| مقـالات
يفكر الوالدان منذ الوهلة الأولى بتنشئة الأبناء التنشئة الصالحة وتعليمهم الأمثل وتهيئة المستقبل الزاهر لهم, وبعون الله وتدبيره, ويكبر هؤلاء ويجتازون بعد جهد جهيد المرحلة الثانوية من التعليم, ولكن الفرحة بالنجاح قد تذهب وذلك للقلق والهم الكبير الذي ينتاب الأسرة بعدم وجود مقعد لابنهم أو ابنتهم في هذه الجامعة أو تلك.
ويحاول بعض الطلبة الذين ليس لهم حظ في الجامعة والذين استمعوا لنصح الناصح الذي نصحهم ان يذهبوا في هذه السن إلى معمعة الحياة والعمل, ولكنهم مع الأسف لا يجدون الوظيفة وهم يرون أن خريج الجامعة لا يحصل على الوظيفة إلا بعد انتظار طويل سبقه حوالي عشرون عاماً على مقاعد الدراسة.
وعندما يفاجأ الطالب بعدم وجود مقعد جامعي بعد تلك الأحلام الوردية التي كان يعيشها في صباه وطفولته بأن يصبح طبيباً أو مدرساً أو أستاذاً بالجامعة، فسيلقي نظرة على الكتب التي درسها متذكراً قول الشاعر عباس محمود العقاد في كتب مكتبته:
يا كتبي أشكو ولا أغضب ما أنت من يسمع من يعتب يا كتبي أورثتني حسرة هيهات لا تنسى ولا تذهب |
وفي كل عام يتكرر المنظر نفسه، أعداد الطلاب أمام عمادات القبول والتسجيل بالجامعات السعودية وقضية النسب المئوية المطلوبة, ونرى ارتفاع معدل توتر الآباء الذين يرون أبناءهم المتفوقين علمياً وليس لهم أماكن في الجامعات السعودية, وفي كل عام ينهال سيل من المقالات على المشكلة وحلولها، والمشكلة ثابتة لا تراوح مكانها, ويطيب لي أن أدلو بدلوي في هذا الموضوع فأقول إني أرى الحلول لهذه المشكلة كا يلي:
1 التوسع في المعاهد المهنية والفنية: وهذه فكرة قد طرحت منذ أمد طويل وهناك قيود أمامها من ذلك أن المعاهد الفنية والمهنية تحتاج إلى مواهب نظرية في هذا المجال وليس كما يعتقد البعض ان كل من لايستطيع الالتحاق بالجامعة يستطيع أن يمهر في الأمور المهنية, ثم كم نحتاج إلى خريجين من المهنيين والفنيين.
فرغم النهضة الصناعية العظيمة التي شهدتها وتشهدها بلادنا تحت ظل قيادتنا الرشيدة إلا أننا لا نستطيع في مصانعنا أن نستوعب كل هذه العمالة الهائلة من شبابنا, أما بالنسبة للمعاهد المهنية فليس لدينا فيما أعلم دراسات مكثفة عن جدوى هذه المعاهد المهنية وخريجيها ومستقبلهم وماذا حصل لهم.
2 يطالب الكثير من الكتاب بالتوسع في القبول في الجامعات الحكومية ورغم الحاجة الماسة إلى أن تفتح الجامعات أبوابها لأعداد أكبر إلا أن عمادات القبول والتسجيل بالجامعات السعودية لا زالت تعيش من حيث الأعداد التي يتم قبولها في مرحلة السبعينيات الميلادية بعيدة عن المستجدات وربط عدد المقبولين بنسبة خريجي الثانوية ضاربة عرض الحائط بأي محاولة لتحديث فهمها لمتطلبات العصر ومعطياته.
3 ضرورة السعي الحثيث والسريع والحازم لانشاء جامعات أو كليات أهلية على أن تراعى النقاط التالية:
ضرورة الاستعانة بالمباني الجامعية الحالية فذلك يضمن الإسراع في تنفيذ الفكرة ومنع إضاعة المال في استئجار مبان أخرى.
مراعاة أن تكون الرسوم المالية التي يدفعها طالب الجامعة رسوماً معقولة وأن تكون متوازنة فلا تكون زهيدة لدرجة يصعب معها على الجامعة الارتقاء بالمستوى العلمي ولا فادحة بحيث لا يتيسر إلا لشريحة صغيرة في المجتمع دخولها.
ضرورة الاستعانة بأعضاء هيئة التدريس الحاليين بالجامعات ولا سيما المتميزين منهم في مجالهم مع ايجاد أعضاء آخرين ثابتين لهذه الكليات الأهلية.
الابتعاد عن التخصصات التقليدية مثل دراسة الجغرافيا والتاريخ وعلم النفس والأدب العربي وغير ذلك والإقبال على التدريس الذي يؤهل الشباب ليأخذوا أماكنهم في المجتمع بقطاعيه العام والخاص وتدريس الفندقة والسكرتارية واللغة الانجليزية والكومبيوتر وإدارة الأعمال والمحاسبة وغير ذلك من الأعمال التي يحتاجها الشاب لنيل الوظيفة المفيدة في المجتمع.
نتمنى الإسراع في هذه الخطوات لنرى الكليات الأهلية قد أخذت مكانها ودورها في بناء وتنمية مجتمعنا.
د, طاهر تونسي
|
|
|
|
|