| أفاق اسلامية
* حوار: سَلمان العُمري
أكد فضيلة مفتي جبل لبنان الشيخ د, محمد بن علي الجوزو ان تعدد مصادر الفتوى في الدول الاسلامية دليل على ثراء الإسلام وحيويته، ولكنه يربك الساحة الاسلامية.
وطالب في حواره مع (الجزيرة) بإقامة مجلس علمي يضم كبار الفقهاء والمعتنين لإصدار الفتاوى المجمع عليها، مشيراً الى ان الفتوى تختلف باختلاف الزمان والمكان.
وتحدث د, الجوزو عن مظاهر التطاول على العقيدة، والى التحزب والتفرق بين المسلمين,, وغير ذلك من القضايا التي طرحناها على فضيلته,, وفيما يلي نص اللقاء.
* تعددت مصادر الفتوى في الدول العربية والإسلامية، فالبعض يدعو الى توحيد مصدر الفتوى وآخرون يرون في التعددية ايثار للاختلاف,, فماذا ترون فضيلتكم؟
تعدد مصادر الفتوى في الدول العربية والإسلامية دليل على ثراء الاسلام وحيويته,, ولكن ذلك يربك الساحة الاسلامية,, لأن الاختلاف في وجهات النظر ادى الى فقدان الثقة بكثير من المرجعيات الاسلامية التي تتجرأ على الفتيا لصالح الانظمة والحكومات,, لذلك لابد من إقامة مجلس علمي يضم كبار الفقهاء والمفتين من علماء الأمة البارزين لإصدار الفتاوى المجمع عليها والتي لا تتعارض مع الشريعة الاسلامية,, على ان يتصدى هذا المجلس لكل القضايا المستجدة على الساحة الاسلامية لإيجاد الحلول الشرعية لها,, قطعاً لدابر الخلاف، وتوحيدا لموقف علماء الاسلام في العالم الاسلامي.
* هل صحيح ان الفتوى تختلف باختلاف الزمان وتتغير لأنها تكون في ضوء حياة المجتمع,, وعلى الفقيه أن يقدر لكل حادثة قدرها؟
لقد سبق وقلنا إن الدليل على حيوية الشريعة الاسلامية، وصلاحيتها لكل زمان، هو ان الفتوى تختلف باختلاف الزمان والمكان، والدليل هو ان الإمام الشافعي على سبيل المثال له مذهبه القديم والجديد، وهذا بسبب انتقاله من بلد الى بلد آخر، ومن بيئة الى بيئة أخرى، فكان لابد ان يقدر لكل حادثة قدرها، في ضوء ما يستجد امامه من أمور يختلف فيها الناس من مكان الى مكان ومن زمان الى زمان آخر,,، يقول العلامة الدكتور يوسف القرضاوي,.
(ذلك ان لكل عصر مشكلاته وواقعه، وحاجاته المتجددة، والأرض تدور والأفلاك تتحرك، والعالم يسير، وعقارب الساعة لا تتوقف).
ومع هذا الدوران المستمر، والحركة الدائمة، والسير الحثيث، تتمخض أرحام الأيام والليالي عن احداث ووقائع جديدة، لم يعرفها السابقون، وربما لم تخطر ببالهم، بل ربما لو ذكرت لهم لدعوها من المستحيلات! فكيف نتصور حكمهم عليها وهي لم تدر بخلدهم لحظة من الزمان؟
على ان بعض الوقائع والأمور القديمة قد يطرأ عليها من الأحوال والأوصاف ما يفيد طبيعتها أو حجمها أو تأثيرها، فلا يلاغها ما حكم به الاقدمون أو ما أفتوا به في شأنها.
وهذا ما جعلهم يقررون وجوب تغيير الفتوى بتغير الزمان أو المكان، والعرف والحال، وكتب في ذلك من كتب من محققيهم في اكثر من مذهب من المذاهب.
فالحاجة الى الاجتهاد إذن حاجة دائمة، ما دامت وقائع الحياة تتجدد، وأحوال المجتمع تتغير وتتبدل، وما دامت شريعة الاسلام صالحة لكل زمان ومكان وحاكمة في كل أمر من أمور الإنسان.
* كثرت مظاهر التطاول على العقيدة في الدول الإسلامية خلال السنوات الأخيرة، ما تفسيرك لهذه الظاهرة، وهل هي وليدة العصر الحالي، ام هي امتداد لمحاولات مشابهة في العصور السابقة؟
مع تعدد الغزوات الصليبية لبلادنا، جاء غزو آخر هو الغزو الثقافي، وانشئت المدارس التبشيرية في شتى بلاد العالم الاسلامي، مما احدث انفصاماً في عقلية المثقفين ثقافة غربية، جعلهم ينتمون إلينا في الظاهر بينما يتحرك عقلهم الباطن بوحي من الثقافة الغربية التي غزت افكارهم وتمكنت من نفوسهم، هؤلاء هم الذين نسميهم بالعلمانيين الذين يحاولون فرض الحالة الغربية على مجتمعاتنا الإسلامية، ولما كانت العلمانية في الغرب بسبب تحجرالكنيسة ورفضها لأي اكتشاف علمي، وحرق العلماء وتكفيرهم إذا تجرأوا على الجهد بآرائهم، فكانت ردة الفعل، المطالبة بفصل الدين عن الدولة، وهو ما سمي بالعلمانية، من هنا فإن الحالة الغربية تختلف اختلافا كبيرا عن الحالة الاسلامية لأن الإسلام لم يحجر على عقول العلماء، ولم يقف في وجه التقدم العلمي، لأن العلم له مكانة كبرى في الاسلام، ولما كان العلمانيون العرب يعيشون هاجس التأثر بحضارة الغرب، فهم يشنون حربا شعواء ضد الاسلام ارضاء لسادتهم الذين يدينون بالولاء لهم فكرا وعقيدة,, وهذه هي موجة التغريب التي تفسد حياتنا اليوم,, والتي تحاول التطاول على عقيدتنا، للتشكيك بها، ولتشويه صورتها، مما يجعل من هؤلاء أداة طيعة في أيدي الصهاينة وأنصارهم الغربيين، الذين يشنون حربهم الجديدة على الإسلام لاسباب محض سياسية,,؟!
* إذا نظرنا الآن إلى خريطة العالم الإسلامي والشعوب الإسلامية نجد التفرق والتحزب وأيضاً تقتيل المسلمين في عقر دارهم,, فكيف تقيمون هذه الخريطة وما يجري عليها من سيناريوهات متباينة؟
نتيجة للغزو الاستعماري لبلاد المسلمين، توقف كل تقدم علمي، وخضعت البلاد الاسلامية للاستغلال والحرمان، والتخلف، ومنع المسلمون من الحصول على اسرار التكنولوجيا الحديثة، وسيطر على الحكم مجموعة من الحكام الذين لا يملكون من أمرهم شيئاً,, فكان ما كان من تمزق وتشتت وصراع اراده الاستعمار وسيلة لبسط سلطته على بلادنا تحت شعار (فرق تسد).
ورغم المحاولات المتعددة لقيام وحدة اسلامية أو عربية، لأن العصي التي وضعت في (دواليب) المنظمات الاسلامية والعربية التي عملت على توحيد الصفوف كانت كثيرة,, فأدى الأمر الى ما أدى اليه,, خاصة بعد ان تمكن الصهاينة من زرع الخلاف بين العرب والأتراك، ونشوب حرب مدمرة بين الشعبين المسلمين,, أدت الى سقوط الخلافة العثمانية، وانسلاخ تركيا عن الأمة الاسلامية، كل هذا كان من العوامل التي ادت الى إضعاف المسلمين في كل مكان,, مما ترك المجال فسيحاً لتصفية الحسابات التاريخية من وجهة نظر صليبية معروفة، فكان الاعتداء على الشعوب الاسلامية في كل مكان وكانت الجرائم التي ارتكبت في حقوقهم في الغرب والشرق معا,, وما تزال المؤامرة مستمرة,؟!
* من هم (الاحباش) في لبنان؟ وما هي أهدافهم؟
الأحباش فئة تنتمي الى شيخ جاء من اثيوبيا الى لبنان في الخمسينات، وكان في بداية الأمر يعيش متسولاً ينام في المساجد، ويشفق عليه البسطاء من الناس فيطعمونه ويكسونه، وبدل ان يذكر الفضل لأهل السنة في لبنان الذين احتضنوه وكرموه,, عض اليد التي امتدت اليه، وبدأ يجلس في المساجد ليصطاد الفتية الصغار من طلبة العلم، بافكاره الضالة وآرائه المشوشة، التي تعبر عن حقد دفين ضد العلماء، فأخذ يحرضهم على تكفير العلماء، والتمرد عليهم، وإحداث الشغب في المساجد,, وهو يدعي انه اشعري ولكنه خالف الاشعري وشوه آراءه وهو يدعي أنه شافعي وفتواه كلها لا تمت الى المذهب الشافعي بصلة,, وهو يدعي التصوف، وقد كفرّ جميع الطرق الصوفية ومشايخها في لبنان.
انسان شاذ منحرف، خاض في قضايا علم الكلام، فانفرد بأمور لم يوافق عليها علماء الكلام من قبله، وقد حاول التطاول على كثير من العلماء الكبار من امثال ابن تيمية، وابن قيم الجوزية، واحترف مهاجمة الامام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله لقاء دراهم معدودة يدفعها له، بعض اعداء (السلفية).
همهم اثارة الشغب في المساجد، واحتلالها، والاعتداء على العلماء والمصلين في داخلها ويتخذون من بعض رجال السلطة من غير المسلمين سنداً وعوناً لهم ضد المسلمين وهكذا شاعت الفوضى في كثير من المساجد بسبب وجود هؤلاء فيها، هم عملاء لكل جهة تحارب الاسلام وتتآمر على الشباب المسلم، وهم يختبئون خلف جمعية اسمها جمعية المشاريع الخيرية (الاسلامية) فيجب التحذير منهم، وتنبيه المسلمين في كل مكان من أخطارهم وسوء مسلكهم.
|
|
|
|
|