أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 19th June,2000العدد:10126الطبعةالاولـيالأثنين 17 ,ربيع الاول 1421

الثقافية

السيرة الذاتية حصاد السنين لمحمد الغريض
د, مسعد بن عيد العطوي
السيرة الذاتية فن حديث، وليد الفن القصصي ومتفرع عن السيرة التاريخية وتلتقي السيرة الذاتية مع الرواية في امور كثيرة مضمونية وشكلية ولكي يرتفع اللبس، فان بعض النقاد اوجب كتابة ما يدل على ان هذا العمل الفني سيرة ذاتية ومن هنا كثر الخلاف حول بعض الروايات، فهناك من ينسبها الى الرواية وهناك من يصر على انها سيرة ذاتية واستهل هذا الخلاف بأول رواية عربية (زينب) لمحمد حسين هيكل, وكذلك (ثمن التضحية) لحامد دمنهوري وتجلى الخلاف الحاد حول رواية (شقة الحرية لغازي القصيبي، وكذلك روايات (تركي الحمد) وان كنت اميل الى ضرورة التدوين العلني للسيرة الذاتية مع ادراكنا ان الراوي يستمد من ذاته ومن واقعه كثيرا.
وقد اوسع الباحث الاستاذ عبدالله الحيدري الموضوع تقصيا وتمحيصا في كتابه (السيرة الذاتية في المملكة العربية السعودية) لكن صدر بعده عدد من السير الذاتية ومنها (حصاد السنين) للشيخ محمد الغريض المولود عام 1357ه وهو رجل أعمال واسع الشهرة في المنطقة الشمالية.
ولقد عرفت الشيخ محمد الغريض عندما تسلم عمارة مبنى المعهد العلمي بتبوك حينما كانت مديرا وقد تواصل التلاقي اثناء عملية التسليم التي كشفت عن خلق دمث يتسم بالسماحة فكان يستجيب لمتطلبات التعديل والاصلاح لكنه يبعث بأخيه الاكثر حدة كثيرا وكان لي موقف مع صاحب هذه السيرة اثناء افتتاح مبنى المعهد تحت رعاية امير المنطقة آنذاك سليمان تركي السديري ومعالي مدير جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية معالي الدكتور عبدالله التركي وقد حاولا ادخاله في برنامج الضيافة نظرا لغياب الغريض خارج البلاد عند وضع الجدول لاقامة معالي الدكتور وصحبه لكن المثالية جعلتني اتخذ موقفا حادا لكنه لم يؤثر علىالعلاقة بيننا وحلت القضية بما يرضي الاطراف وتلك قصة اعتز بها لما دار فيها من حوار في مرحلة العمل الاولى.
واعجابي بالغريض رجل الاعمال يعود لعصاميته وقدرته الفكرية والعملية ومنهجيته التي تحتاجها بلادنا لتنغرس في كيان الاجيال التي تبني الاقتصاد الفردي والجمعي.
والرجل يثني عليه اولئك الذين تعاملوا معه فهو يمد يد العون لهم وان كنا نطمع منه في بناء اعمال خيرية يبقى اثرها للمحتاجين من ابناء تبوك.
ونظرا لان دراسة هذه السيرة (حصاد السنين) تحتاج الى مساحة اوسع وزمن اطول فاني اوجز بعض سماتها ومنها:
1 ان هذه السيرة الذاتية لرجل الاعمال محمد الغريض (حصاد السنين) جديدة في جوانب متعددة فهي من شمال غرب المملكة التي لم تكتب عنها سيرة ذاتية من قبل، وهي تمثل الحياة في مدينة تبوك ما بين عامي 1357 حتى بداية الطفرة وان كانت هناك بعض الملامح المتواصلة الى يومنا هذا فالشيخ محمد الغريض رجل اعمال انطلق من هذه المدينة النائية في اقصى الشمال الغربي ليتعامل مع الحركة الاقتصادية داخل المملكة وفي بلاد الشام واوربا ومن معالم التجديد انها سيرة ذاتية لرجل اعمال لا لأديب او مفكر وما احوجنا لبناء الحياة العملية في مستهل العولمة المعاصرة وكذلك فانها تصور مدينة تبوك في العهد السعودي الزاهر.
2 هذه السيرة تصور حياة رجال الاعمال تصويرا ذاتيا تميل الى الأنا لكننا لا نعدم ملامح الصور الاجتماعية ذات العلاقة بهذه الشخصية وهي ملامح اجتماعية قديمة وحديثة ومنها:
بناء الدور فيما قبل منتصف القرن الرابع عشر الهجري ومما قاله عنها (هي بيوت بسيطة البناء والارتفاعات فقد كان الطوب اللبن والسقوف الخشبية والقناطر المعقودة من الحجر السمة الغالبة) وهي ذات ابواب واسعة ومزالج خشبية تلج اليها الابل ذات الاحمال وتكون عامرة بمجالس الرجال مفتحة الابواب للاضياف والزائرين وقد ادركت عددا من اولئك الافاضل في مدينة تبوك الذين كانوا يستقبلون الاضياف بأعداد كبيرة فالذين استوطنوا المدينة يفد اليهم اقرباؤهم ومعارفهم من القرى والبوادي.
* وهو يصور الحياة القروية التي تقترب من حياة البادية بل تتماثلان في كسب المعيشة لا سيما الرعي فهو يخرج من المدينة الى حيث المراعي الطبيعية الواسعة وكم كنت سعيدا وانا امتطي صهوة حمار,, وبعد ان تغيب الشمس,, وتتوارى عن الانظار معلنة ان وقت الغروب قد حان يعود الشقيقان وكل منهما يحمل الاعشاب والحطب على ظهر حماره) ص16.
* ويعرج على نقل معالم الاطعمة السائدة في المنطقة وكان عبارة عن خبز يفتونه في زبد وحليب وتمر بالحليب واحيانا يكون الخبز مغموسا بمرق اللحم او تصنع الوالدة الفاضلة المجللة باللبن الحامض وفي منتصفها منقع من الزيت او السمن).
ومعروف ان ابناء منطقة الشمال يوظفون اللبن وظائف متعددة وهم يضيفونه الى اللحم ولا طعم للحم بدونه عند متقدمي السن وما زالوا والى اليوم وهم يجمدون اللبن في ايام الربيع ثم يجعلونه ادما في سائر ايام السنة وتجميده له طرائق مختلفة لكنه يصنف للأكل وغالبا ما يخلط مع نوع من الاشجار وآخر خفيف الحموضة واشدها (المصرم) شددي الحموضة وهي لغة عربية فصيحة.
* ونرى ملامح التطور العمراني في تبوك، وكذلك الاقتصادي متماثلا مع تنامي سيرة الرجل فقد قام بالاعمال التجارية حين لا عمل الا التجارة، ثم المقاولات المعمارية كما بدأت حركة العمران ثم بناء الارصفة لميناء حقل واستيراد الاسمنت اثناء ازمة البناء المشهورة التي واكبت قروض البنك العقاري وتدفق العمالة للبلاد (وقمت بإنشاء ذلك الرصيف الذي يمكن له ان يستقبل البواخر التي تحمل في حدود 5000 طن من البضائع واصبحت استقبل البواخر من كل مكان وتلك من اتاحة الفرص للقطاع الخاص كي يتلاحم مع البناء فيفيد ويستفيد والرجل اعماله في ميدان الزراعة والصناعة والاستثمار العقاري في تبوك يشاركه ابناؤه فابنه الاكبر يشرف على النشاط الزراعي والعمراني وابنه الدكتور بشير يعمل في التدريس الجامعي وكثير من الاعمال الادارية وهناك من يعمل منهم في التجارة.
فالرجل له فضائله في تبوك ولتبوك فضائلها عليه فلست ادري ايهما ارجح وايهما اكثر عطاء للآخر.
* وهناك بعض الملحوظات على الكتب لعل المؤلف يتجاوزها في الطبعة اللاحقة.
غلب الجانب التجاري على العنصر الادبي المستضعف فالعنوان الخارجي للكتاب (مقاولات تجارية ومؤسسة الغريض، واما اذا تجاوزت الصفحة الاولى فانك تجد العنوان الادبي (حصاد السنين) وتظهر عليه سمة الزهد اذا ما قارنته بالغلاف الخارجي وكان الاولى جعل هذا العنوان بارزا في الغلاف الظاهري شأنه شأن سائر الكتب.
* اغفال المصادر والمراجع للمعلومات العامة والخاصة حتى ارقام الآيات القرآنية وتخريج الاحاديث النبوية فلم يحفل بالمنهج العلمي للهامش بل اغفل الكتب التي ألفت عن تبوك وان كنا نعذره لانه رجل اعمال وصاحب سيرة ذاتية فاننا لا نعذر المؤلفين الآخرين الذين كتبوا عن تبوك ومنهم الاكاديميون في التاريخ والآثار وهذا يقدح في الامانة العلمية ولم أر له مثيلا عند الباحثين في سائر مناطق المملكة.
* هناك تجاوزات مضمونية غير مقصودة كان ينبغي الحذر منها كقوله: (او كأنما كان القدر يعدني اعدادا,,) وقد تكررت مخاطبة القدر ص 10 و17 وكذلك حين عبر عن قدوم المساء قال: (وبعد ان تغيب الشمس عن كبد السماء وتتوارى عن الانظار معلنة وقت الغروب,,) ص16 فان انزياح الشمس عن كبد السماء يمثل وقتا مبكرا قبل الغروب.
وقد وعد الكاتب بكتابة الجزء الثاني وهذا يجعلنا نتمنى ونتطلع الى مزيد من الحديث عن الحياة الاجتماعية والفكرية والاقتصادية وعلاقتهما بالفرد والمجتمع سدد الله اعماله لصالح الدين والدنيا.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved