كان يقول لي: لا تخبر احدا بما حدث والا سوف ,,,,؟!
بالطبع لم يكن صادقا في تهديده، فهو في الحقيقة اضعف من ان يمتلك القدرة على التهديد فكيف بتنفيذه! ولكنه كان خائفا من الفضيحة لذا فضل السكوت على ان ينشر قصته في الصحافة مثلما فعله بالضبط ذلك السائح الخليجي في لندن ذات عام عندما سُرقت نقوده ولم يذهب لقسم الشرطة للتبليغ عن حادثة السرقة حتى لا تنشر القصة ويسخر منه زملاؤه وأصدقاؤه والشامتون بسذاجته! اما (هو) فلم يكن يملك مالاً إلا (القليل) الذي يعينه على تسديد فواتير (البقالة) و(الكهرباء) ولم يعرف شكل فاتورة (الجوال) فليست لديه اية احلام برجوازية! كان حلمه يتمثل في طباعة انتاجه الادبي الذي يضمن له ان يحفظ اسمه في سجلات التاريخ! بأن الشخص الفلاني المولود عام كذا اصدر كتابا بعنوان,,,, الخ مثل شهادة الميلاد ولكن الفرق بينهما ان الاخيرة تحصل عليها مجانا!
قام بزيارة اصدقائه الذين يعرفهم والذين لا يعرفهم واستدان منهم مبالغ صغيرة متفرقة كانت تكفي لطباعة كتابه الأول!,, ذهب الى دار نشر عربية,, وأوكل اليها (شرف) طباعة كتابه الاول,, وبعد ان دفع نقدا تكاليف الكتاب (بالدولار) وبعد مضي عدة شهور من المعاناة,, تسلّم نسخة كتابه وهي (مليئة) بالاخطاء الإملائية,, التي تجعل الكتاب مؤهلا لأن يوضع في المخابز بدل ان يوضع في المكتبات! فورق الطباعة اشبه ما يكون بورق الصحف, الذي يغري صاحب الفرن بوضعه امام زبائنه ليلفوا به الخبز الساخن!.
اعود اليه,, واكمل نهاية القصة الحزينة فبعد ان (رضي) بالشكل الذي خرج به كتابه,, عاد للوطن ليحصل على فسح بدخول الكتاب,, ولكنه لم يستطع ان يحصل على ذلك,, وقيل له: لماذا لم تأخذ إذنا مسبقا؟! ولا يزال يلاحقه أصدقاؤه يطالبون (بنقودهم),, وهو لا يزال يعتقد ان عدم دخول كتابه اشبه (بالفضيحة) في جميع الاحوال!
هي ليست قصته (وحده)، بل هي قصتنا جميعا مع الكتاب الذي يطبع خارج الوطن ولا يجد منفذا للدخول,, رغم انه بريء حتى تتم إدانته بشكل رسمي!
,,,, فهل نحن متهمون؟!
|