|
| الثقافية
يمكن القول بأن من أسباب نهضة الأدب في جنوبي المملكة العربية السعودية أوائل النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري نمو اليقظة الدينية الجادة التي أصابت بلدان: تهامة، وعسير، فقد أخذ العلماء، والدعاة يفدون إلى ربوع هذه الديار يحققون المبدأ العقدي السلفي الذي يرتكز على منهج أهل السنة والجماعة، وعلى مذهب الحنابلة على وجه الخصوص، مما قضى على معالم الترهل الفكري الناجم بتلك الأنحاء من قبل.
وإذا أُدرك هذا الجانب تبين ايضاً أن للعمال الأمراء القائمين عندئذ في بلدان تهامة، وعسير أثراً في إذكاء روح الأدب وتنشيطه، فقد استقطبوا الأدباء، وبخاصة في المواسم، والمناسبات، فلقد غدا مجلس الإمارة منتدى أدبياً عامراً بالنتاج الأدبي، وبخاصة القصائد، والخطب التي كانت تلقى بين يدي: الأمراء، وفي مجالسهم الرسمية, وذاك دون شك حقق انتعاشاً أدبياً ظاهراً.
وربما كان دور الصحافة ومؤسساتها ظاهراً في شيوع الدوريات التي أخذت تصل إلى حواضر هذه المنطقة لتنقل نتاج إخوانهم الأدباء في بقية بلدان المملكة العربية السعودية، وما تحمله أيضاً من نتاج إخوانهم الأدباء في البلدان العربية الأخرى المجاورة، إذ كان من أشهرها: أم القرى، وصوت الحجاز، والمنهل، وصوت البحرين، والظهران، وحراء، وقريش، والرائد، والخليج العربي، والقصيم، واليمامة، والندوة، وعكاظ، والجزيرة وغيرها, ولقد كان دور الحجاز غير خاف على الدارسين، فضلاً عن أثر الشام، ومصر، والمهاجر في حركة هذا الأدب عندئذ، ولم يكن هذا التأثير من جانب واحد فقط، وإنما كان أيضاً في تشجيع أدباء هذه المنطقة، ونشر ما يكتبونه في ميدان: الشعر، والنثر بمقالاته وقصصه، على الرغم من تفاوت ظهور هذه الألوان.
ومن أسباب نهضة الأدب في هذه الأنحاء عبر هذه الفترة آثار الهجرة، والوفادة، والنقلة في أرجاء هذا الوطن الكبير، حيث أخذ أبناء هذه المنطقة يفدون على حواضر بلادهم الشهيرة، مثل: الرياض، والحجاز، والدمام من أجل طلب العلم والرزق،والبحث عن تحسين الواقع المعيشي، إذ كانت فرص العمل هناك أوسع، وأكبر، وذلك تسبب في تحصيلهم العلمي، واتساع ثقافتهم، وإطلاعهم، مما دعا رجالاً منهم للمشاركة في حركة: الكتابة، والتدوين، والتأليف، إذ عرف إسهامهم في صحافة بلادهم ومجلاتها بما دعا بالفعل إلى نهضة الأدب في مواطن رحلاتهم الأولى، وجعلها تسهم في بناء هذه الحياة الأدبية المعاصرة، وذلك ما يدعو إلى الإشارة إلى هذه الأسباب عند التأريخ للأدب في هذه المملكة العربية السعودية الرائدة.
|
|
|
|
|
