| القرية الالكترونية
طرح الزميل خالد أبا الحسن وهو المتخصص أصلاً في علم اللغويات وصاحب التجربة الطيبة في مجال استخدام الحاسوب في التطبيقات اللغوية إشكالية غياب الحضور الفاعل للترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية، ويؤكد على ضرورة دعم حركة الترجمة والتعريب لتحقق المراد وتسد الحاجة القائمة بدلاً من الاستسلام للغات الأجنبية، ويوافقه على هذا الرأي المهندس تركي الماضي في تعقيبه الذي تم نشره قبل عدة أيام.
بداية وقبل طرح أية أفكار أجدني مجبراً على التذكير بحقيقة اساسية قد تغيب عن أذهان البعض وهي أن حركة الترجمة وبشكل عام، وبغض النظر عن المجال المعني من لغات أخرى إلى اللغة العربية أو العكس إنما هي حركة ميتة لعدة عوامل أهمها غياب المتلقي المملوء باللهفة لقراءة ماقد يتم ترجمته وتعريبه من أعمال، إذ كيف يمكن لنا أن نتوقع ازدهاراً كبيراً وانتعاشاً واسعاً لحركة الترجمة في ظل وجود هذه النسبة العالية من الأمية بين ظهرانينا في الدول العربية، علاوة على معاناة أجزاء من عالمنا العربي من ضغوط اقتصادية صعبة تسمح بالكاد بتوفير لقمة العيش فما بالك بالنهم المعرفي!,.
وهناك أيضاً حقيقة ملتصقة بخصائص اللغتين العربية والإنجليزية إذ يدرك من لديه القابلية على تحدث اللغة الإنجليزية أنها لغة يمكن وصفها بالمرونة الزائدة عن اللزوم بشكل يجعل من السهل جداً الإتيان بمصطلحات جديدة قصيرة وسهلة وتعطي المعنى المطلوب، كما أن المتخصصين في علم اللغويات يدركون جيداً مرونة اللغة الإنجليزية من حيث الاشتقاق وحروف الجر التي تتم اضافتها إلى مختلف الكلمات، خذ مثلا كلمة up - grade التي تعني في اللغة العربية رفع مستوى أو رفع درجة، أو تحسين في بعض الأحيان، والأمثلة في مجال الحاسوب بالذات عديدة على الطرف الآخر، وتتميز اللغة العربية بأصالتها واختلافها عن اللغة الإنجليزية في المجال الاشتقاقي واستخدام Suffixes وPrefixes إضافة إلى ذلك فإن الميل لاستخدام اللغة الإنجليزية كثيراً في مجال الحاسوب من قبل الذين يتحدثون العربية كلغتهم الأم مرتبط في رأيي بالانتشار الكامل لاستخدام اللهجة العامية بحيث يقتصر استخدام اللغة العربية على الوسائل الإعلامية والقطاعات التعليمية، وقبل ذلك كله في قراءة القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.
وما أريد أن أصل إليه هو أن تلك الدرجة العالية من المرونة والسهولة في اللغة الإنجليزية مرتبطة بدرجة عالية مع استخدام اللهجة العامية المتحررة من القيود النحوية وغيرها.
واخيراً وفيما يعتقد الزميل خالد أبا الحسن في أن الحل مقصور على اضطلاع المؤسسات العلمية والهيئات المتخصصة بعاتق النهوض بحركة الترجمة والتعريب في مجال الحاسوب، فإنني أكاد أجزم بأنه وفي ظل غياب أي دور فاعل للجهود المؤسساتية وعدم قدرة الهيئات على دفع عربة الترجمة ولو أشبارا قليلة فإن الجهود الفردية هي الحل الوحيد على الأقل على المدى المتطور لإخراج بعض القواميس المتخصصة خصوصا وأن المشكلة في رأيي هي أزمة مصطلح اكثر منها أزمة نص أو لغة، كما أن إيجاد حلٍ لأزمة المصطلح هذه مرتبط بمدى تقبلنا كمتخصصين في مجال اللغة وكمتحدثين ناطقين بالعربية لتضمين اللغة العربية كلمات أجنبية، أم أننا نبحث عن كلمة عربية الأصل لكل مصطلح اجنبي فكلمة ROM يمكن أن تدخل اللغة العربية على أنها رام لتؤدي المعنى المطلوب وفي اقصر وقت, اما إن كنا نصر على أن تكون الكلمة عربية الأصل، فإن ذلك يعني أننا نقف أمام عقبات عدة، فكلمة port التي تعني فتحات توصيل وتبادل المعلومات ستظل موجودة في اوساط المتخصصين لسهولة استخدامها مقارنة بترجمتها العربية المكونة من أربع كلمات ولكن يمكن اختصارها إلى كلمة منفذ .
وباختصار فإن وجود النوايا الطيبة والبحث عن مثل هذه الآمال أمر مرغوب غير أنه يتعين علينا أن نكون واقعيين فيما نقوم به مع ضرورة وضع مقاييس مرنة تسمح باستخدام اللغة العربية ولا تعمل على عزلها عن مختلف المجالات التقنية, عموماً فإنني آمل أن تتوافر لدي الفرصة في تناول هذا الموضوع بشكل أكثر تفصيلا في مناسبة قادمة قريبة.
abanom@ool.com
|
|
|
|
|