| ملحق الاستثمار في الأسهم
يمثل التحليل العلمي لسوق الأسهم السعودي مطلباً حيوياً لمعرفة وضع السوق ومدى استفادته من معطيات الاقتصاد الحديث ومواكبته لحركة الأسواق العالمية التي تعتمد على التقنية وسرعة المعلومة ودقتها.
ذلك أن مثل هذا التحليل يعطي نظرة موضوعية فاحصة لمستوى السوق واتجاهاته المستقبلية، ومكامن الخلل به وسبل تنميته وتطويره.
وفي هذا الصدد توجهنا بسؤالين محددين إلى الأكاديمي والباحث في شؤون السوق الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن إبراهيم الحميد أستاذ المحاسبة والمراجعة بجامعة الملك سعود ، حول وضع السوق المالي من الناحية العلمية ووسائل تطويره فتفضل مشكوراً بالإجابة على ذلك بإيجاز ووضوح فيما يلي:
* من منظور أكاديمي , ما هو تقييمكم المالي العلمي للأسهم المطروحة في السوق ؟
لقد تطور التحليل المالي خلال الخمس سنوات الماضية تطوراً هائلاً ارتكز على محور أساسي هو النظر إلى التوقعات المستقبلية على المدى الطويل ، فقد كان التحليل المالي الكلاسيكي يعتمد بالدرجة الأولى على مخرجات القوائم المالية وينطلق منها لاحتساب مؤشرات كلاسيكية تنبئ بالمستقبل كالقيمة الدفترية مثلاً، ونسب السيولة وغيرها.
وبدأ الآن التركيز على مؤشرات حديثة كمؤشر النمو الذي إذا مزج مع مؤشر الربحية قد يعطي دليلاً على احتمالية التوقعات المستقبلية ، والمثال الواضح على هذا الاتجاه يتمثل في أسعار أسهم شركات التكنولوجيا في الأسواق العالمية، وإذا أخذنا هذا المنظور في الاعتبار فإننا من الناحية النظرية نجد أن القطاع البنكي في المملكة يمثل أهم القطاعات التي تعتبر مغرية للمستثمر سواء استخدمنا التحليل المالي الكلاسيكي أو الحديث ، وذلك شريطة أن تستمر مزايا الامتياز التي تحصل عليها البنوك في المملكة، ولا أدري ماذا سيكون مصير التوقعات المستقبلية للنمو في القطاع البنكي في ظل فقدان البنوك لهذه الميزة ، فقد يؤثر بشكل جذري السماح لفروع البنوك الأجنبية بالعمل في المملكة على مستقبل القطاع البنكي بصورة سلبية، وقد يكون ذلك حافزاً للبنوك لتعمل على زيادة كفاءة استخدام أصولها والمنافسة العالمية.
أما القطاع الصناعي فما زالت هناك عدة شركات قيم أسهمها تقل بكثير عن نتائج التحليل المالي سواء الحديث أو الكلاسيكي ، ولو تم مقارنتها بمثيلاتها في الأسواق العالمية لاتضح للمستثمر أن مثل هذه الأسهم ذات مردود مالي مستقبلي كبير جداً، كما أن هناك عدة شركات صناعية ما زالت أسعارأسهمها تقل بكثير عن قيمها الدفترية على الرغم من وضوح استراتيجياتها ونموها في المستقبل ، وتعتبر مثل هذه الأسهم مغرية للمستثمرين على المدى الطويل ، وإلى جانب ذلك هناك عدة شركات صناعية أخرى لم تحدد استراتيجياتها، فبعضها بدأ بدون دراسة جدوى اقتصادية علمية مع عدم اكتمال الإفصاح عن المعلومات المالية مما يتعذر معه إيجاد ضابط للاستثمار بها سواء استخدمت المؤشرات الكلاسيكية أو الحديثة، وهذا من العوامل التي تؤدي بالطبع إلى إحجام المستثمرين عنها.
أما قطاع الخدمات فجل الشركات في هذا القطاع ما عدا شركتين أو ثلاثاً يصعب الحكم على مستقبلها لعدم توفر معلومات دقيقة عن أوضاعها ، كما أن جلها يحقق خسائر مستمرة على الرغم من أن بعض قيمها السوقية أقل من الدفترية ، وفي ظل عدم وضوح المستقبل لهذه الشركات واستمرار مسلسل الخسائر ولكي تكون مغرية للمستثمرين فلا بد من النظر في إعادة هيكلتها واستراتيجياتها (الهندرة), وبدون أدنى شك فإن قطاع الخدمات في المملكة وأيضاً في العالم يعتبر من أربح القطاعات ، ولكن يبقى وضوح الهدف والعمل على تنفيذه بحزم هو الفاصل في هذا الأمر ، ويمكن بكل سهولة مقارنة إحداها - كالمواشي مثلاً - مع الشركات المماثلة في الخليج العربي لنعرف السبب, أما قطاع الكهرباء فأعتقد أنه باندماج الشركات جميعها في شركة واحدة فإن كامل القطاع سيتحول إلى وحدة واحدة ، وما زال الوقت مبكراً للحكم على مستقبل هذا القطاع من ناحية التحليل المالي نظراً لعدم توفر المعلومات الكافية عنه ، ولكن في ظل المعلومات المبدئية والتصريحات الأخيرة وأخذاً في الاعتبار أن عملية الاندماج ستؤدي إلى رفع كفاءة استخدام الأصول ، فإن هذا القطاع يعتبر مغرياً على المدى المتوسط والبعيد.
وأخيراً فإن القطاع الزراعي يعاني منذ سنوات مشكلة عدم التعايش مع تقلص الدعم الحكومي ، ولم تتعدل استراتيجياته ليتماشى مع الواقع ، ويستثنى من ذلك شركة أو شركتان فقط.
* ما هي المقترحات التي تراها لتطوير سوق الأسهم السعودي ؟
سبق أن طرحت في مقالات عدة مقترحات رأيت أن دراستها وتنفيذها ولو بعضاً منها قد يساعد على جلب استثمارات جديدة للسوق المالي السعودي ، ويهمني دائماً التأكيد على أن عصب وقوة أي سوق مالي تتمثل في استثمارات صغار المستثمرين ، وألخص فيما يلي بعضاً من هذه المقترحات:
1- ضرورة الاستعجال في إنشاء هيئة لتداول الأوراق المالية تكون مسؤولة عن السوق المالي بدءاً من إدراج أسهم الشركة في السوق ومتابعة دقة ووقتية الإفصاح عن المعلومات وانتهاءً بإخراجها من التداول.
وفي ظل استمرار الوضع الحالي فإن مسؤولية إدارة السوق مشتتة بين عدة جهات كل تدعي أنها صاحبة الصلاحية فيها.
2- ضرورة استقلال وسيط التداول ، فلا يمكن في أي سوق مالي أن يجمع وسيط التداول مهمتي التداول والوساطة معاً كما يحدث الآن في السوق السعودي ، فعملية التداول غير عادلة لكون البنوك تقوم بعملية الوساطة والتداول في آنٍ واحدٍ مما يؤدي إلى توفر معلومات لديها ليست مفصحة للعامة.
3- العمل بحزم على تنفيذ القرارات والتعليمات الوزارية الخاصة بتحريم عمليات التداول بناءً على معلومات خاصة ، ونحن نعرف أن الكسب من هذا الطريق يعتبر غير مشروع في ظل الشريعة الإسلامية كما أن جميع القوانين في دول العالم تجرم جني الأرباح باستخدام هذا الأسلوب.
4- ضرورة العمل على الإفصاح الكامل عن جميع العمليات التي تتم مع أطراف ذوي علاقة كما تتطلبها معايير المحاسبة السعودية.
5- سرعة إدراج الأسهم السعودية مباشرة على شبكة الانترنت ليتاح للمستثمرين الصغار خاصة النساء في منازلهن التداول مباشرة دون اللجوء للبنوك ، وهذا إجراء بسيط يمكن تنفيذه بكل سهولة في ظل توفر التكنولوجيا الحديثة، وأعتقد جازماً أن تنفيذه سيؤدي إلى رفع التداولات إلى أرقام خيالية.
6- العمل على نشر الوعي المالي بين أوساط المجتمع وبيان أهمية التوفير والاستثمار في الاقتصاد الوطني بدلاً من التهافت على الاستهلاك ، ولا شك أن الإعلام المحلي من صحافة وإذاعة وتلفزيون له دور مهم في هذا المجال.
|
|
|
|
|