| الشباب و الزواج
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد.
حث الإسلام ورغب في الزواج قال تعالى :فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع وقال تعالى :وانكحوا الأيامي منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم وقال تعالى :ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج وقال صلى الله عليه وسلم في رده على من أراد التشديد على نفسه وحرمانها من الزواج قال عليه الصلاة والسلام :أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله أني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني .
فالزواج إذاً امتثال لأمر الله ورسوله وبه يحصل الرحمة والسعادة في الدنيا والآخرة وفيه فوائد عظيمة ومنها تحصين الفرج وحماية العرض وغض البصر وسكن النفس واطمئنان القلب وتكثير الأمة الإسلامية قال صلى الله عليه وسلم :تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة فبالكثرة تقوى الأمة وتكتفي بذاتها عن غيرها من الأمم.
فحرياً بنا أن نهتم بدراسة العقبات التي تعترض كثيراً من الشباب والشابات وتمنعهم من الزواج وإيجاد الحلول لتلك العقبات ومن أهم هذه العقبات المغالاة في المهور ونفقات الزواج والمفاخرة بها والاسراف والتبذير في ذلك حتى صار الزواج من الأمور الشاقة على كثير من الراغبين في الزواج ويضطر البعض لشغل ذمته بالديون من أجل تحقيق حلمه بالزواج وهذا خلاف المشروع قال النبي صلى الله عليه وسلم :أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة وقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم وأبو داوود والنسائي عن أبي سلمه بن عبدالرحمن قال سألت عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت :كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشّا قالت أتدري ما النشُّ قلت لا قالت : نصف أوقية فذلك خمسمائة درهم.
وقال عمر رضي الله عنه :ما علمت رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح شيئاً من نسائه ولا أنكح شيئاً من بناته على أكثر من اثنتي عشرة أوقية قال الترمذي حديث حسن صحيح.
وثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج امرأة رجلاً بما معه من القرآن ، وقال عمر رضي الله عنه : لا تغلوا صدق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخر كان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم ، رواه الخمسة وصححه الترمذي ، فيجب تذليل هذه العقبة وليتذكر الجميع أن المرأة ليست سلعة بل هي أكرم من ذلك فهي أمانة في عنق وليها فعليه النظر في مصلحتها ولا ينظر للمال فهو عرض يزول ويعود.
أيضاً من العقبات التي تواجه الشباب امتناع الأولياء من تزويج بناتهم من الرجال الأكفاء الذين يتقدمون لخطبة ابنته لحاجة في نفسه وهذا لا يجوز قال تعالى :فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ألا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض .
فيجب على ولي المرأة أن ينظر إلى ما فيه سعادة موليته في الدنيا والآخرة ويختار لها الرجل الكفء في دينه وخلقه ورضيته ابنته.
أيضاً من العقبات عزوف كثير من الشباب والشابات عن الزواج بحجة مواصلة الدراسة والعمل وهذا فهم خاطئ فالنكاح لا يمنع ولا يعيق الدراسة والتحصيل العلمي بل ربما كان عوناً على ذلك إذا وفق الزوج بزوجة صالحة ووفقت الزوجة بزوج صالح وسادت بينهما المودة والألفة وصار كل واحد منهما عوناً لصاحبه، وهذا أمر مألوف وحاصل في كثير من الأسر بل أن العزوف عن الزواج من قبل الفتاة وردها الخطاب لإكمال دراستها ربما يفوت عليها سعادة النكاح والأولاد إلى الأبد فتندم على ذلك.
فالواجب على الجميع الاهتمام بتلك العقبات والتعاون في تيسيرها وتذليلها لما في ذلك من التعاون على البر والتقوى والتعاون فيما يخدم المصلحة العامة للفرد والمجتمع في الدين والأخلاق ، ومع ذلك كله ومع وجود بعض العقبات في مجتمعنا فقد سرني كثرة الزواج في السنوات الأخيرة بين الشباب حسب الاحصائيات الموجودة لدينا في المحكمة فقد بلغ عدد عقود الأنكحة التي تم اجراؤها داخل محكمة الضمان والأنكحة بالرياض وعن طريق مأذوني الأنكحة التابعين للمحكمة ما مجموعه أربعة عشر ألفاً وستمائة وسبعة وستون عقد (14667) خلال الأربع سنوات الماضية فقط.
وهذا العدد يخص محكمة الضمان والأنكحة وهناك من المأذونين من يتم التصديق لهم عن طريق المحكمة الكبرى.
وفي الختام لا ننسى أن نذكر أن من أراد النكاح من أجل إعفاف نفسه فإن الله عز وجل يسهله له فالنكاح سبب لكثرة الرزق والغنى قال الله تعالى :وانكحوا الأيامي منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :ثلاثة حق على الله عونهم وذكر منهم الناكح يريد العفاف ، وقال أبو بكر رضي الله عنه أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
عن تجارة الرياض
|
|
|
|
|