش والحواشي حتى ص 74 لم يتخللها الا حوالي عشرة أسطر فقط من النص الأصلي!!
ولا يكتفي المحقق بصنع الأخبار وتلفيق المعلومات، بل يورد نصوص مراسلات ومكاتبات مطولة بين أمير عسير وبين الامام محمد بن سعود عند قيام الدولة السعودية الأولى، ومن ذلك رسالة وهمية جوابية من أمير عسير الى الامام محمد بن سعود مؤرخة في 28/صفر/1179ه.
ولكن القارىء الذي لديه أدنى المام بتاريخ الجزيرة العربية يدرك بسهولة ان الرسالة مختلقة من خلال دلائل كثيرة، منها:
1 أن أسلوب الرسالة من حيث الصياغة اللغوية لا يتفق مع العصر الذي كتبت فيه.
2 أن أفكار الرسالة هي نفسها أفكار محقق الكتاب، بل ان بعض النصوص نقلت حرفيا من نصوص الكتاب، مما يدل على ان المحقق نسي انه قال ما يود قوله في نصوص الكتاب!!
ولكن المؤلف نسي مقولة: اذا كنت كذوبا فكن ذكورا!!
فقد ذكر في ص 45 كما أسلفنا بشأن قيام الدعوة السلفية على محاربة البدع والمنكرات التي كانت قائمة في نجد وما حولها أثناء ظهور الشيخ محمد عبدالوهاب ، ما نصه: ولم يحدث في المنطقة شيء مما يذكر, ولايصح أن يرمي سلفه بهذه الأعمال القبيحة وهو لم يشهدها، ولم يشر الى ذلك أولئك الرجال الذين عاشوا في المنطقة على مدى تاريخها بعد الاسلام، وعاصروا المراحل المتعاقبة التي مرت على بلادهم, غير اننا نجد في تراجم أمرائهم وقضاتهم ما يشير الى صلاحهم وهذا يخالف ما يزعمه هو .
ثم نجد أمير عسير في رسالته الجوابية المزعومة للامام محمد بن سعود يقول ما نصه: ان هذه الدعوة التي قمتم بمناصرتها والتي دعاكم اليها محمد بن عبدالوهاب لم تكن في ظاهرها غريبة, فالجزيرة العربية وغيرها من بلاد المسلمين مليئة بالعلماء منذ فجر الاسلام حتى يومنا هذا,,, الخ .
وأقول: لاحظوا هنا تطابق الأفكار والأساليب بين رسالة أمير عسير سنة 1179ه وبين نص المؤرخ المتوفى سنة 1372ه!!
3 أن الرسالتين تظهران أمير عسير كرئيس دولة حضارية يخاطب ابن سعود كأحد رعاياه بأسلوب ينم عن علم وثقافة دينية وتاريخية لم يبلغها أحد في الجزيرة العربية حتى يومنا هذا!!
ثامن وعشرون: في ص 57 يصور لنا المحقق الحكم في أمارة عسير على أنه حكم ديمقراطي متقدم يكاد يسبق الدول الغربية الحالية ويتفوق عليها في تطبيق الديمقراطية، فيقول ما نصه: ,,,, ولم يكن الحكم في عسير أيام آل يزيد مطلقا، وانما كان الحل والعقد بيد مجلس الشورى، وهو الذي يختار الرجل الكفء المؤهل من آل يزيد للحكم, ويتألف هذا المجلس من قسمين: القسم الأول وهو دائم العضوية، ويضم ثلاثة وثلاثين عضوا، ويشمل العلماء وأعيان البلاد، وثلاثة من أقرباء الأمير، ويطلق عليه مجلس القبلاء، ويقع على كاهل أعضائه تنفيذ القرارات، لما له من سلطة واسعة خولهم اياها الأمير، ومجلس رئاسة البلاد والذي يتكون من تسعة أعضاء: خمسة منهم من آل يزيد أحدهم أمير عسير، وأربعة من العلماء, أما القسم الثاني فيطلق عليه مجلس الشيوخ، حيث يتكون من شيوخ القبائل، اضافة الى اثنين من العلماء، ويناط بهذا المجلس قرارات الحرب والسلم,,, وهذه المجالس الثلاثة: القبلاء والرئاسة والشيوخ يجمعها اسم: مجلس الشورى، حيث تطرح عليه آراء واقتراحات مجلس الرئاسة فيناقشها ويتخذ القرار الحاسم !!
ولا يكتفي المحقق بهذه السذاجة، بل يؤكد لنا أن هذا النظام الديمقراطي الفريد قد بدأ تطبيقه في حكومة عسير منذ عهد الأمير خالد بن عبدالله المتوفى سنة 195ه!!
وختاما، فاننا سوف نتوقف عند هذا الحد ولن نستمر في استعراض المزيد من مغالطات واضع التاريخ المزعوم، حفاظا على وقتنا ووقت القارىء الكريم، آملين أن يكون فيما ذكرنا ما يكفي لكشف أباطيل هذا المصدر الذي توهم واضعه انه نجح في تحقيق هدفه المتمثل في تضخيم أمارة عسير ورسم أمجاد وهمية لها، وما يتطلبه ذلك من أساليب ملتوية ومعلومات تمويهية عن بعض الأسر والقبائل يطرب لها عوامهم ويسكت عنها خواصهم فيتمكن الكاتب المذكور من خلال ذلك من الترويج لبضاعته الرخيصة وسلعته المزجاة.
ولكن بقى أن نقول ان مصادر تاريخ الحجاز واليمن المعاصرة للحوادث التي ذكرها صاحب الكتاب لم تذكر شيئا عن تلك الأخبار، وخاصة المتعلقة بأشراف الحجاز أو بحكام اليمن, وفي هذا الصدد يقول مؤرخ الجنوب الشيخ محمد بن أحمد العقيلي ردا على استفسارات الشيخ ابي عبدالرحمن: ولم يوجد في تاريخ العصامي المتوفى سنة 1111ه أي ذكر ل:
1 اسم أمير من أمراء عسير الواردة اسماؤهم في الأوراق ولا أخبارهم ولا شيء من الحوادث.
2 لم يذكر في تاريخ العصامي في تلك الفترة أي اسم لعسير لا كمنطقة ولا لأسماء البلدان.
3 لم يرد أي ذكر لوادي الدواسر أو الحوادث التي ذكرها صاحب الأوراق.
ولم يقف الأمر على تاريخ العصامي وهو من التواريخ المعتمدة بالنسبة الى الحجاز وحوادثها في تلك الفترة وغيرها, بل تعدى الأمر الى العقود اللؤلئية للخزرجي وهو المعتني بتاريخ الأشراف الثاني.
لقد رجعت الى تاريخ الأشراف الثاني من تاريخ توليه الى تاريخ وفاته فلم أجد أي ذكر لما يأتي:
1 لم يذكر اسم أو أخبار أي أمير من أمراء عسير الواردة اسماؤهم في الأوراق.
2 لم يذكر اسم أي بلدة في عسير لا بالجملة ولا بالافراد.
3 لم يذكر الخزرجي أي شيء عن وادي الدواسر وبلدانه.
كذلك رجعت الى تاريخ الأحساء ابتداء من امارة آل جروان في سنة 775ه الى نهاية حكمهم ولم يشر مؤرخ الأحساء الى أي غزو لآل جروان على عسير أو وادي الدواسر.
أما عن سدير وطلبكم الافادة هل ورد لها اسم قبل ما ورد في تلك الأوراق المرسلة منكم فنعم فوردت سدير على انها قرية لبني العنبر في نجد كما ذكر واديها، واليكم مصور ما ورد في مادة السين في معجم البلدان لياقوت.
هذا ما أحرره لأُخُوَّتكم بعد التحري والاستقراء الدقيق وقد يكون عندكم ما ليس لدي.
وعن تراجم الأشخاص الذين ذكرت عن مصادر تاريخ الأمير عبدالرحمن أو أي واحد من أسرته فهذا غير موجود لهم مصادر في مكتبتي وكثير من مؤرخي عسير المطبوعة لم تتطرق الى ذلك.
بل ان تواريخ اليمن من بعد الهجرة لم يرد بها ما ينقع الغلة عن عسير على وجه العموم ما عدا عمارة فقد أشار في تاريخ الدولة الزيادية في عهد محمد بن زياد على عهد حفيده ابو الجيش كان صاحب جرش ضمن أمراء جنوب الجزيرة المحليين المرتبطين بابن زياد باعتباره نائبا للخلفاء العباسيين.
ومعروف في التاريخ أن عسير كانت منطقة شبه مغلقة، ولم تظهر على مسرح التاريخ بعد صرد بن عبدالله الا في عهد الدولة السعودية الأولى، وقد يكون لدى غيري ما لم أقف عليه وفوق كل ذي علم عليم والله المستعان 1 .
انتهى كلام الشيخ العقيلي, وللحديث صلة.
1 انظر: مقال الشيخ ابي عبدالرحمن الظاهري، جريدة الجزيرة، العدد 7618، يوم السبت 19 صفر 1414ه، ص 30

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved