| الاقتصادية
* يوسينسك روسيا د,ب,أ
تطفو براميل النفط التي يعلوها الصدأ في بركة من البترول مساحتها 50 مترا مربعا, وتدل الطبقة التي تعلو السطح على أنه موقع قديم غير ان آثار اطارات العربات والبقع النفطية تدل على أن عمليات القاء المخلفات لا تزال مستمرة.
ويعد ذلك مثالا صغيرا على مواقع القاء المخلفات والبقع النفطية التي تؤدي الى افساد غابات الصنوبر المحيطة بهذه المدينة الواقعة في جمهورية كومي بالقرب من الدوائر القطبية، وبمواقع أخرى لانتاج البترول والغاز في اراضي الأورال وسيبيريا.
وتقع تلك المناطق على بعد أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر من مصافي النفط في المانيا ودول غرب أوروبا والتي تقوم بتكرير كميات كبيرة من انتاج روسيا السنوي البالغ حوالي 300 مليون طن.
وفي كل عام يتسرب ما يقدر بحوالي 15 مليون طن من النفط عبر مناطق شاسعة من أنابيب النفط التي عفا عليها الزمن ومحطات الضخ.
وقد بدأت الأصوات الغاضبة في الغرب وفي روسيا في ممارسة الضغوط على المؤسسات البترولية المتعددة الجنسيات للبدء في تطبيق نفس معايير الرقابة البيئية على امدادات النفط من روسيا.
وكجزء من حملة تقوم بها جماعة جرينبيس السلام الأخضر للبيئة للتركيز على هذه القضية اثناء زيارة الرئيس الروسي لألمانيا، رفعت على مصفاة شفيدت للبترول لافتات تقول بينما روسيا تغرق في النفط، تقف شركات النفط العملاقة تتفرج .
كما يواجه بوتين تساؤلات على الصعيدين الداخلي والخارجي بسبب القرار الذي اتخذه الشهر الماضي بحل اللجنة التابعة للدولة لحماية البيئة باعتبارها هيئة مستقلة واسناد مهامها لوزارة الموارد الطبيعية.
ويسارع النقاد الى التأكيد على أن الضوابط البيئية قد تكون أول ضحايا تلك الخطة اذ ان وزارة الموارد الطبيعية تهتم دائما في استغلال ثروة البلاد الطبيعية الواسعة الى اقصى حد بدلا من مراقبتها.
وقد أثارت مصادر دبلوماسية غربية في موسكو مخاوف حول احتمال التضحية بكل شيء من أجل المصالح الصناعية، وذلك بعد أن سربت تلك المصادر معلومات حصلت عليها من البرلمان الروسي تفيد بأنه قبل وقت قصير من اتخاذ القرار بحل لجنة حماية البيئة، قالت شركات النفط الروسية العملاقة لبوتين صراحة أنه في حال عدم وجود عوائق بيئية فبامكان روسيا أن تتوقع الحصول على استثمارات بقيمة سبعة مليارات دولار في عمليات تنقيب جديدة عن النفط والغاز خلال السنوات الخمس القادمة, أما اذا كان يجب أن تكون العمليات نظيفة فإن ذلك الرقم ينخفض الى خمسة مليارات دولار.
وبالنسبة لأكثر تقديرات المعنيين بالبيئة اعتدالا، فإن كمية النفط التي تتسرب سنويا في روسيا تعادل 350 حادثة بحجم كارثة ناقلة البترول التابعة لشركة ايكسون فالديز في الاسكا والتي شهدت تسرب 40 ألف طن من البترول.
وقالت منظمة بيلونا النرويجية المعنية بشؤون البيئة أن الرقم الحقيقي قد يكون أكبر بثلاثة أضعاف.
وهناك أيضا الثمانية عشر مليون متر مربع من الغاز الطبيعي التي تحرق خلال عمليات التنقيب في روسيا كل عام.
ويقول الخبراء إنه لو خفض مقدار المخلفات الى المعدلات المقبولة دولية فإن الحكومة الروسية سوف توفر وبكل سهولة مقدارا من الوقود يسمح باغلاق محطات الطاقة النووية التسعة والعشرين الموجودة فيها.
ويقول المعنيون بشؤون البيئة من الروس والأجانب إن الهدف الأول يجب أن يكون الضغط على الشركات الغربية والمؤسسات المالية للمساعدة في اصلاح الأنابيب التي يتسرب منها النفط واستبدال الاجزاء القديمة من أنابيب النفط الصغيرة التي تمتد عبر آلاف الكليومترات والتي تمثل مصدرا للكثير من النفط المتسرب.
وكانت التكنولوجيا القديمة السبب في أسوأ تسرب نفطي في تاريخ التنقيب عن النفط في منطقة يوسينسك الذي يمتد 27 عاما، والذي وقع في آب/ أغسطس من عام 1994م عندما تفجر خط الأنابيب الرئيسي الممتد جنوبا في أكثر من مكان.
وعلى مدى أسابيع أصر مسؤولو النفط المحليون على أن كمية النفط المتسربة لا تتعدى 14,000 طن غير ان اتساع نطاق التلوث أجبرهم على رفع ذلك الرقم الى 100,000 طنا, وقالت لجنة دولية للبيئة ان حوالي 400,000 طن قد تسربت من الأنبوب.
وحتى بعد ست سنوات من ذلك التاريخ لم يتم التخلص من نحو 40 في المائة من البقعة البترولية برغم تخصيص مبلغ 124 مليون دولار في شكل قروض مقدمة من البنك الدولي والبنك الأوروبي للتعمير والتنمية.
ويقول الكثيرون ومن بينهم اليكس يابلوكوف الذي كان مستشارا للرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين إن كثيرا من الأموال قد تم اختلاسها قبل ان تغادر موسكو.
وبينما ينص القانون على أنه يجب تجميع المخلفات النفطية الناجمة عن ذلك الحادث أو من حوادث أخرى، وأن يتم اعادة تدويرها أو معالجتها بيولوجيا، إلا أن المنافسة الشرسة والرغبة في خفض التكاليف وعدم وجود مخاوف من اجراءات انتقامية، جعل الشركات تلجأ في الغالب الى اضرام النار في البترول المتسرب في حرائق بلغ ارتفاعها 40 مترا يمكن رؤية لهيبها على بعد أميال.
وتقول تاتيانا نوفوسكوليتسيفا رئيسة الفرع الصغير لمنطقة يوسينسك للجنة البيئة التابعة للدولة التي تتعرض في الوقت الراهن للازالة إن ذلك أفضل الشرين، وهو افضل من ضخها في الانهار .
ومثل مسؤولي البيئة في مناطق أخرى، فإن نوفوسكوليتسيفا تتولى مهمة لا تحسد عليها تتمثل في محاولة جعل الشركات المحلية القوية تتماشى مع القانون، وتلجأ في ذلك الى استخدام الاقناع والتهديد بدفع غرامات, غير ان تلك التهديدات عادة ما تضيع في اجراءات المحكمة المعقدة اذ تلجأ الشركات المخالفة الى الاستئناف ضد حكم دفع الغرامة.
|
|
|
|
|