| ملحق الاستثمار في الأسهم
للوقوف على رؤية تحليلية متخصصة عن سوق الأسهم السعودي ولمعرفة المزيد عن السوق وهيكلته ونظامه وما يواجه من عوائق ومشكلات والوسائل البديلة لتطويره وتحقيق تطلعات المستثمرين نحوه، فقد قام الملحق بتوجيه استفساراته حول ذلك إلى مركز بخيت للاستشارات المالية الذي يقوم من واقع نشاطه بمراقبة السوق وتقييمه وطرح الحلول المناسبة لتطويره وذلك ضمن الدور الاستشاري المتخصص الذي يقوم به المركز للمساهمة في تحليل واقع النشاطات الاستثمارية والتخطيط لها وتطويرها,
وقد تفضل مدير عام المركز الأستاذ بشر بخيت بالتجاوب التام مع الملحق مشيداً بأهدافه نحو تثقيف المساهم والمستثمر في سوق الأسهم، حيث قام المركز مشكوراً بإعداد تقرير خاص للملحق حمل الكثير من الإضاءات التي تعطي فكرة واضحة عن السوق وما يحتاج إليه من جهود تنظيمية وتطويرية مختلفة وفيما يلي محتوى التقرير:
يمكن اعتبار بداية إصدار المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية في فبراير من عام 1985 هي البداية التي يمكن منها متابعة أداء السوق بطريقة علمية، أي ما يزيد على 15 عاماً من الآن، وقد تطور السوق خلال هذه المدة تطوراً ملحوظاً خصوصاً بعد بدء التداول عن طريق النظام الآلي ESIS والذي يعتبر من أكفأ أنظمة تداول الأسهم في الدول الناشئة. ويعد سوق الأسهم السعودي أكبر سوق في العالم العربي من حيث الحجم، إذ يبلغ حجمه 51 بليون دولار أمريكي وهو تقريباً ضعف حجم السوق الذي يليه في الترتيب وهو سوق الأسهم المصري. وسيكون للسوق السعودي بعد فتح الاستثمار المباشر في الأسهم للأجانب جاذبية خاصة من بين الأسواق العربية، نظراً لحجمه، وكذلك وجود بعض الشركات في السوق ذات الصبغة العالمية مثل سابك والتي تحتل المرتبة الأولى من حيث الحجم من بين جميع الشركات المتداولة في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى وجود أكبر البنوك في العالم العربي مثل البنك الأهلي التجاري والمتوقع إدراجه قريباً في السوق، و شركة الراجحي المصرفية للاستثمار والذي يعد أهم مصرف إسلامي في العالم وكذلك البنك السعودي الأمريكي أكبر بنك في الشرق الأوسط من حيث الحجم السوقي، بالإضافة إلى شركات الإسمنت التي تعتبر الأكبر في الشرق الأوسط. لكن السوق ما زال يواجه عدة سلبيات يجب النظر إليها بعين الاعتبار، ولا بد من إجراء عدة إصلاحات ضرورية، خصوصاً وأن المملكة التي على عتبة الدخول إلى منظمة التجارة العالمية وهي عازمة على تصحيح الأوضاع الاقتصادية المحلية، كما أنه تم الإعلان عن فتح الاستثمار المباشر (الصناعي) للمستثمرين الأجانب. ولكي نستطيع أن نطور في وضع السوق، يجب علينا أن نتفحص السلبيات ونحاول إيجاد حلول مناسبة لها، وتتمثل سلبيات سوق الأسهم السعودية في النقاط التالية:
1- عدم وجود سوق رسمي للأوراق المالية السعودية. في الواقع لا يوجد في السعودية سوق نظامي فعلي. إذ أن السوق الحالي هو عبارة عن شاشات للتداول عبر وحدات تداول مركزية موجودة في البنوك المحلية فقط وتقوم مؤسسة النقد العربي السعودي بالإشراف على هذا النظام، فمن ناحية ميكانيكية التداول، فإن هذا النظام متطور جداً، أما من الناحية التشريعية، فهو لا يرقى إلى مستوى نظام سوق الأوراق المالية (البورصة), فالبورصة أو السوق المالي هي الطريقة المنظمة لتداول الأوراق المالية، وقد كنا دائماً ندعو إلى إقامة هذا السوق، إذ يعكس السوق المالي المنظم الوضع بشفافية أكثر من الأنظمة الأخرى. أما سوق الأسهم السعودي الحالي فهو سوق تنقصه عدة معايير هامة لكي يكون سوقاً مالياً منظماً، فقد ولد هذا السوق ولادة قيصرية وليس ولادة طبيعية كأي سوق آخر، فهو لم يعتمد عند إنشائه على المبدأ الأساسي للسوق الحر، وهو التوزيع الكفء ما بين الذين لديهم رؤوس أموال (ويسمون المستثمرون) والذين يحتاجون إلى رؤوس الأموال هذه لمشاريعهم، وبالتالي فهذه هي ميكانيكية العرض والطلب، بل كان الهدف على سبيل المثال هو سعودة المصارف الأجنبية العاملة بالمملكة أو إعطاء المواطن حصة من دخل البتروكيماويات مثل سابك أو دعم الشركات الزراعية من أجل تنمية الأمن الغذائي في المملكة.
وبما أننا بصدد إنشاء سوق مالي منظم فإننا بحاجة إلى إنشاء هيئة مستقلة لإدارة هذه السوق، لعدة أسباب، أهمها مشاركة الأفراد والمستثمرين في القطاع الخاص في إدارة السوق، وكذلك من أجل توحيد الجهود والقوانين المتعددة لدى وزارة التجارة ووزارة المالية والاقتصاد الوطني الجهتين المسؤولتين حالياً عن سوق الأسهم، وتصريحات معالي وزير المالية والاقتصاد الوطني الدكتور إبراهيم العساف تشير إلى قرب إنشاء هذه السوق.
2- عدم وجود قطاع للخدمات المالية: إن سوق الأسهم السعودي في حاجة إلى وجود شركات متخصصة فيما يسمى بالخدمات المالية، كالمصارف الاستثمارية وشركات إدارة الأموال، وشركات الوساطة المالية، وشركات التأمين، وهي شركات ضرورية من أجل تكامل القطاع المالي، إذ نتج عن عدم وجود مثل هذه الشركات ضعف في التنافسية واحتكار هذا المجال الذي يدفع العميل ثمنه في نهاية الأمر. فالمملكة على عتبة الدخول إلى منظمة التجارة العالمية، والمصارف الأجنبية ستدخل دائرة المنافسة القوية مع المصارف المحلية، وقد تتغلب عليها في حال عدم الاستعداد الجيد لمواجهتها، إذ يجب علينا أن نجهز أنظمتنا المحلية من خلال السماح بإنشاء شركات خدمات مالية سعودية مع مراعاة وجود رقابة صارمة من أجل حماية المستثمرين وذلك قبل قدوم المصارف الاستثمارية والشركات المالية الأجنبية الكبرى إلينا، فهذه تعتبر الفرصة الأخيرة لنا، وإلا فسيفوت الأوان.
3- ضعف التحليلات والتقارير المالية المتخصصة. إن الاستثمار في الأسهم يتطلب معرفة تامة بالشركات المدرجة، وأي منها يفضل الاستثمار فيه وأي منها يجب الابتعاد عنه. وهذه العملية تسمى بانتقاء الأسهم، إذ يجب أن تقوم على أسس علمية لا على الإشاعات و ما يدور في صالات التداول حالياً. وبالفعل فإن السوق السعودي يشكو من قلة التحليلات والتقارير المالية عن السوق. وفي اعتقادنا فإن هذا من واجب الوسطاء (الغير موجودين حالياً في سوق الأسهم السعودي) في المقام الأول وهم الذين يتم عن طريقهم تداول الأسهم، وهم الذين يجنون الربح الأكبر من عمولات بيع وشراء الأسهم.
4- الشفافية والإفصاح والتزام الشركات بنشر قوائمها المالية. يعاني سوق الأسهم السعودي من مشكلة يعاني منها معظم الأسواق العربية والناشئة، وهي الشفافية والإفصاح. فعلى الرغم من أن النظام يلزم الشركات المساهمة بنشر قوائمها المالية كل ربع سنة، إلا أن الشركات لا تفصح عن كل البيانات، وعلى سبيل المثال، فإن شركات الإسمنت لا تعلن عن قيمة مبيعاتها ولا تكلفتها، بل تكتفي بنشر الصافي فقط، وبالتالي فإنه يصبح من الصعب تحليل البيانات المالية لهذه الشركات. أيضاً لا يتم الإفصاح عن نسب تملك المساهمين في الشركات المساهمة، وهو أمر ضروري في الأسواق العالمية، وكذلك تأخر العديد من الشركات المساهمة في نشر قوائمها المالية في مواعيدها المحددة، إذ أشارت الإحصاءات مؤخراً إلى أنه خلال السنوات الخمس الماضية تأخرت 32% من الشركات المساهمة في نشر قوائمها المالية فيما لم تنشر 5% من الشركات قوائمها المالية بتاتاً.
5- قلة عدد الشركات المدرجة في السوق عند مقارنة السوق السعودي بأسواق الدول الناشئة من حيث عدد الشركات المدرجة، نجد أن السعودية تحتل المراتب الأخيرة، فمتوسط عدد الشركات في الدول الناشئة في حدود 300 شركة. صحيح أن المهم هو النوع لا العدد، لكننا إذا نظرنا إلى الشركات المدرجة في السوق، نجد أيضاً أن عدداً قليلاً منها يشكل حجمها القسم الأكبر من السوق، وإذا وضعنا في حسباننا اندماج شركات الكهرباء العشر في شركة واحدة فإن عدد الشركات في السوق سينخفض إلى 64 شركة فقط. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، كيف يمكن زيادة عدد الشركات المدرجة في السوق؟ والجواب يمكن حصره في أمرين، أولاً: في التخصيص، وهو أمر قادم، إذ ينتظر السوق إدراج عدد من الشركات العملاقة مثل الاتصالات السعودية و الخطوط السعودية. أما الأمر الآخر وهو الأهم فهو في تحويل الشركات العائلية الضخمة الموجودة في السعودية إلى شركات مساهمة إضافة إلى تسهيل عملية إنشاء وإدراج الشركات الناشئة الجيدة. أيضاً يجب أن يكون هناك تنويع في نشاطات الشركات المدرجة، فالشركات الكبرى في السوق حالياً إما تنتمي إلى القطاع المالي، أو قطاع الإسمنت، وشركتين أو ثلاث في قطاع الصناعة.
6- الشركات المتعثرة. استكمالاً للموضوع السابق حول قلة عدد الشركات المدرجة في السوق، يواجهنا موضوع آخر، وهو الشركات المتعثرة في السوق السعودي، والتي يأتي في مقدمتها شركات الكهرباء والزراعة، يليها بعض شركات الخدمات والصناعة. أما شركات الكهرباء فقد تم اتخاذ القرار بشأنها كما ذكرنا سابقاً. أما الشركات الزراعية، ففي اعتقادنا أنها تعاني من مشاكل عدة، وبعضها وصلت نسبة الخسائر المتراكمة فيها إلى أكثر من نصف رأسمالها، بالإضافة إلى أن القطاع بأكمله يشكل حجمه أقل من 0,5% من إجمالي حجم السوق.
أما الشركات المتعثرة الأخرى فهي في الواقع تعاني من مشاكل إدارية عدة, فيجب تسوية أمور هذه الشركات لإعطاء السوق مصداقية لدى عموم المستثمرين, فأن تخسر شركة فهذا أمر وارد لكن أن لا نحاول التعامل مع أسباب الخسائر فهو أمر غير مقبول.
|
|
|
|
|