أيها الغائب الذي لا يغيبُ
البعيد البعيد وهو القريبُ
إن يكن جسمك المسجّى توارى
فلدى الذهن خالدٌ ونسيب
حين أُنبئتُ بالوداع تداعى
كل شيءٍ لديّ وهويذوب
لنداء النذير ألفيتُ نفسي
تتوارى وكل هجسي نحيب
كاد قلبي لمَا سمعت يوارى
مثلما ووري الحبيب الأريب
صحبةٌ لم يعق رواها شقاقٌ
وولاءٌ أواره لايغيب
يا أبا أيمنَ أذبتَ نفوساً
أنت في أمسها ثراها الحضيب
يا أبا أيمنَ ثلاثون عاماً
عهدنا فيك دائماً لايخيب
كم خدمتَ التعليم دون ضجيجٍ
والقليل القليل شهمٌ نجيب
كنت فذّاً أمام كلِّ نزالٍ
وهماماً حباله لا تذوب
كم لبيبٍ يشير نحوك فخراً
والنطاسيُّ أنت منه الطبيب
يندر الباذلون من غير سعيٍّ
للكراسي ومغدق يستريب
صرت في الساح رمزَ كل همامٍ
لا اختيال ولا هوى مجلوب
يعلم الله ما هضمت حقوقاً
لا ولا كان في عطاك رقيب
آن أن تستريح بعد جهادٍ
أيها الفارس الجسور المهيب
لن يضيعَ الذي بذلتَ فبشرى
فلمن جدَّ في العطاءِ نصيب