| القرية الالكترونية
سان فرانسيسكو د,ب,أ
لثلاث سنوات طويلة تدرب كريس باور على ممارسة فن التدليك على أمل مزاولة مهنة تهدئة ومداواة الاجساد المتعبة لسكان وادي السيليكون المدللين.
غير أنه بعد انقضاء عامين على تخرجه من كلية التدليك وجد باور أن عالم التكنولوجيا الرقمية أصبح مربحا بشكل جعل من الصعب على الفرد أن ينأى بنفسه عنه.
وبدلا من استخدام براعة يديه في تدليك الناس فانه يستخدمها في تحريك فأرة الكومبيوتر على الشاشة لتصميم رسوم الجرافيك لحساب عدد من شركات الانترنت والتكنولوجيا الحيوية.
ويقول باور في حديث أجري معه هناك العديد من فرص العمل في مجال التدليك, ولكنني وجدت أن هناك طلبا أعلى على مهارتي في تصميم رسوم الجرافيك باستخدام الكومبيوتر, ويمكنني أن أجني في يوم واحد من هذا العمل أكثر مما أجنيه في أسبوع من التدليك .
ويعد ما حدث مع باور برهانا على قوة الاقتصاد الرقمي في سيليكون فالي مركز صناعة الانترنت والتقنية العالية, وكان من شأن النقص الحاد الذي تعانيه الشركات هناك أن أصبح كل من يستطيع التمييز بين فأرة الكومبيوتر والفأر الحقيقي قادرا على الحصول على راتب جيدجدا.
بل إن العنوان الذي وضع لتقرير حكومي فدرالي كان من أبلغ المؤشرات على رياح التغيير التي تعصف بعالم الاعمال الامريكي, إذ يقول وزير التجارة ويليام داليكان عنوان أول تقريرين هو: الاقتصاد الرقمي الناشئ .
ويضيف أما اليوم وبعد مضي 26 شهرا فقط فقد تخلينا عن كلمة الناشئ لانه أصبح هنا بالفعل بل إنه في الحقيقة أصبح القوة المحركة للاقتصاد الامريكي .
ويتابع القول ويظهر لنا هذا التقرير أن فوائد تكنولوجيا المعلومات آي, تي تنتشر بسرعة في كافة المجالات وأنها ستلمس في نهاية المطاف كافة الاعمال من المتاجر العائلية الصغيرة إلى أكبر المؤسسات الاستثمارية .
وأظهر التقرير أن صناعات تكنولوجيا المعلومات التي تنمو بسرعة كبيرة تشكل ثلث النمو الاقتصادي الفعلي للولايات المتحدة منذ عام 1995 مما يجعل الولايات المتحدة تتمتع بمعدلات إنتاجية عالية وتوفر لمواطنيها نسب تضخم ضئيلة وأجوراً فعلية أعلى.
وقد ارتفع معدل النمو الانتاجي ما بين عامي 1995 و 1999 بنسبة 2,8 في المائة وهو ضعف النسبة نفسها مابين عامي 1973 و 1995 والتي بلغت 1,4 في المائة, ويبشر التقرير بأن الولايات المتحدة أصبح لها اقتصاد جديد .
ويوجد هذا الاقتصاد الجديد فرص عمل على نحو سريع وبأجور خيالية.
فمتوسط أجور الوظائف المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات يقارب 58 ألف دولار سنويا وهو ما يفوق متوسط الاجور في القطاع الخاص بنسبة 85 في المائة.
وخلص التقرير أيضا إلى أن الاتصال بالإنترنت في أنحاء العالم المختلفة تزايد بنسبة 78 في المائة خلال العام الماضي ليصل عدد من يمكنهم الاتصال بالانترنت إلى 304 مليون شخص، أي بزيادة قدرها 100 ضعف عن عددهم عام 1994 الذي لم يتعد ثلاثة ملايين شخص.
وتشير دراسة أخرى منفصلة أجرتها شركة سيسكو سيستمز عملاقة شبكات الكومبيوتر إلى حدوث طفرة في عدد الامريكيين الذي يشغلون وظائف متصلة بتكنولوجيا المعلومات حيث وصل إلى 2,5 مليون شخص وهو ما يعني أن أمريكيا واحدا من بين كل خمسين يعتمد في كسب قوته على اقتصاد الانترنت بزيادة قدرها 36 في المائة عن عام 1998.
وكانت أكبر معدلات النمو في هذا الصدد هي التي تحققت في شركات مثل سيسكو التي تتخصص في البنية التحتية الاساسية للشبكة المعلوماتية اذ زادت نسبة التوظيف بها بنسة 48 في المائة ليصل إجمالي عدد عامليها إلى 779 ألف موظف.
أما صناعة البرمجيات فشهدت نموا بسنبة الثلث تقريبا من عدد الموظفين الذي وصل إلى 680 ألف شخص، في حين تزايد عدد الموظفين في مواقع الانترنت مثل ياهو على سبيل المثال إلى 340 ألف شخص بزيادة نسبتها 17%.
كما أظهرت الدراسة أن الشركات التي عرفت طريقها للاستفادة من الانترنت تحلت بمستوى كفاءة اكبر وحققت قدرا أكبر من النجاح مقارنة مع غير ذلك من الشركات.
كما تنبأ كاتبو الدراسة بتزايد معدلات الانتاجية بشكل متواصل في الفترة القادمة نظرا لتحول المزيد من المجالات إلى الاستعانة بتكنولوجيا الانترنت.
غير أن هذه الصورة الساطعة تغشها الغيوم في بعض الاحيان, ففي العديد من المناطق التي تحولت لمراكز الاسواق تكنولوجيا المعلومات وجد السكان القدامى أنفسهم مجبرين على مغادرة المناطق التي سكنوها على مر أعوام طويلة بسبب الاسعار الفلكية للمنازل هناك, فمتوسط أسعار المنازل في سيليكون فالي يتراوح حول 500 الف دولار.
وهناك الكثير من فرص العمل التي لم تقتنص بعد في مجال تكنولوجيا المعلومات في الولايات المتحدة مما استتبع تدفقا هائلا على البلاد من قبل أجانب من ذوي الخبرة في هذا المجال, غير أن هؤلاء لا يحصلون إلا على أدنى الاجور والحقوق عند شغلهم هذه الوظائف.
وهناك مؤشرات أخرى عديدة تشير إلى أن الموظفين من ذوي الخبرة يعانون من ضغوط هائلة وأن حياتهم الاسرية ترزح تحت وطأة سعيهم الدائم لتحقيق أهداف العمل الخاصة بهم.
ولكن وبالرغم من كل شيء فهذه أخبار جيدة كما يقول ستيف ليفي الخبير الاقتصادي في سيليكون فالي , ويضيف: الطريقة المثلى لاختبار هذا هو أن نسأل: هل تحبذون العودة إلى نصف معدلات الانتاجية الحالية بأجور أقل؟ .
|
|
|
|
|