| مقـالات
قد يجدر بإنسان هذا العصر الراهن أن يقف وقفة تأملية، وذلك تمهيدا للتمشي مع التغيرات المستقبلية التي ستواجهه أو سيواجهها بالأصح، فقد لا تسنح فرص النمو الفكري ولا يستمر وحي الاتصال للمعاني الرفيعة، وقد لا تستنشق النفوس رياح التلاؤم والتأقلم البشري، قد تضيق بالإنسان سبل الموافقة للآراء السديدة، أو التزوي عن اتخاذ القرار النافذ، والانحياد عن المنهج الواقي من الحسرة والإفلاس الذهني وقد يتوارد الفشل على الإنسان بصورة مستمرة إذا ما أغمض عينيه حالة تجلي بريق الوعي عليه أو أشعة التنفيذ المباشر، إذن: لا ركون ولا ركود، ولا قفول ولا أفول حتى لايسلب المحركات الأمامية التي اكتسبها من تجاربه الحقيقية الماضية، ولئلا تضام قوائم الإنسانية أو تكل عزائمها وقواها التي يستعد بها الإنسان المتفائل وصاحب الرؤية الصائبة والهادفة لإدراك أزهى الأيام التي ناضل من أجلها، وبذل لها خلاصة عقله لبلوغ الغاية.
ولا سبيل إلى بلوغ أشرف الغايات العقلية، إلا بالتحرر من قيود التردد، والانسلاخ من الخوف المذموم، إلا بانتشال ومحو الصور الخيالية الموهمة، المفسدة للخطط ولبدايات الانطلاق، إلا بقطع عروق التقليد الأعمى والابتعاد عن مواطن العدوى.
ولا سبيل أيضاً: إلى تكوين الذات القويمة وتحقيقها إلا بالتنازل عن حظوظ الذات النرجسية، عن دواعي شهية النفس الغارقة في الأوهام الكاذبة.
إلا بخفض أوامر العرض والافتراض، وصيانتها وإجلائها قبل عرضها، بل مقابلتها على مرآة الضمير الحي المتمكن في معرفة الأحشاء، المعرفة الممزوجة بأصول الأشياء، وألاّ يخضع الانسان لكوامن الضعف الذاتي، وإهمال المفاهيم الإدارية، وهي: العزم والاختيار والقصد، ومفاهيم المعرفة: العلم والادراك والفهم والتفكر، أو الاستسلام لنظرية (تكدس) الأهوال والمخاوف (السياسية والاجتماعية) فإن ذلك مما يؤدي الى إحباط وإعدام المفاهيم الرشيدة.
إن معالجة الغزو الفكري الراهن يكمن في معرفة الجذور التي أُنشىء الغزو من أجلها، ومعرفة النقاط المستهدفة ومقابلتها بالضد، ولا شك أن ذلك مما يدحر الغزو ويثبطه في مكان العجز وعدم النفوذ، وكذلك تحليل المعاني المدلى بها سواء كانت أمراً أو نهياً أو استفهاماً أو صدقاً أو كذباً، فإن ذلك هو المساعد القوي في التوصل الى المفاهيم التدريجية الإيجابية المنطقية التي لا تحمل أدنى قدر من الظن أو الشك.
وأيضاً: التصور الذهني الصافي قد يدلي بشيء من التحرز والانتباه، ويفيد: هل الإقدام أم الاحجام,؟ هل التعجيل أم التأخير، هل الضرر أم غيره، هل لإفساد ذات الانسان أم عائلته ووطنه وأمته ولكل بني آدم أجمع.
تلك بعض من الضمانات العقلية الموثوق بها، ومن الأجدر بمن يسعى في تحقيق الربح والنتاج الأنفع، الأخذ بهذه المفاهيم الإيجابية.
ومن هذه الوقفة التأملية التي امتد منها النظر إلى المستقبل، نؤكد عدم الانتهاك أو التعدي على أطوار الماضي والحاضر، بل نبين المنهج الحسن في حسن الاستقبال والتلقي للبشائر لأن البطء أمام الغنائم المعنوية هدم لها، بل التقاعس بكل أنواعه.
|
|
|
|
|