أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 17th June,2000العدد:10124الطبعةالاولـيالسبت 15 ,ربيع الاول 1421

المجتمـع

إرادة لا تحدها حواجز
المعاق موظف في خدمة المجتمع
* تحقيق : عذراء الحسيني
يقال: ان تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام إرادة الإنسان لا تحدها حواجز والتاريخ دوماً احتضن عظماء من المعاقين قدموا خدمات جليلة للعالم,, ومن هذا المنطلق تلقي الجزيرة الضوء على فئة المعاقات ومدى تفاعلهن مع المحيطين بهن,, تحاور سيدات في اماكن عملهن اثبتن جدارتهن وتحملن بكفاءة المسؤوليات الملقاة على عاتقهن حاولنا رصد انطباعاتهن,, كيف تَخَطَّينَ الخوف من نظرة الأفراد اليهن وصار الانخراط بفعالية في المجتمع هدفاً واضحاً ولم يعد النظر للخلف يهمهن بقدر ما هي شعلة تنير طريق المستقبل.
في معهد التربية الفكرية تراها تتحرك بهمة ونشاط وحيوية من خلال عملها كناسخة للآلة,, تصفها بعض الزميلات بكونها انسانة محبوبة تنشر البهجة والمرح من حولها,, مناير عبدالعزيز المقيرن اعاقة سمعية نطقية خريجة كفاءة مع دورة في النسخ على الآلة الكاتبة وعن نفسها تقول مناير: لقد تعديت مرحلة الخوف منذ صغري واندمجت بقوة مع الاطفال بحب، ولم اكن اعاني من الخجل بسبب اعاقتي بتاتاً، وتضيف: انني الاحظ ان المعاق بالصمم منذ الولادة يكون اكثر تقبلاً لوضعه من الذين يصابون في سن متقدم فلا يستطيعون الاندماج بسهولة وتشير الى ان دور الاسرة مهم في زرع الثقة بالنفس في المعاق وتقول: هناك تشجيع كبير لي من قبل الأسرة ولا يوجد تهرب من طرح المشكلات الأسرية أمامي وذلك ايضاً ما اشعر به في مجال عملي,, فمن مديرة المعهد وحتى اصغر عاملة,, اعطوني الثقة والتشجيع وكلفوني بالمهمات دون النظر لاعاقتي.
وحول مجتمع المعاقين تقول: بالطبع ليس جميع المعاقين لديهم الثقة للمواجهة بل الكثير منهم قابع في البيوت يطويهم الخجل, وذلك يؤثر بشكل أكبر على الفتيات المعاقات فبعضهن لا يردن الخروج الى مجتمع غير واعٍ,, فالمعاق اذا صدم مرة من الصعب ان يواجه المجتمع من جديد وأرى ان الحياة والتعلم حق للجميع,, وعلينا ان نعطي ونضحي من أجل رد الجميل للوطن.
أما طموحي الابرز فهو التدريب على عدد من الدورات في استخدام الناسخة التي تعمل على الكمبيوتر وجهة تتبنى هذا المجال كمعهد الإدارة
إزدياد الوعي
منيرة سعد الشايع إعاقة سمعية نطقية تعمل مراقبة بمعهد التربية الفكرية (متزوجة ولديها ثلاثة أبناء) توضح بقولها: في البداية واجهت صعوبة في فهم أسرتي لي فكنت أحاول أن أتكلم معهم ولكني واجهت صعوبة بالغة وشيئاً فشيئاً استطعت الاندماج وتطورت بشكل أفضل حتى أن اللغة تحسنت بسبب الممارسة مع الأسوياء حتى تخرجت من معهد الصم وأحببت أن أدخل عالم الوظيفة: والبداية كانت عادية كزميلة جديدة لكن التوجس من المحيطين كان موجوداً من حيث التعامل بحرية,, وفي النهاية صارت العلاقات مريحة مع الزميلات وترى: إن نظرة الافراد للمعاق تغيرت عن السابق، هناك احترام وتقدير واضح للمعاق ونظرة خاصة لكونه انساناً فعالاً في المجتمع, وحول علاقتها بزوجها وابنائها تقول: إن زوجي أيضاً يعاني من اعاقة سمعية ومن حسن حظي أنني في بداية زواجي كنت أعيش مع أهل زوجي مما سهل الأمر بشان تربية أطفالي, والآن ومع الوقت أصبحوا هم يترجمون لي الكلام ولوالدهم ويفهمون إشاراتي.
اعاقة الفكر لا الجسد
حصة الفايز (إعاة بصرية) معلمة في معهد النور خريجة ثانوية معلمات معهد النور تقول:
لم تعد كلمة معاق تثير الحساسية أو تضايقني، فالكلمة صارت متداولة والمعاق تردد على الألسن على الانسان الذي لا يستخدم عقله والاعاقة هي اعاقة الفكر لا الجسد ولم اشعر ابداً بالعجز وأرجع الفضل في ذلك بعد الله سبحانه إلى زوجة أبي التي وجهتني الوجهة الصحيحة وبعد زواجي وجدت كل ترحيب وتشجيع من أهل زوجي وأبنائه,, وتقول:
أشعر أن الوعي بالمعاق ازداد وتعود الناس على الاحساس بأهميته ودوره، بل ويحاولون التعرف عليه كشخص عادي وليس لأن به عجزا أو إعاقة.
أشكر المسؤولات في الإدارة على رعايتهن الحانية لنا وأخص بالشكر الأستاذتين بدرية العيسى وبدرية المساعد.
عقول روتينية جامدة
دلال فرج المسردي دبلوم برمجة حاسب آلي سكرتيرة مدير إدارة الإعلام والعلاقات العامة بمستشفى قوى الأمن على كرسي متحرك ومن خلال حديثها يتضح دورها الحيوي في عملها تتمتع بمرونة وديناميكية وطول بال قل أن تتوفر في غيرها تقول:
لا أستطيع التأكيد بأنني تخطيت مرحلة الخوف من نظرة الأفراد 100% إلا أنني قطعت شوطا كبيرا في ذلك وبالطبع كلما نقص الخوف والعطف من نظرة الأفراد زادت نسبة الانخراط لدي في المجتمع خصوصاً بعدما بدأت العمل في المستشفى فزادت ثقتي بنفسي وأصبحت منتجة ونافعة وربما مؤثرة,.
وتؤكد: إن كل انسان بحاجة إلى الدعم من الأسرة والمجتمع يقف على قدميه من جديد، فمنذ خروجي من المدرسة الداخلية,, مؤسسة رعاية الأطفال المشلولين بالرياض ووالدي يحيطني بكل عناية وتشجيع ففضلت تحمل مسؤولية نفسي بالكامل مما دعا أبي لتوفير السائق والخادمة والسيارة وأحاطتني والدتي بكل الحب والحنان ولا أنسى بالطبع إخوتي الأفاضل.
وترى: إن نظرة المجتمع تغيرت كثيراً عن السابق,,
ولكن بشكل بطيء جداً فلا زال هناك من ينظر إلى من يتحرك على كرسي بأنه ضعيف ومسكين وبحاجة إلى المساعدة وهذه هي حدود التعامل معه للأسف.
وتضيف,, لا أنكر أنني أحس نوعا ما بالحساسية من كلمة معاقة لأن هناك أشخاص ينطقونها بنوع من الشفقة والتقليل من شأن المعاق كأن يقولوا مثلاً ذهبت الطالبة المعاقة وغيرها.
وتوضح دلال بقولها: إن ما يقف حجر عثرة في ابراز المعاق,, هي العقول الروتينية والجامدة ونحن بحاجة ماسة لتضافر الجهود من أجل تغيير هذه العقول فالمعاق قادر على العمل في كافة المواقع بشرط أن تناسب حالته الجسدية,,
وسأذكر لك حادثتين كان يمكن لأي منهما أن تنهي مستقبلي فعندما أنهيت دراستي المتوسطة وأردت الالتحاق بالثانوية لم أجد في مدينة الرياض كلها وأنا أعني ذلك مدرسة تكون بوابتها بلا درج نظراً لمشقة صعودي السلالم ومع بداية العام الدراسي وجدتها وكانت بالنسبة لي كالحلم وسرعان ما تبدد الحلم عندما قالت مديرة الثانوية أن هذه البوالبة تقفل حفاظاً على الطالبات أما الخروج الرسمي فعن طريق بوابة الدرج ورفضت المديرة الطلب أمام توسل والدتي حتى وصل الأمر إلى طردي ووالدتي من مكتبها مع تحديها لي بالدراسة في الثانوية مما دفع والدي إلى إحضار خطاب من الرئاسة يجيز لي المباشرة في هذه الثانوية بالذات وهذا ما تحقق بالفعل,.
ومع الوقت غيرت المديرة نظرتها لي لما رأت لدي من عزيمة واصرار وتفوق فقد كنت من الأوائل.
أما الحادثة الأخرى فعند التحاقي بجامعة الملك سعود قسم الحاسب الآلي كانت مصيبتي الكبرى وتحطيم حلمي الذي لم يتحقق إلى الآن وهو أن معامل الحاسب الآلي كانت في الدور الأرضي حيث لا توجد مصاعد كهربائية بل سلم صغير تزدحم به الطالبات حتى أني في أول محاضرة لي كدت اسقط من الاعلى,,
ولم تحط هذه الحادثة من عزيمتي واصراري على تحدي الصعاب والمستحيل فالتحقت بمعهد الإدارة وتخصصت في البرمجة وتخرجت بنسبة 97%.
وتؤكد,, إن الحلم يظل غير مكتمل والطموح فاتر وأنا الآن أدرس عدة لغات برمجية في الحاسب عن طريق المراسلة لجامعات أمريكية,.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved