أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 17th June,2000العدد:10124الطبعةالاولـيالسبت 15 ,ربيع الاول 1421

مقـالات

تاء,, همزة:توصية درويش:
سمعت كثيراً أن الغابات والأشجار السامقة إذا بقيت ثابتة عامل جذب للغيوم والسحب بإذن الله,, فإن صح هذا علمياً فإن لدينا مياهاً مستقذرة مهدرة مؤذية وهي مياه المجاري ، وهي تصلح بعد التعقيم الثلاثي لسقي الأشجار غير المثمرة ثمرات تُؤكل.
قال أبو عبدالرحمن: وإنني درويش في هذه الأمور، وتوصيتي ها هنا ليست اقتراحاً علمياً، ولكنها مطالبة لذوي العلم بالنظر في إمكانها وجدواها، وهي من شقين:
الأول: التعقيم الثلاثي للمجاري، ثم صرفها لغرس أشجار غير مثمرة تكون غابات مجزَّأة في عدة مناطق مع سقي ما ينبت بالمطر من أشجار في صحراإ الجزيرة في مناطق تكثر فيها تلك الأشجار.
الثاني: اختيار مواقع خصبة يغرس فيها أشجار من الآبار الجوفية، وبالتنقيط من المياه العذبة مع شدة الحماية للبيأة (1) .
***
الأجوبة على الأسئلة الغاطية:
اطلعت على الأسئلة (2) الموجهة لابن عقيل في جريدة الجزيرة في العدد 10063 في 13/1/1421ه من هذه الجريدة تعليقاً على مقالتي هذا الفكر قدري) المنشورة بهذه الجريدة عدد 10005 موجهة من الأخ الكريم محمد بن عبدالله الفوزان بمحافظة الغاط، وكانت أسئلته: هل المذهب الظاهري مستقل عن المذاهب الأربعة كالزيدي، أو أنه مذهب متفرع عن أحدها مثل مدرسة شيخ الاسلام ابن تيمية، أو أنه مذهب لغوي، ومتى ظهر هذا المذهب، وأين ظهر، ومن أول القائلين به، ولماذا ينتسب الشخص إلى المذهب كأنه كنية له؟؟.
قال أبوعبدالرحمن: كنت أتوقع أن أسئلة الأخ الفاضل ستدور حول الأعباإ الفكرية التي طرحتها، وأن تكون أسئلة مشارِك لا مسترشد,, ومع هذا فحباً وكرامة، فسيجد الجواب على كل أسئلته المطروحة في هذه الإفادات:
الإفادة الأولى: أن مذاهب أهل القبلة على قسمين: مذاهب عقدية، ومذاهب فقهية,, فالعقيدة مثل سنة وشيعة ومعتزلة وأشعرية وخوارج؛ والفقهية مثل حنفية ومالكية وشافعية وحنبلية.
الإفادة الثانية: إذا قيل مذهب الإمامية، أو الزيدية أو الإباضية: فهو مذاهب عقدية وفقهية في آن واحد.
الإفادة الثالثة: ليس كل من انتسب إلى الأئمة الأربعة فقهياً يكون منتسباً إليهم عقدياً، ففي كل المذاهب الأربعة معتزلة وأشعرية,, إلخ.
الإفادة الرابعة: لم ينزل من الله بيان شرعي بأنه سيخلف محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعيهم أئمة أربعة لا يعدوهم الحق، ولم يقم بذلك إجماع ولا ضرورة فكر,, بل هؤلاإ الأئمة الأربعة اجتهدوا واختلفوا في أمور يسع فيها الاختلاف، واجتهد من هو فوقهم أو مثلهم أو دونهم؛ فكان ذا مذهب مثل الليث والأوزاعي والسفيانيين,, إلخ.
الإفادة الخامسة: من تلك المذاهب ما عُمل به في بعض الآفاق ثم انقرض كمذهب الأوزاعي في الشام والأندلس، وكمذهب سفيان، ومنها ما لم تقم به دولة تعمل به رسمياً؛ فبقي بلا أتباع رسميين، وبقي مرجعاً للعلماإ المجتهدين رحمهم الله جميعاً.
الإفادة السادسة: انتشرت المذاهب الأربعة لا لأن الحق صِرفُ فيها، بل لأجل الدول التي تبنتها رسمياً؛ فكان المذهب الحنفي أكثر أتباعاً؛ لأنه توارثه أكثر دول الإسلام امتداداً في الزمان والمكان وهما الدولة العباسية والعثمانية منذ كان أبو يوسف تلميذ أبي حنيفة رحمهما الله رئيس القضاء؛ فكثر أتباعهم تلقائياً وتلقيناً وتقيُّداً باتجاه الدولة في القضاإ والفتوى والتعليم؛ فكأن التمذهب مُأَهِّل علمي,, وهكذا كان مذهب الدولة مالكياً في الغرب والأندلس بالله ثم بنشاط تلامذة الإمام مالك الذين حملوا علمه، وتقلدوا مناصب الديانة كيحيى بن يحيى الليثي وأسد بن الفرات، ثم انتشر في أفريقيا بحكم الجوار، وكانت له دولة في الأحساإ في عهد آل أجود العقيليين,, وكان مذهب أحمد بن حنبل ذا دولة في العراق بعد المذهب الظاهري على يد أبي يعلى، وذا دولة في الجزيرة العربية,, ولا أدري في أي زمان أو مكان كان مذهب الإمام الشافعي مذهباً رسمياً رحمهم الله جميعاً، ولكنه منتشر مشتهر في مصر والمخلاف السليماني واليمن والحجاز وفي سورية.
الإفادة السابعة: عند عوام بعض الأقطار جهالة رعناأُ،، وهي قول بعضهم: هذا مذهب خامس!!,, يقولونها على سبيل الذم معتقدين ملقَّنين أن الصواب لا يعدوها، وأنها كلها صواب مع اختلافها!!,, وهم بهذا الجهل يذمون مذاهب العلماإ المجتهدين كالليث والأوزاعي والحمَّادَين والسفيانيين وابن ذئب وابن مهدي,, إلخ,, ثم أبي ثور والطبري وابن نصر,, إلخ.
الإفادة الثامنة: في أتباع الأئمة الأربعة علماأُ فحول مفكرون قلدوهم فقهاً ولم يقلدوهم عقيدة أو قلدوهم فيهما معاً,, وقد قصَروا بطوعهم واختيارهم اجتهادَهم في دائرة أقوال إمامهم، ولا إمام لهم على الحقيقة في تلقي علم الشريعة غير محمد صلى الله عليه وسلم,, ومن هؤلاإ من ألَّف في الجزم بأن الصواب أو أكثره في اجتهاد إمامه كالإمام أبي المعالي الجويني رحمه الله,, والحق أن تُصرف هذه المواهب إلى الاجتهاد في نصوص الشريعة، ويكون اجتهاد الإمام مثل اجتهاد العلماإ الآخرين يُنظر فيه ويطلب الدليل,, أما العامي فيسأل العلماأَ، ويتحرَّى الحق عند من نصبه الإمام للفتوى، ويجتهد بوسائله في معرفة الأورع الأتقى بالإضافة إلى العلم,, ومثل هذا الترجيح والاتباعية غاظ الإمام أبا محمد ابن حزم في كتابه الرسالة الباهرة حتى قال بمرارة: لو استطاع بعض الأتباع أن يقول عن إمامه: إنه تكلم في المهد: لفعل!!.
الإفادة التاسعة: أن التقرب الى الله بمحبة هؤلاإ الأئمة، والترحم عليهم لا يقتضي تجريد الصواب في اجتهادهم، ولا ضرورة تقليد من استطاع الاجتهاد.
الإفادة العاشرة: أن المذهب الظاهري مذهب مستقل، وليس تابعاً لإمام بعينه، بل هو منهج فكري لغوي نصي.
الإفادة الحادية عشرة: ليس المذهب الظاهري كالمذهب الزيدي؛ لأنه خلاف فقهي لا عقدي، وإنما هو كمذهب أحمد بن حنبل، والشافعي رحم الله الجميع.
الإفادة الثانية عشرة: يتبع المذهب الظاهري السني والأشعري والمعتزلي مثل غيره من المذاهب المتبوعة.
الإفادة الثالثة عشرة: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ليس ذا مذهب فقهي، ولكنه مجتهد في مذهب الإمام أحمد في دائرة أصوله، ناصر لها، وإن خالفه في بعض المسائل,, بل خالف الأئمة الأربعة وتابع الظاهرية في مسائل كمسألة قضاإ من ترك الصلاة عمداً.
الإفادة الرابعة عشرة: المذهب الظاهري ليس مذهباً لغوياً؛ ولكنه مذهب نصي شرعي بمقتضى فكري لغوي,, ومعنى أنه فكري أنه يفصل بين المعرفة الشرعية والمعرفة البشرية؛ فالمعرفة الشرعية على التوقيف والاتباع إلا ما فوَّضه الشرع إلى العقل، والمعرفة البشرية أوسع دائرة في الحرية,, وميزة الشرع أنه عبودية لله، وليس حرية للشهوات والشبهات والآراإ,, والظاهر بجناحيه الفكري واللغوي موجَّه لتحرير مراد الشرع وتخليصه من الأوشاب البشرية، وموجزه أن الشرع لا يُعرف إلا بلغة العرب التي نزل بها الشرع، وما صح نقله من مرادٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم عُرف بغير اللغة من إيمائه وسكوته؛ فيؤخذ بالاصطلاح الشرعي إن وُجد، فإن لم يوجد أُخذ بالمعنى المجازي الغالب الاستعمال، فإن لم يوجد أخذ بالمعنى الحقيقي الوضعي,, هذا إذا تجرد الخطاب من قرائنَ ودلالاتِ سياق وإحالة إلى معهود شرعي بنص آخر,, وأن مراد الشرع هو ما يتيقنه العقل أو يرجحه عند تعدد الاحتمالات.
الإفادة الخامسة عشرة: المذهب الظاهري اتباع لرجحان الفكر بواسطة الخطاب الشرعي,, ومعنى هذا أنه ليس مذهب إمام بعينه كالشافعي أو مالك.
الإفادة السادسة عشرة: بناأً على ما سبق فثم فرق بين الظاهر والظاهرية؛ فالظاهر اتباع للنص بمنهج فكري في نظريتَي المعرفة، والظاهرية اتباع لإمام أخذ بالظاهر وربما أخطأ في التطبيق كالأخذ بالحرفية والغفلة عن معقول النص ومعهوده,, والإمام ابن حزم قال في الرسالة الباهرة: نحب الإمام أبا جعفر ابن جرير الطبري، ولكن الحق إذا وجدناه أحب إلينا منه، ولا ندعو أحداً إلى اتباعنا ولا إلى اتباع الإمام داوود، بل ندعو إلى اتباع الظاهر الذي قام البرهان على صحته.
الإفادة السابعة عشرة: المذهب الظاهري هو الأصل، وهو مذهب الصحابة والتابعين رضي الله عنهم قبل وجود المذاهب، ولا يزال هو المذهب لأهل السنة والجماعة في العقائد؛ ولهذا ألف السمنودي كتابه (سعادة الدارين في الرد على الظاهرية ومقلدتهم من الوهابية)؛ فاعتبر مذهب أهل السنة والجماعة الذي قال به الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تابعاً للقول بالظاهر,, بل وُجد من الصحابة رضي الله عنهم من تمسك بالحرفية كما في صلاة العصر في بني قريظة.
الإفادة الثامنة عشرة: لما وُجدت المذاهب وتحزَّبت تجرد لإحياإ الأصل من الأخذ بالظاهر الإمام داوود بن علي وهو معاصر للإمام أحمد رحمهما الله، وما زال المذهب في عزٍّ حتى كان هو المذهب الرسمي للدولة في خراسان والعراق، فلما ضعفت دولته آخر القرن الرابع بزغ نجمه في الأندلس على يد منذر بن سعيد وابن مفلت ثم الإمام أبي محمد بن حزم الذي بقيت مُألفاته (3) ، ثم كانت له دولة في القرن السادس وما بعده بالأندلس,, وفي فقه الظاهرة أخطاأُ شنيعة، ولكن مذهب الأخذ بالظاهر منها براأُ.
الإفادة التاسعة عشرة: الإضافة إلى المذهب نسبة لا كنية,, إنما الكنية بأبي فلان وأم فلان.
الإفادة العشرون: في القديم ينسب الفقيه إلى مذهبه من قبل غيره، ومن قبل نفسه؛ ليتميز للطلاب والمناصب وكتب التراجم؛ لأن المذاهب مأَهِّلات علمية.
الإفادة الحادية والعشرون وهي مسك الختام : الانتساب للظاهر بالذات مظهر فخر واعتزاز أعظم من الإضافة إلى القبيلة؛ لأنه اتباعية مجتهد وفق منهج فكري معرفي يملكه، وليس تقوقعاً في مذهب إمام بعينه، والله المستعان.
الحواشي:
(1) الرسم المعتاد (للبيئة),, وإنما يقبل هذاالرسم لو كانت الهمزة ساكنة أو مكسورة؛ وذلك من أجل اتصال الحروف,, وما دامت مفتوحة فالصحيح الراجح كتابة صورة الحرف كاملة.
(2) هذا هو الرسم المعتاد، وهو الأرجح من أجل اتصال حروف الكلمة.
(3) الرسم المعتاد (مؤلفاته)، ولا وجه له، بل الصواب رسم الحرف، والاعتبار بحركة الهمزة لا حركة ما قبلها.
أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved