| أفاق اسلامية
كثرت في هذه الآونة مصطلحات وكلمات عديدة، ومعظمها تصب في مجال واحد، وذات هدف نهائي واحد، منها كلمة الإنسان العصري، والشخص المتقدم، والمرأة المتحررة، والرجل الحضاري، وغيرها من قائمة متزايدة، وكلها كلمات رنانة طنانة، مظهرها جيد، ولكن تم التلاعب بمضمونها، لأنهم أرادوا بها الوصول إلى غايات في نفوسهم.
فقد جعل بعض البشر الغرباء عنا تعاريف معينة، ووضعوا تصنيفات محدودة وفق أهوائهم ورغباتهم، فصاروا ينعتون من يريدون بالمتحرر، ويصفون آخر بالجمود، والتخلف، والظلام، ومعاكسة التيار، والبعد عن الحياة.
وربما كانت المرأة في مجتمعنا من أكثر الأهداف لتلك الحملات التي تشنها دول، ومنظمات، وهيئات عديدة، هدفها النفاذ من أجل عملية النخر في مجتمعنا، وذلك بأي طريق يتسنى لهم مهما كان دنيئاً، وبعيداً عن الذوق الرفيع، ووجدوا في المرأة طريقاً من طرق يحاولون اختراقها، وللأسف نجحوا حيناً، وكانت المرأة لدينا أقوى منهم ومن مؤامراتهم أحياناً أخرى والحمد لله ، فمنذ مدة وجيزة حاولت إحدى منظمات حقوق الإنسان تحريض عضوات الجمعية الفيصلية الخيرية النسوية بجدة على أبناء دينها وجلدتها، ولكن تلك المنظمة باءت بالفشل عندما أجابتهم العضوات جواباً رائعاً قل مثيله، ودعونهم لأن يحترموا حقوق الفتاة المسلمة في بلادهم، حتى يصبح لهم مصداقية، ومن ثم يتحدثون إلينا.
لقد عبرت العضوات عن إنسانية المرأة المؤمنة، ولما يتمتعن به من ثقافة عالية رفيعة، وسمو رفيع، وارتباط حقيقي بالدين الذي ارتضاه الله للبشر، حيث أوضحن لهم أن الحقوق في الإسلام مصونة ومحفوظة ولاداعي للمزايدة عليها تلك هي إحدى الطرق الدنيئة التي تتبعها المنظمات، والجمعيات، والدول التي لا تريد لنا خيراً، وإنما تتربص بنا المكائد والفتن.
ولكن لا يقف الأمر عند هذا الحد، فهناك طرق أخرى محسوسة وغير محسوسة، وربما يظنها بعضنا بسيطة، ولكنها كبيرة في مقياس الزمن والحياة، وفي مقياس النتائج النهائية، منها على سبيل المثال الموضة في اللباس، واتباع الذوق الغربي عديم الذوق في كثير من الأحيان، سواء من ناحية الألوان أو من ناحية الستر والإغراء، أو من ناحية جعل المرأة كالسلعة تتزين، وتتبرج لتستقطب وتغوي الرجال، وتحقق متعتهم - والعياذ بالله -، وقد انطلت الحيلة على بعض المجتمعات الإسلامية، ووصلت حتى مجتمعاتنا العريقة وذلك لبعض النساء بالطبع وليس الكل، والموضة لها خطرها الأخطبوطي سواء على ناحية الأخلاق والدين، أو على ناحية الاقتصاد والاستهلاك، أو على مجال التربية والذوق,
وحتى عندما سلمنا من مشاكل الموضة، أدخلت علينا عادات مثل فستان الفرح الذي يكلف آلاف أو عشرات آلاف الريالات، ولا يلبس إلا في يوم واحد، أو لباس فرح لكل مناسبة، وكلها طقوس غريبة عنا كمسلمين، وغريبة عن عاداتنا وتقاليدنا، ولها أهداف بعيدة المدى ربما لا نلمسها بسهولة الآن.
وغير الموضة واللباس هجموا علينا بإدخال النظام الغربي في الأطعمة والأغذية من وجبات سريعة ضارة، ومن مواد صناعية تكثر ولا تقل، وكل يوم يمتدحونها في كل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وعلى الإنترنت، ويأتي من حين لآخر من يفند أقوالهم، ويدحض حججهم، ويريك كيف أن هذه تؤدي للسرطان، وتلك هي أصل البدانة، وهذه نتائجها آفات قلبية وهكذا.
حتى صار قوتنا سلعة تتقاذفها الأهواء والأمزجة والربح، ونسينا بالمحصلة أن لدينا من الثمار خيرها، ومن الطعام أفضله، ومن الشراب أنبله، لدينا تمر نسينا قيمته، ولدينا لبن وحليب بورك في شربه، ولدينا الكثير الكثير، ولكن ربما ذوقنا الغذائي قد تشوه قليلاً، وربما أثرنا حتى على أطفالنا، وحرمناهم نعمة المتعة الغذائية الحقيقية، والخسائر أيضاً على كافة الأصعدة من صحة الإنسان، إلى عافيته، إلى ماله، إلى أبنائه، إلى مصادر خيرات المجتمع، إلى ما هنا لك من مجالات طالها الضرر.
وغير الغذاء واللباس جاءت إلينا موضات السياحة والسفر لا، بل حتى درجات الخلاعة السياحية، وأصبحت تجارة العصر، ومن لا يفعلها فهو متخلف وجامد، وليس بمتحضر، ولا يعرف العصر والزمان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
alomari 1420 @ yahoo. com
|
|
|
|
|