أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 17th June,2000العدد:10124الطبعةالاولـيالسبت 15 ,ربيع الاول 1421

مقـالات

شيء من الحق
أزمة القيادة في شوارعنا: هل ضاعت الطاسة أم ضُيّعت؟
د, خالد محمد باطرفي *
ما زلت بعد أشهر من عودتي من الولايات المتحدة لم استوعب بعد طبيعة القيادة في شوارعنا أو أفهم العقلية أو النفسية التي تحكم التصرفات غير الطبيعية للسائقين, ففي كل صباح أنطلق فيه من بيتي إلى مدرسة أبنائي أطل مجددا على صور مذهلة لما يمكن أن تصل إليه لا مبالاة السائقين بأنظمة المرور وعدم احترامهم لأصول القيادة ولا تقديرهم لمشاعر غيرهم أو سلامة أنفسهم والآخرين, ويستوي في ذلك الكبير والصغير، الغني والفقير وصاحب الأسرة والمراهقين، ففي يوم واحد، بل في مشوار واحد من مشاويري اليومية رأيت من يأتيك من أقصى يمين شارع بستة مسارات ليسابقك على ملف في أقصى اليسار، وسائق في منتصف العمر ينطلق بسيارته الفان الكبيرة بين السيارات بسرعة فائقة فينحرف يمينا ويساراً ويسقط على هذا ويكاد يرتطم بذاك لعله يصل بأولاده إلى المدرسة قبل قفل الباب، وثالث يتوقف في منتصف الشارع ليشتري ربطة خبز من السوبر ماركت في طريق عودته إلى البيت، ورابع قرر فجأة أن الشارع أكثر ازدحاما مما يحتمل فتراجع بسيارته إلى الوراء مسافة مائتي متر بين السيارات القادمة حتى يعود إلى أول ملف يخرج منه إلى شارع الخدمة، وخامس يخرج من الموقف أولا ثم ينظر إذا ما كانت هناك سيارات قادمة، طبعا بعد أن يتوقف صدام سيارته بباب سيارتنا، وسادس يسقط عليك كنزول سيل من عرم ثم يشير إليك بإشارات احتجاج مستخدما أصابعه بطريقة غير مفهومة لحاج مثلي إذا أنت أعربت عن احتجاجك بإطلاق المنبه، ومثل من سبق عدداً وعدة من يميل عليك ميلة المحب على الحبيب قبل أن يستيقظ على بعد شبرين من سيارتك إلى أنه يكاد يصدمك أو تصدمه بسرعة مائة كيلومتر بالساعة, ولا تسل بعد ذلك عن عدد من يعكس الشارع أو يقطع الإشارة (كانت صفراء ثم تحولت حمراء وأنا في منتصف الشارع ونصف سيارتك) أو يركن في الملف أو يتوقف بوسط الشارع ليرغي مع قائد سيارة أخرى (ويا ويلك لو حرضتك قلة الذوق على قطع الحديث بزمورك) أو يقود سيارته بسرعة الريح داخل الأحياء السكنية، أو يفعل ذلك وهو مشغول بيد على الجوال والآخر على الجير (ولا تسل عن المقود اليتيم) أو يسلم مدرعة على شكل جيمس أو شاحنة لطفل لا يكاد يرى رأسه خلف المقود، أو يحاول إمتاعك ومن هم في مثلك من الجهلة بالفن الشبابي الأصيل، عربيا وغربيا، بقوة ألف وات بعد منتصف الليل في شوارع الحي النائم أو ضمن سيمفونية لا تعترف بالتجانس والمجانسة في وسط السوق أو على الشوارع العامة، أو من يترك وراءه خطأ طويلا من المناديل الكلينكس وعلب البيبسي وبقايا وجبة البروست مع الآيسكريم والجلي حتى يضمن ألا يضيع في طريق العودة (بالرائحة أن سبقه إليها عمال النظافة).
وطبعاً فالاحتجاج على هذه الممارسات تضييع للوقت لأنك لن تحاور عاقلاً، مهما بدا كذلك، وبغض النظر عن قوة الحجة فالعبرة بقوة الذراع (والساق إذا استدعى الأمر اللحاق بموعد تذكرته فجأة في عز المعركة)، وفي أسلم الظروف فإن مشوار الساعة سيستغرق اليوم كله في جولات التوعية مع من يعني لديه النصح لكاعة وفلسفة وقلة أدب يجب التصدي لها بما يليق بها وبصاحبها الفيلسوف بتاع أمريكا .
حاولت خلال رحلات العذاب اليومية أن أدرس الحالة النفسية لفئات من المجتمع لا تعترف بالأنظمة المرورية إلا باعتبارها حواجز وتحديات لا مناص من تحطيمها تحطيما، (مع الاعتذار للفتيحي)، وشبه غياب لعين الرقيب الذي يذكر بالحكمة من أمن العقوبة أساء الأدب ، وشوارع تساهم أحيانا بتخطيطها غير المدروس في زيادة الطين بلة , ولأن المساحة لا تتسع فسأخصص المتاح منها في مقالة قادمة لمناقشة ما توصلت إليه من أسباب وما اقترحه من حلول قد تسهم في تخفيف وطأة المشكلة وتخفف من آثارها الخطيرة على الحال والمال.
* رئيس الشؤون المحلية، جريدة الوطن، أبها

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved