| مقـالات
يبدو أن الميول الدرامية لدى البشر هي نزعة متأصلة وعميقة بداخلهم, وهي التي تجعلهم ينفلتون من الواقع اليومي المعاش الى واقع اسمى منه على مستوى الرموز والايحاءات والعيش بجانب من الأماني الدفينة المخبأة في اعماقهم من خلال اعادتهم ولو على سبيل الترميز والاحالة، تماماً كما يقرر الأطفال أن يلعبوا لعبة الفارس والديناصور لانهم من خلال هذه الألعاب ينعتقون من مخاوفهم الشخصية أمام هذا الكون الواسع ويستطيعون قمع الوحوش المخيفة التي من الممكن ان تهدد أحلامهم الليلية.
وتحلم الغالبية من الفتيات بأن يتحولن الى أميرات اسطوريات يختطفن ليلة قمر فضي على صهوة جواد أبيض باتجاه المدن المسحورة, ويبدو ان أنسب مكان لتحقيق هذه الأحلام هو صالات الأفراح في مدينة الرياض والذي تختبىء نهاراته الطويلة خلف قيلولة عميقة لتستيقظ في المساء على ولولات المغنيات اللواتي قد يجدن كل شيء إلا الغناء في صالات الأفراح, وعندما تختفي الدراما عن خشبة المسرح فانها لابد ان تظهر من خلال تجليات مغايرة ولكنها لحمل نفس الملمس والنسيج حيث تعيش كل فتاة تلك الليلة بطولتها الوحيدة في عمرها! وتنخرط جميع أدوات المسرح في صنع اجوائها الخاصة من أضواء وتصميم للرداء الذي سترتديه، وطلتها الأولى على الحضور هل هي برفقة فارس أحلامها أم سيتبعها لاحقاً؟؟ والخلفية المسرحية والتي اتفق العامة على تسميتها الكوشة !! وهل ستبقى وحيدة هناك تتبادل النظرات الباسمة مع المدعوين أم سيرافقها بعض من الأطفال، أو لربما مجموعة من الصديقات اللواتي سيتبادلن الأدوار بحرص ودقة.
الرياض مستغرقة هذه الأيام في صناعة تفاصيلها الدرامية الخاصة، لتؤكد بأن النزعة الدرامية هي حاجة عميقة ومتأصلة في أعماقنا، ومن هنا اختبأ خلف هذا صناعة كاملة يندرج تحت ستارها المرتزقة والمستنفعون ونهازو الفرص، ومدعو الفن، وعشرات العرائس اللواتي يحلمن بعروش اسطورية تدوم لليلة واحدة فقط، لذا مهما حاولنا أن نخدع الدراما ونخفيها بداخل صناديق مصمتة فهي لابد وان تظهر او قد ترسل رسالته السرية كتعبير عن ميل طبيعي وعميق داخل البشر.
|
|
|
|
|