| مدارات شعبية
لا ريب أن نجد عرب هذه الجزيرة العربية منذ العصر الجاهلي حتى وقتنا الحاضر,, مفطورين مطبوعين على الشعر لبداوتهم وملاءمة بيئتهم لتربية الخيال.
ولذلك نجد شعراء هذه الجزيرة العربية وخصوصاً البارزين منهم قد غلب على شعرهم الوجدان ومناجاة الطبيعة,, لأن معيشتهم فوق أرض نقية التربة, وتحت سماء صافية الأديم، ساطعة الكواكب، نيارة الشمس قد جلبت لحسهم مناظر الوجود، وعوالم الشهود، فكان لشعرهم من ذلك: مادة لا يغور ماؤها ولا ينضب معينها، فهاموا بها في كل وادٍ وافاضوا منها إلى كل مراد.
ومن شعراء هذه الجزيرة العربية في العصر الحديث، الشاعر الأمير خالد الفيصل أمير منطقة عسير الذي يعتبره الكثيرون سليل شعراء العصر الجاهلي لعرب هذه الجزيرة ممن غلب على شعرهم الاهتمام بوصف الطبيعة التي عاشوا فوق أرضها وتحت سمائها.
وإن كان هناك اختلاف في مفردات اللغة بين الشعر الفصيح والشعر العامي بينه وبينهم، ولكن المتناول لشعر الأمير خالد الفيصل بصورة عامة، لابد ان يدرك بأن له في كل باب من شعر الأدب الشعبي أبياتاً سائرة هي الغاية التي قد يضرب بها المثل سواء كان ذلك في شعر الغزل أو الفخر أو الرثاء أو الاعتذار أو الوصف والحكمة وغيرها.
ولأننا هنا بصدد الحديث عن شعر الوصف في شهر هذا الشاعر العملاق وصف الطبيعة ومحاسن الوجود وتأثر الإنسان بها لذلك لا بد لنا ان نتوقف عند مجموعة من العوامل التي من ابرزها وعيه وإدراكه بكل درجات الألوان في الطبيعة مما انعكس على تميز وإبداع هذا الشاعر وتسيده لساحة الأدب الشعبي سواء كان ذلك شعراً أم رسماً.
وإذا قسنا مدى تفاعل جمهور المتلقين مع قصائد خالد الفيصل خاصة ما يتعلق منها بوصف الطبيعة,, كثيراً ما نجد أننا نقف أمام لوحة شعرية وفنية راقية يجعلنا هذا الشاعر نلمس فيها توقد خاطره وشدة تعمقه وتصوراته الفلسفية في وصف وترجمة مناظر هذه الطبيعة.
وبقراءة قصيدة واحدة من قصائد خالد الفيصل في وصف الطبيعة ومعالمها نجد ان معيار ذلك وتميزه وابداعه فيها يمتاز بما يلي:
أولاً: جلاء معاني شعره ومطابقتها للحقيقة والواقع، مع قلة المبالغة والغلو في وصف هذه الطبيعة، بما يخرجها عن حد العقل ومألوف الطبع.
ثانياً: روعة تصوير ووصف مظاهر ظاهرات هذه الطبيعة وتجلي ذلك في صور الخيال البديع والتشبيه الطريف والاستعارة الجميلة والكناية الدقيقة وحسن التعليل.
ثالثاً: جودة استعمال الالفاظ المستمدة من بيئة هذا الشاعر وتوظيفها في اغلب نصوصه الشعرية والتي تهتم بمناجاة الطبيعة وتفسير معالمها وجمال تضاريسها ومناخها، مما جعل شعره وافياً بحق المعنى ولفظه.
رابعاً: عيشه في بيئات مختلفة في التضاريس والمناخ داخل حدود جزيرته العربية كثيراً ما أوجدت لديه إلهاماً ومداراً واسعاً انعكس على تعدد مفردات لغته الشعرية، فنجده تارة يناجي الصحراء برمالها واتساع أفقها وغربتها وحرارتها وقمرها وليلها، وتارة اخرى يناجي السحاب والضباب والجبال والامطار والندى والشعاب والوديان وغيرها من معالم الطبيعة التي تفاعل معها وقدمها لنا في قالب شعري وفني لا يتمارى عليه اثنان.
ومن هنا نجد أن عند سمو الأمير خالد الفيصل ولعا طبيعيا، وفطريا جعله يتفاعل مع هذه الطبيعة التي أوجدها الله سبحانه وتعالى من أجل الانسان وأوجد الانسان ليتفاعل معها ويستغلها ويستمتع بمعطياتها وجمالها.
وفي الختام,, لا بد من القول إن كل قصيدة يكتبها خالد الفيصل في وصف الطبيعة كثيراً ما تجعلنا نلمس نورها وظلها وبريقها وجمالها من هذه الطبيعة التي أحبها خالد الفيصل وأحبته.
|
|
|
|
|