كنت منقولا من عملي في المدينة الى القرية، وبما اني شرطيا جوالا فقد باشرت العمل مع زميلي الجديد الذي عمل في هذه القرية لعدة اعوام.
بعد شهر تقريبا، وأثناء جولتنا، لاحظت شابا يدور حول حفرة ثم يقف وينظر فيها ثم يعاود الدوران، لقد تكرر هذا المشهد امامي عدة ايام، ولم يكن احدا من الناس يعير هذا الشاب ادنى اهتمام، لكنه اثار فضولي بفعله الغريب، قلت لزميلي:
هل ترى ذاك الفتى هناك؟
نعم اني اراه منذ ايام,, هل في الأمر شيء؟
نعم,, ان دورانه ووقوفه ثم نظراته في الحفرة تدعو للغرابة.
لا تشغل تفكيرك به,, دعه وشأنه.
لكني لن أرتاح حتى أعرف سر هذا الدوران ونتيجة تلك النظرات.
اذا كنت عازما,, فدونك الفتى، اسأله.
ترجلت من السيارة تقدمت نحوه، انه لا يكف عن دورانه، ها هو يكرر الرقم (تسعة وخمسون,, تسعة وخمسون) ما زال يدور، لقد توقف,, انه ينظر في الحفرة,, لقد دار من جديد متلفظا بنفس الرقم (59) ما زال يدور وهو يكرر نفس الرقم، اقتربت منه سألته (لماذا تدو,,,) لم استطع ان اكمل السؤال,, امسكني بغته وقذف بي في الحفرة, وتابع دورانه قائلا (ستون,, ستون,, ستون,, ستون,,).
خرجت من الحفرة غاضبا، لقد تجمهر بعض الناس,, انهم يضحكون، اما هو فما زال يدور,, أمسكت به، وقلت بغضب: (كيف تجرؤ على فعل ذلك بي؟)، لم يجبني، بل لم ينبس ببنت شفه، لقد اكتفى بالنظر لي وبينما نحن كذلك قال أحد المتجمهرين حولنا: (أتركه انه مجنون).
وصل زميلي ايضا وطلب مني ان اتركه مبررا ذلك بانه مجنون.
|