أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 23rd June,2000العدد:10129الطبعةالاولـيالجمعة 21 ,ربيع الأول 1421

مقـالات

شيء من الحق
هل تشجع الأنظمة على التهور؟
علاقة البنية التحتية والتنظيمية بالقيادة الرديئة
إذا تجاوزنا الأسباب النفسية لأزمة قيادة السيارات عندنا فلا بد من التطرق الى الأسباب التنظيمية والبنائية.
ففي البلاد المتقدمة لا يوجد شارع كبير أو صغير إلا وزود بكل العلامات المرورية اللازمة, فالأرصفة التي يمنع الوقوف عندها لمحاذاة الموقف لمضخة ماء المطافئ مثلا، أو لكونها قريبة من منحنى شارع أو مدخل منزل تدهن جوانبها بالأصفر المتصل, وعلى كل تقاطع تقف إشارة تحدد أولوية المرور، كما توضع إشارات تحدد السرعة القانونية والتي قد تختلف من ميل لآخر حسب ظروف المنطقة والطريق، وأخرى تمنع استخدام المنبه، أو تحذر من وجود ملاعب ومدارس أطفال، أو توصي بالحذر من الحيوانات الشاردة أو إنحناءة أو منحدر قادم، وإسفلت الشوارع كبيرة وصغيرة ملونة بما يفيد تحديد المواقف من المداخل، اتجاه المرور، تقسيم الشارع بين الرائح والغادي, والشيء نفسه على المواقف وغيرها, وفي المقابل تفتقد كثير من شوارعنا، حتى الرئيسة منها الى أبسط الإشارات التي تحدد السرعة أو توضح أحقية ونظام المرور عند كل تقاطع ولكل مسار.
ووجود أي عملية حفر أو صيانة لشارع ما في مدينة أمريكية مثلا تعني وضع عدد كبير من الإشارات التحذيرية والأعلام الحمراء والكشافات ولمسافة كبيرة قبل الموقع, أما عن المطبات الصناعية فهي محدودة بمواقع معينة كالشوارع التي تمر أمام المدارس أو المستشفيات، وهي مطبات سهلة وهينة أقرب ما تكون الى ارتفاع بسيط وعريض للشارع منه الى التلال الإسفلتية التي تتمتع بها بعض شوارعنا، وتسبقها دائما لوحات تحذيرية تعلن عن وجودها وتدهن باللون الأصفر حتى لا يفاجأ بها أحد طالما ان الهدف هو تخفيف السرعة لا عقاب السيارات المارة وتشغيل ورش الصيانة.
مشكلة أخرى تعاني منها بعض شوارعنا وهي أنها إما مجرد زفت لا يحدده ولا يلونه ولا ينظم الحركة عليه أية إشارات أو علامات مرورية، أو أن نبالغ في التزيين والتنظيم حتى يستحيل قطع الشارع وعلى السيارات المواصلة لأميال وأميال بسبب الأرصفة التي تحجز الانتقال بين المسارين.
والتنظيم الزائد من هذا النوع يؤدي الى مشكلة أخرى وهي ما يعرف بعكس الخط, وعذر المرء إنه لا يستطيع في كل مرة ينتقل فيها من بيته الى المتجر المجاور قطع كيلومترات في الاتجاهين، ذهاباً وإياباً داخل منطقة سكنية كحي قويزة في جدة لا توجد عليها حركة مرورية مكثفة تبرر حتى وجود الرصيف فضلا عن تباعد التقاطعات.
الشيء نفسه يحدث في كثير من الطرق السريعة داخل وخارج المدينة, فلكي تنتقل من حي الى حي مقابل لابد إما أن تقطع مسافة طويلة الى أول تقاطع أو أن تركب الصعب والرصيف الى المسار المعاكس, وهي مشكلة تواجه بدرجة أكبر المشاة في غياب عدد كاف من الجسور أو الأنفاق, والسائر في حر الهجير أو الطفل العائد من مدرسته أو السيدة التي تجر وراءها أبناءها لا يعقل أن تمشي كيلا لكي تصل الى أول جسر أو إشارة مرور لقطع الشارع.
عقدة تنظيمية أخرى لم نستطع تجاوزها منذ عرفت شوارعنا إشارات المرور، وهي الإشارات الحمراء المتتالية, ويعذر من يفقد أعصابه عندما يقف في شارع واحد كشارع ولي العهد في جدة على كل إشارة يصلها في الطريق، وكأنما هناك مؤامرة بين الإشارات على استقباله باللون الأحمر بمجرد وصوله اليها, هذا رغم أن الدول التي سبقتنا في هذا الميدان توصلت الى الإشارات التي يتتالى فتحها للسيارات التي لا تتجاوز سرعتها السرعة القانونية منذ عشرات السنين.
أضف إلى هذا وذاك أن أنظمة المرور اصلا لم توضع أو تطبق لدرء المخاطر بل للوقوف عليها وتحديد نسبة الأخطاء فيها, لذا فذنوب السائق مغفورة حتى يقع برجليه وعندها تصحو الأنظمة النائمة, وحل هذه المشكلات علاوة على تلك التي تحدثنا عنها سابقا وتتصل بالعوامل الاجتماعية والنفسية يتطلب قرارا على أعلى المستويات ينفذ على شكل حملة مدروسة شاملة ومتناغمة وحاسمة, ورغم أن مشوارنا الى الوعي الكامل والالتزام والانضباط والمثالية طويل وشاق، إلا أن دافعنا أن الوقوف رجوع الى الوراء، وعزاؤنا أن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة.
د,خالد محمد باطرفي

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved