مطارات مكتظة,,
في لحظات هروبية من مدينة تتمدد عليها الشمس المثقلة بالحر,.
الى مدينة تستلقي على أسطح مائية بكل نشوة,.
إنسان ما أراد إحدى تلك اللحظات الهروبية فأثقل خطاه بالمشي وحمل الأمتعة,.
وفي زمن ما وصل الى ما يطلق عليه بالمطار,, وكان عالم آخر عالم يختص بالانتظار المؤدي الى تلك اللحظات!!
ويكاد يكون قنبلة موقوتة قد تتسبب في انفجار سكاني من كثرة البشر الهاربين أو العائدين من الهروب!!!
ساعتان الزمن المتبقي على موعد هروب ذاك الإنسان,, فحمل جسده ورمى به على كرسي كان بجواره وأطلق لعينيه العنان لتحلق في سماء ذاك المدرج الممتلىء بالطائرات برهة,.
وبرهة أخرى يلقي بهما في تلك الملامح البشرية الهاربة,.
الآن أعلن عن الرحلة، حينها حمل أنفاسه واتجه الى بوابة الهروب ثم دخل في خرطوم طويل,, يكاد أن لا يكون له نهاية!! .
بعد كل هذا الكم الهائل من الخطى داخل الطائرة,.
بحث عن مقعده ثم سحب أنفاسه بعمق وجلس,, وعلى الفور قيّد نفسه، وأخرج من حقيبته اليدوية كتاباً يقرأ فيه!! ووأد أنظاره بين السطور لكن سرعان ما أخرجهما؛ ليرمق عبر نافذته تلك الملامح الأرضية الباهتة والتي بدأت تتلاشى من جراء السحب المتراقصة عبر نغمات السماء!! بعد إقلاع الطائرة,, عفواً بعد هروبها!!
وأقلع صاحبنا مع أفكاره من مدرج الذات!! ثم أعاده صوت المضيفة الى ارض الواقع,.
عفواً سيدي، أتريد بعضاً من القهوة أو الشاي؟؟
هاه، قليلاً من القهوة,.
سكَّر؟؟
نعم، من فضلك,.
شكراً.
وأخذ هذا الصاحب في تأمل هذا الاكتظاظ من حوله,, وهذا الكم الهائل من الإنسانية والتي يشترك معهم في غاية واحدة وإن اختلفت الوسائل لها,, ينظر الى نفسه,, الحمد لله إنه لا يزال مقيدا، وفي هذه البرهة يعلن ملاح الطائرة عن الاستعداد للهبوط في المدرج,,
تهبط الطائرة,.
يزدحم الناس للخروج من الطائرة ومن الخرطوم ذاته، ويعود صاحبنا الى ذات الخرطوم لتعاوده الفكرة في احتمالية عدم نهايته!!
بعد ذلك يتسلم أمتعته ويذهب الى البوابة يطلب سيارة أجرة ويستقر جسده بداخلها، ويستقر ببصره في تلك الشوارع المترامية الأطراف والمكتظة بالأقدام,.
يقف سائق الأجرة أمام الفندق,, وصاحبنا خارج الواقع,, ربما!!
السائق: لقد وصلنا سيدي,.
وينزل بعد أن دفع الأجر للسائق,.
ويدخل للاستقبال,.
يطلب من الموظف سكناً منفرداً يطل على البحر,.
يجد مايريد، ويدخل الى الغرفة يفتح النافذة ويلقي بجسده على السرير ويذهب في نوم عميق,.
وتلك الأمتعة ملقاة على تلك المساحة الأرضية الى جوار السرير وقد تكون هي الأخرى منهكة من الاكتظاظ لتذهب في سبات!!!
بعد ذلك,.
تحضر الشمس وتقبّل جبين صاحبنا لتوقظه لزمنٍ آخر جديد,, تملأ فضاءه سحب الفرح والأمل,.
تتوالى الأزمنة الملبدة بالسحب التي تملأ تلك الفضاءات,, الى أن يصل الى نهاية الهروب,.
إذاً العودة من مدينة تستلقي على أسطح مائية تداعبها أمواجها وتتراقص مع مقامات الموسيقى الهوائية قد حان,, ومعه فتحت ذراعيها مدينة تتمدد عليها الشمس المثقلة بالحر لتستعد لاحتضان جنينها بكل شوق!! فها هو عائد بعد هروبه الموقوت,, ليقف في مطار مكتظ,, وفي صف طويل,, ليعيد تلك اللحظة الهروبية إلى كؤوس النسيان في عالم اللامنتهي,.
تهاني عبدالكريم المنقور
|