| الثقافية
* جدة جميل الفهمي
في ليلة صيفية جميلة على شاطئ العروس قام النادي الأدبي الثقافي بجدة مساء يوم الاثنين 10/3/1421ه بتكريم الدكتور يوسف عز الدين العراقي مفتتحاً بذلك نشاطه ضمن فعاليات جدة 21 التي تحظى برعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ جدة.
وفي بداية الحفل رحب الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين رئيس النادي بالضيف الكريم من خلال كلمة النادي التي ألقاها نيابة عنه أمين سر النادي الأساذ محمد علي قدس نظراً لسفر الأستاذ أبو مدين خارج البلاد، وقد كانت كلمته معبرة بما احتوت عليه من معاني الاجلال والاحترام.
حيث قال فيها: كم وددت أن ألقي بين يديك في يوم تكريمك والاحتفال بك، هذه الكلمة التي قد لا ترقى إلى مقدار قدرك في نفسي، ولا إلى مكانتك العلمية ولا تحيط بدورك المعرفي الذي نهضت به في التعليم الجامعي عبر عقود حافلة بالعطاء والعمل الجاد والاخلاص فيه.
اعتذر إليك يا سيدي عن غيابي في هذه الليلة الجميلة بكم وهو غياب لم يكن باختياري ولكن لارتباطي بسفر إلى خارج البلاد في هذا التوقيت الذي يحتفى فيه بك وجوه الأحبة ووجدانهم وهم من الصفوة الصادقة وأعني بهم أهل الطائف الذين عشت بينهم فأحببتهم لأنهم احبوك وفاءً منهم وصدقاً لانك تغرس الجميل وترعاه لان نفسك فطرت على الخصال الحميدة في حب الوفاء فهنيئاً لك بهذا النصيب الغالي لانه قيمة لا تشترى بالمال وهنيئاً لك بهذه النفوس التي تحفظ الجميل لأنها تنبته في مشاعرها وتمنحه لمن تؤثر وتحب.
استاذي الفاضل الدكتور عز الدين انني احفظ لك وفاءك وصدقك ومروءتك التي كانت وفاء امتنا وديدنها وثق يا استاذي وأنا بعيد عنك قريب منك في ليلة الوفاء وقد كنت أرغب في الاطالة في الحديث إليك ولكني أوثر غيري على نفسي في التحدث إليك تهنئة من الوفاء للأوفياء في يوم الوفاء لأستاذ غالٍ عزيز على نفسي ولا اقل من أن أقول له هنيئاً لك بهذا الحب وهو قيمة لا يقدرها إلا أهلوها ذلك انهم فطروا على هذه الخصال الكريمة.
أيها العزيز الغالي معذرة إليك اذا قصر بياني في اعطائك حقك من الحديث الذي يليق بك ومعذرة إلى محبيك الذين حولك في هذه الليلة ذلك اني لست ذلك الخطيب الذي يفاخر بيانه بلاغته حين أعلن لقومه قائلاً: اذا قلت اما بعد فقد كنت خطيبها.
وأتطلع إلى لقاء الوفاء وانتم ونحن على ما تحبون من الحياة الكريمة.
ثم القى الشريف سلطان عضو النادي الأدبي كلمة احتوت على نبذة موجزة عن الدكتور عز الدين العراقي قال فيها: ضيف ليلتنا ولد في القرن المنصرم ودرس في مصر ثم أكمل في انجلترا وعمل استاذاً في عدد من الجامعات وأميناً للمجمع العلمي العراقي، وهو عضو مجمع اللغة العربية في القاهرة والاردن وعضو في جمعية الأدب المقارن العالمية وجمعية الأدب المقارن في كندا عضو في الجمعية الملكية في بريطانيا وعضو شرف في رابطة الأدب الحديث وعضو في جماعة أبولو، ولضيفنا في هذا المساء الزاهي أكثر من خمسين كتاباً في اللغة والأدب والنقد وقد وضع لبنة الأدب العربي في العراق وهو أول من كتب كتاباً في الأدب النفسي في بغداد عمل عميداً للدراسات العليا والأدب ومديراً عاماً للصحافة والاعلام ولا يمكن حصر اعماله الكثيرة، وهو أول أديب حي كتب عنه أحد عشر كتاباً بالانجليزية والعربية والفرنسية والاسبانية وغيرها من اللغات الحية, ثم ألقى الدكتور جريدي المنصوري كلمة طويلة نقتطف منها:
أما بعد فإن هذا هو الحفل الخامس الذي أحضره لتكريم الدكتور عز الدين العراقي وقد عرفت الدكتور من خلال الثقافة حيث وصلتنا كتبه ورأيناه في التلفاز.
بعد أن سمعنا عنه الكثير والكثير وقد اكتسب ضيفنا تعريفاً لا يدانيه أحد فقد كان رجلاً مختلفاً وعالماً تربى على يديه العديد من العلماء وقد شرق ذكره وغرب واستقر به المقام بعد أن طاف كل مكان وقد سعدت بوجوده في الطائف حينما انتقلت من مكة المكرمة إلى هناك وكان في الجامعة وفي منزله منارة وكما يقال يسقط الطير حيث ينتثر الحب وتغشى منازل الكرماء,, كان معلماً بارزاً يفد إليه طلاب العلم كما يفد إليه العلماء ومنزله يستقطب المثقفين والأمراء، وأعرف الكثير والكثير ممن لم تتح لي فرصة التعرف عليهم إلا في منزله العامر وهو جدير بهذا التكريم ويشكر النادي على هذا العمل الذي هو جزء من دوره.
ثم تحدث الدكتور بكر با قادر فقال: لم يكن لي معرفة بالدكتور يوسف عز الدين حتى عدت إلى المملكة فقابلت في كلية الآداب شاباً في سني اسمه مؤيل السامرائي وحدث بيننا نوع من تجاذب الأرواح فآنست بحياته وأسلوبه المشبع بالنشاط الدائم فأصبح من أصدقائي الخلص وكان مختصاً بالدراسات الاسلامية، ولكنني كنت أجد لديه معلومات غزيرة في اللغة العربية, وفي يوم من الأيام سألته ما الذي يجعلك تهتم بالأدب وكان معنا أحد أساتذة اللغة العربية فأجاب: عجيب ألا تعرف أن والده هو رئيس مجمع اللغة العربية فقلت من أبوه فقال: يوسف عز الدين وكنت أعاكس مؤيل فيما يعجبني وما لا يعجبني فاراد أن ينتقم لنفسه وكنت مهتماً في فترة من الفترات بالقراءة عن حكمة لعالم مستشرق يعتبر من أول من لفت الأنظار إلى أهمية المدونة الفقهية وقال: إن من أراد أن يفهم العربي عليه ان يفهم الفقه وكان الناس منصرفين إل الأشعار والأغاني.
وقد قرأت سيرة هذا العالم وعرفت أنه قصد مكة وعاش فيها وكان يفتي على المذهب الشافعي رغم انه لم يسلم وكنت أبحث لماذا يقوم المستشرق بهذا الاهتمام بالفقه.
فإذا به يأتي يوم ويقدم لي الأخ مؤيل السامرائي عمه قاسم السامرائي الذي تعرفت عليه وانه استاذ للدراسات الإسلامية واللغة العربية في جامعة لايدن العريقة واذا به يفتح لي ملفاً عن هذا المستشرق وبحثاً مطولاً والذي اكتشفته ان الدكتور يوسف عز الدين يعيش في مجمع لغوي أسري وان له من الأبناء ومن الاخوة ما تنطبق عليه الكثير من الصفات وقد مازحت مؤيل وقلت له: بماذا كان يتميز والدك يوسف عز الدين فقال لي: إحدى ميزات والدي انه قادر في أي عام يكون فيه سوق الأدب في بغداد قد كسد يكتب مقالة تثير الناس حولها أحياناً بالاعجاب وأحياناً بالاستشهاد,قلت أضرب مثلاً، فقال: كان والدي من أول من طعن في نسب المتنبي أيضاً عرفت عن الدكتور أنه من الشخصيات الفاعلة في داخل الفصل أو خارجه.
ثم تحدث المحتفى به الدكتور يوسف عز الدين فقال: كتب عني الكثير وبلغات متعددة وأنا عضو في العديد من الجمعيات وأحمد الله على ما وصلت إليه من العلم وهوقليل لكنه يرضيني لكن هذه الحفاوة تختلف اختلافاً نسبياً وهي حفاوة صادرة من القلب والود وليس هناك في الدنيا أجمل من الحب ومحادثة الاخوان فهذه الحفاوة ملأت قلبي سروراً وغبطة, ولا أدري كيف أشكركم خاصة اولئك الزملاء الذين تجشموا العناء وجاؤوا إلى هنا, كما اشكر صديقي القديم الأستاذ محمد علي قدس واخي العزيز منصور الشريف الذي احتفظ له بأجمل الذكريات واحفظ له أكثر من قصيدة، وأشكر النادي ورئيسه الذي لم يحضر نظراً لظروفه.
والحقيقة سئلت عن عمري وعن حياتي وقلت لهم ليست الحياة بالبقاء بل بالساعات التي يقضيها الإنسان مسروراً، ذهب أحد الناس إلى المقبرة فوجد على بعض القبور العبارات الآتية: عمره عشر ساعات ، عمره سنة ، عمره ثلاث سنوات ، فقال: ما هذا قالوا له: إن الانسان يكتب مقدار السعادة التي قضاها في الحياة وكان اسمه جبر فقال: اكتبوا على قبري جبر طلع من بطن امه إلى القبر فالانسان لا يقاس عمره بالسنين الطويلة وانما بفترات السعادة، وقد عشت هذه الدقائق في سعادة غامرة لان الأقوال ظهرت من قلوب محبة صادقة وأشكركم على اضاعة هذا الوقت معي ثم قدم أمين سر النادي الأدبي في نهاية الحفل درعاً تذكارياً هدية من النادي للضيف الكريم.
|
|
|
|
|