| عزيزتـي الجزيرة
بالأمس القريب قياساً بعمر الزمن كانت هذه المنطقة من الجزيرة العربية لا يكاد يلقى لها بال على المستوى العربي ناهيك على المستوى العالمي، ولم يكن هذا الأمرليكون إلا لأنها لم تعرف رخاءً اقتصادياً ورغد عيش مما أثر بطبيعة الحال على أهلها فكان أن غلب عليهم الجهل خصوصاً في العلوم والأمور المادية المطلوبة لقيام نهضة مدنية لم يكونوا يوما يحلمون بها.
ودار الزمان دورته وجرت سنة الله في كونه وخلقه فأضحت هذه البلاد المباركة بعد ان وحدت على يد مؤسسها المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه بين لحظة وانتفاضتها وبعد ان افاء الله عليها من كنوز الارض وخيراتها,, أضحت من دول المال والثراء.
سخرت إمكانات هائلة لإنشاء مدن متطورة تضاهي مثيلاتها إن لم تتفوق في بلدان العالم الأخرى، فأرسيت دعائم قوية من بنى تحتية واقيمت مؤسسات مدنية لازمة لقيام نهضة عصرية, ولما كان الأمر إذ ذاك يتطلب ألوفاً من العمالة الماهرة من مختلف التخصصات والمهن لشغل الوظائف في هذه المملكة الفتية، لذا كان لزاماً ان يستعان بإخوة عرب وأصدقاء، فتحت لهم هذه المملكة الحبيبة ذراعيها واستقبلتهم بصدر رحب فأفادوا واستفادوا.
مضت سنون وتبعتها اخرى فكان ان شب الوليد عن الطوق واصبح الصغير بحول الله كبيرا والجاهل استاذا في شتى ميادين العلم والمعرفة يشاد به هنا وهناك وما تلكم الاخبار الجميلة والسارة عن اساتذة سعوديين، يتتلمذ على أيديهم من كانوا يوما يصمونهم بشتى ضروب التخلف الفكري منا ببعيد, ولما أصبح الأمر والحال هكذا، ونشأت أجيال وطنية متسلحة بالعلم ومشرئبة أعناقها إلى غد مشرق باسم أخذت تزاحم وتنافس الوافد في تخصصه معلنةً عن استعدادها العلمي والعملي الذي يخولها لذلك الأمر، ولما كانت وطنية أولئك عاملاً مساعداً يجير لمصلحتهم، لذا كان لزاماً ان يستغنى عن خدمات كثير من اولئك الوافدين فتحاً للمجال لمواطني البلد ان ينعموا بخيرات بلدهم إذ هم بذاك أحق وأولى,إنه لا يخفى على القارىء الكريم ان ما ذكر آنفاً يختص بنوعية من المواطنين قد نالت حظاً من التعليم طيباً واكتسبت مهارات جيدة في تخصصات ومهن مختلفة، أما ان كثيراً من المهن والأعمال البسيطة لا تتطلب في معظمها شهادات عليا ولا عمالة مدربة فهو أمر لا شك معروف في كل المجتمعات مهما بلغت درجات رقيها المادي وتحضرها، لذا رأينا الدولة رعاها الله قد قامت بترحيل اعداد كبيرة من العمالة الوافدة في تلك المهن البسيطة وآخرها وليس الأخير ما حصل في اسواق الخضار وتسنم شباب وطنيون زمام تلك الأعمال مما أوجد ارتياحاً شعبياً عارما.
ان سعودة قطاع المهن البسيطة بنسبة 100% أمر لا شك محمود من قبل الجميع وهذا أمر لا يحتاج إلى نقاش، ولكن يبقى الباب مفتوحا للأخذ والرد حين يتعلق الأمر بالوظائف العلمية والعملية العليا، وإني هنا أود أن أستعرض بعض النقاط التي أتمنى على مسئولي هذه المملكة الغالية وهم لا شك أكثر خبرة ودراية أن توضع في الاعتبار:
1) هناك بعض التخصصات الأكاديمية والتي لم تعرف عندنا إلا منذ سنين قلائل ما زالت بحاجة الى وجود اساتذة متعاقدين خصوصاً من عرف عنهم في هذه المجالات العلم الغزير والخبرة الطويلة الى ان يكونوا بجوار المتخصصين من إخوانهم السعوديين ليكونوا عوناً لهم على إخراج كفاءات وطنية متميزة إلى حين اشتداد العود وقوة الساعد.
2) بعض التخصصات الشرعية والعلوم المساندة لها ما زالت بحاجة الى اولئك العلماء الأعلام والمشايخ الفضلاء من اخواننا العرب خصوصا في تخصصات من مثل: علم الحديث واللغة العربية.
3) جمعيات ومدارس تحفيظ القرآن الكريم ما زالت بحاجة إلى علماء القراءات من إخواننا العرب والمسلمين ذوي الدربة الطويلة والدراية الواسعة.
4) اتمنى على المسئولين بارك الله في جهودهم ان يستقطبوا الكفاءات العالمية في التخصصات العلمية المختلفة وكذلك علماء الشريعة واللغة الأفذاذ من إخواننا العرب وبأعداد محدودة فقط ليعملوا جنباً الى جنب مع إخوانهم المواطنين من أهل الاختصاص فإن في ذلك عوناً على سلامة التوجه نحو إخراج كفاءات سعودية تبدأ بقوة، إذ ذاك هو الهدف المنشود.
إذا كانت الدول تعوِّل على سواعد ابنائها في بنائها الحضاري، فإن الشباب السعودي وقد أنيطت به من قبل المسئولين مهام جسيمة كل في مجال عمله، لجدير به ان يكون في موضع المسئولية وان يتشوف لكل وسيلة مباحة ترنو به الى غاية الكمال والإتقان ليكون بحق قد بز أقرانه من المتعاقدين واسهم في رفعة بلده ورقيها في عصر لن يكون للضعفاء أو المتقاعسين فيه نصيب.
د, إبراهيم عبد الرحمن الملحم الاحساء
|
|
|
|
|