| مقـالات
منذ سنوات كان الشعب السعودي يتابع رحلة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان الفضائية، ساعة بساعة، منذ أن انطلقت به المركبة الفضائية إلى أن استقبله إخوانه الأمراء على سطح الأرض، وكانت رحلة موفقة، إذ هي أول رحلة لسعودي يخرج إلى الفضاء، وقد تابع الشعب السعودي ما قرىء وكتب في وسائل الإعلام عن المشاركة السعودية في ارتياد الفضاء, واليوم يعود صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان من السياحة في الفضاء الى السياحة في الأرض، حيث يقوم دليلا سياحيا لافواج السياح الذين سيتوافدون على المملكة العربية السعودية، فقد خبر الفضاء ولن تعجزه سياحة الارض، فهو خير من يقوم بهذه المهمة، فالسياحة في المملكة بكر، ومجالاتها واسعة ومتعددة، بالاضافة إلى أن السياحة اليوم صناعة، فإذا أحسن استثمار الموجود عن طريق حسن الصناعة السياحية، فإن هذا المرفق سيكون مصدر دخل للمواطن، الذي أصبح يتلمس مصادر رزقه في أي مجال، والسياحة مجال جديد، قد يتيح للمواطن دخلا أفضل من مجالات أخرى، يطرقها اليوم من أجل تحسين دخله, فبلادنا المملكة العربية السعودية واسعة الأرجاء، مختلفة التضاريس، متغيرة المناخ، تكمن في أحشائها حضارات بائدة ويظهر منها ما عجزت الرياح عن طمسه، فالحضارات التي طمرتها الرمال يبحث عن مظانها؛ فقد قدم أعرابي على معاوية بن أبي سفيان وأخبره عن مدينة عاد، وأنه شاهدها في الرمال الجنوبية من الجزيرة العربية بقصورها ومبانيها، وقد أرسل معاوية رجالا مع الاعرابي، طلب منهم الوقوف على تلك القصور، ثم وقف الخبر عند هذا الحد، فإما أن يكون الوفد المرسل قد هلك في الصحراء، أو تقطعت به السبل، أو أن معاوية توفي قبل رجوعه، وقد يكون خليفة معاوية وهو ابنه يزيد غير مهتم بتلك الآثار اهتمام أبيه، مع ما يشغله من الاختلافات التي ظهرت في عصره، فانشغل باعادة الأمور إلى أوضاعها في زمن أبيه، وانصرف عن الوفد المرسل وغيره، ولكن ذلك الخبر يحفزنا على البحث والتحري عن مدينة عاد التي طمرتها الرمال، في رمال الجزء، وهي ما تعرف برمال الربع الخالي، فتلك الرمال لا تبقي شيئا ظاهرا على وجه الأرض، ولا شك ان رحلة صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز في الربع الخالي منذ عشر سنوات أو نحوها قد أوقفته على شيء من معالم الربع الخالي، فلديه الأدلاء ، والأدوات التي تعينه على الاهتداء إلى معالم الربع الخالي، وعلى الرغم من متابعة كثير من القراء لتلك الرحلة فإنها لم تعط الكتابة الكافية، فقد كتب عنها الكاتب المعروف راشد الحمدان، وهو ممن رافق صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز وصحبه، ولكن كتابته لم تأت بكل ما يتطلع إليه القارىء عن تلك الرحلة، فالربع الخالي مجال خصب للسياحة في رماله، التي يمكن استثمارها في مجالات سياحية مختلفة، وفي البحث عن مدنه المختفية، مثل المدينة التي أشار إليها الأعرابي في زمن معاوية ومن المعروف أن بعض الأمراء الأجلاء قد قاموا برحلات لهذا الجزء الغالي من بلادنا، ولكنهم لم يدونوا مشاهدهم؛ فقد حدثني أحد المرافقين لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبدالعزيز بن سعود بن فيصل في رحلة له في الربع الخالي منذ أربعين سنة، دامت ثلاثة أشهر كاملة عن مشاهدات تدل على وجود آثار، ولكنني لن أعرضها في هذا المقال لصعوبة التثبت منها في الوقت الحاضر، فقد رآها محدثي قبل ما يقرب من نصف قرن، والرمال تغير المعالم، وبما أن ما شاهده الأعرابي في زمن معاوية يصعب الوقوف عليه الآن، فإن ماشاهده صاحب الرحلة القريبة يصعب الوقوف عليه الآن أيضا، ولكن تلك الأخبار تدفعنا إلى استثمار صناعة السياحة والآثار، في محاولة للكشف عن آثار الربع الخالي، التي يثبت وجودها التاريخ، والاخبار الشفوية، والمشاهدات من قبل من زار تلك البلاد في القريب أو في البعيد, وبما أن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان قد وكل إليه أمر السياحة في هذه البلاد، وقد شاهد الربع الخالي وهو في مركبته الفضائية ، فإنني أدعو سموه إلى الوقوف على هذا الجزء البكر من بلادنا ومعاينته عن قرب، ليجمع بين النظرتين، ويعطي الربع الخالي ما يستحقه من الاستثمار السياحي، والله الموفق.
|
|
|
|
|