| مقـالات
نحن نعيش الآن فترة الإجازة الصيفية لأبنائنا الطلاب خصوصا طلاب المراحل ما قبل الجامعية,, ومن أسف أن هذه الإجازة تمثل قلقاً لأولياء الأمور، وتوتراً للأبناء,, لماذا؟ لأن فترة الإجازة طويلة، ولأن الطفل متحرك، بل دائب الحركة والنشاط الذي قد يزيد أحيانا عن طاقة استيعاب البيت له، فهو لا يسع كل حركته ونشاطه مما يضطره للخروج إلى الطرقات، ومما يدعوه للاختلاط بالرفاق ومنهم الصالح ومنهم الطالح، ولعبهم في الطريق يتسبب عنه الحوادث والإصابات والإضرار بالنفس والغير، فضلا عن إيذاء المارة من قائدي السيارات وعابري الطريق.
إن فترة إجازة الصيف فترة القلق والاضطراب في كل بيت، والمجال الطبيعي لامتصاص نشاط الطفل، وتوجيهه الوجهة الصحيحة هو النادي ولكن,, إنه بات أمراً بعيد المنال على كثير من العائلات في أن تحصل على عضوية في نادٍ رياضي؛ فضلاً عن أنه ليس متوافراً بكل المناطق أندية يمكنها أن تستوعب أطفال المنطقة عن بكرة أبيهم, هذا جانب، الجانب الآخر هو أن اشتراك الأندية ورسوم الالتحاق بها مرتفع للغاية، لحد أنه ليس في استطاعة كل العائلات أن تشترك في نادٍ فهو، أمر عسير بالنسبة لها، وليس لدى كل ولي أمر متسع من الوقت يمكنه من التوجه فيه إلى النادي مصاحباً لأبنائه بالإضافة إلى أن تجهيزات ومعدات الأندية بطبيعة الحال ليست من الاتساع الممكن والمتوافر لمقابلة احتياجات الأعداد الغفيرة من الطلاب القادمين إليه في الإجازة الصيفية خصوصا ما يلزم ممارساتهم.
من هنا نتجه إلى المدرسة واستكمالا لدورها الذي يتأسس في تشكيل شخصية الطالب وتنميتها معرفيا وسلوكيا وجسميا مع الوضع في الاعتبار أن العقل السليم في الجسم السليم، وإزاء ذلك لا نستطيع أن نستغني عن تواصل هذا الدور على مدار العام كله مما يتوجب معه أن تفتح المدرسة أبوابها على مصراعيها لاستقبال طلابها في فترة الصيف، وأن تتحول المدرسة إلى نادٍ صيفي وأن يعمل تحت إمرة مجلس إدارة يشترك فيه ممثلون عن أولياء الأمور، وأن يترأسه مدير المدرسة أو من ينوب عنه، وينضم لعضويته المرشد الطلابي ومعلم التربية الرياضية ومعلم التربية الفنية، على أن يزود النادي بمكتبة وافية للاطلاع على المناسب من الكتب الثقافية والأدبية والدينية والتاريخية، وصالة للحاسوب للتدريب عليه، والمسرح وقاعة الاجتماعات والملاعب، وأن يعمل النادي الصيفي فترتين صباحية ومسائية, وحينئذ تعتبر المدرسة مركزاً للإشعاع، ومجتمعا متعدد النظم والممارسات التي يتفاعل معها الطفل، وينقل قيمها إلى المجتمع والأسرة والجيرة, وهذا هو منطلق عبء المدرسة ولذا تأتي مهمة المدرسة الأساسية ألا وهي العمل على إشباع حاجات الطفل التي تتمثل في الحركة واللعب والنشاط، ومردود ذلك هو زيادة ثقة الطفل واحترامه لذاته وتنمية مواهبه وإعداده للحياة الاجتماعية في ضوء قيم ومعايير المجتمع ومن خلال النشاط الهادف يتم تهذيب سلوك الطالب ومعالجة ما يطرأ على هذا السلوك من سلبيات غير مرغوب فيها من مجتمع المدرسة والوالدين والمجتمع ككل؛ ولذا يتوجب أن يكون ضمن هيئة العاملين في هذا النادي أخصائيون في مراقبة السلوك وتحليله ومعالجة مسالبه وتصحيحها وحفز السلوك الموجب المرغوب فيه بغية دعمه وتثبيته وتكيفه مع الواقع واستقرار علاقاته مع أقرانه ومع هيئة المدرسة وانعكاس ذلك على علاقاته بأفراد أسرته ورفاق الجيرة.
هكذا تبدو أهمية فتح المدرسة في الصيف وتحويلها لنادٍ صيفي تحت شعار التنمية المستدامة للطفل مما يدعم من حب الطالب لمدرسته التي أشبعت حاجاته والتفاعل مع برامجها التي تستهدف تنمية شخصيته من كافة جوانبها الجسمية والعقلية والاجتماعية والروحية والوجدانية، وتبعاً لذلك ينمو الطفل سوياً معافى في ظل مدرسة حرصت على تواصل العلاقة مع الطالب عقب انتهاء العام الدراسي والخروج من الامتحانات مما يزيد من علاقة الطالب الموجبة مع مكونات المدرسة التي يستشعر الطالب معها بالتوافق حيث نأت به عن مهاوي المخالفات والتعرض للإيذاء والإصابات، والتمرد على الأسرة فضلاً عن الانفصام عن المدرسة، حيث أعادت الطالب إليها لاستمراره في جماعات النشاط المختلفة التي تمكنه من التعبير عن ميوله ودوافعه باللعب والنشاط والحركة الواعية.
ونهيب بالمدرسة إذن ألا تترك طلابها دون رعاية أخذاً بمبدأ الرعاية المتكاملة رعاية الأجسام والعقول والوجدانات والعلاقات، ومعاونتهم في استخدام خيالهم في تنمية الأفكار والمعاني وصور الإبداع المختلفة، وإحاطتهم بالعناية والعطف الأبوي والثقة في إمكاناتهم والعمل على صقل شخصياتهم, وتطعيم البرامج الصيفية بالقيم الدينية التي تنمي فيهم روح التكافل والتعاون والعطاء والسماحة والعدالة والنظام والولاء، وتوجيههم لتنمية المواهب المتعددة وتوجيهها مما يساعد الطالب على التذوق الفني والإبداعي وتدريبهم على التفكير العلمي المنطقي الذي يساعدهم على تجاوز الصعوبات عن طريق الاستقراء والتحليل.
وفي هذه الحالة يمكن القول إن المدرسة التي لا تحرص على استمرارية العلاقة مع طلابها ليست مؤسسة اجتماعية تعليمية وكل إليها المجتمع تربية أبنائه، والتربية تربية شاملة تهتم بالطالب في عموميته وكليته وليس في تجزئته، فالطالب إنسان أودع الله فيه مزايا، وخصه بهبات لم تكن من حظ الكائنات الأخرى ففيه حسن الخُلق، وجمال الصورة، وارتفاع القامة، وسمو الهامة، والعقل المفكر، والوجدان الرفيع، والحس المرهف، من أجل هذا يجب ان نهتم بتربيته ولا نضيع فرصة إلا ونتعهده فيها بالتنمية.
|
|
|
|
|