| مقـالات
نقد منهج النقلة من العلماء والباحثين وأهل التاريخ والأدب عُني العلماء ذووا الاختصاص الدقيق بمسائل هي من العلم أصله بمكان مكين هذه المسائل مثلها مثل الماء: أرخص موجود وأغلى مفقود، ولا يستغنى عنها بحال ما من الحالات إلا لمن أراد موت ما تخطه يداه ويحرره فكره.
واليقين كل اليقين وليس الظن غالبه أو بعضه اليقين كله أن (الأمة) بحاجة ماسة الى هذه المسائل حاجتا الى: الماء,, ولا كلام، إنني واحد من نفر قليل ينحون باللوم كله على ما تلفظه المطابع ودور النشر، ودور الثقافة والمؤسسات العلمية والثقافية والادبية ما تلفظه من نشرات وكتب ورسائل وبحوث ودراسات اهمل كثير منها ما به سبب حياتها.
إنني حينما أدلك على طريق ما ثم لا أبين لك دقة الوصف الموصل إلى المراد لا جرم أكون موقع اللوم.
إنني في حال تقرير مسألة من المسائل المحتاج الواقع إليها ثم نشرها، وهي تفتقر الى صحة مسار النص، وصحة مرجعه أكون هنا كمن بنى بيتا على شفا جرف هار،
إن الذين يجهدون أنفسهم ليل نهار لبحث مسألة علمية أو تاريخية او تقرير حالة شرعية ثم هم يوردون نصا يوافق ميلهم لحاجة في النفس، أو يؤولون النص تأويلا عقليا خاطئا، إنما يجنحون جنوح متبع الهوى ومراد غايات ليست أصلاً يراد.
إن هؤلاء حينما يدعون صحة النص أو هم يفسرونه وفق الهوى ويميلون للعقل في نظره وحكمه مع وجود النص الصحيح إنما هم كجادع انفه بنفسه وكمن لقي حتفه بظلفه سواء بسواء.
إن العاقل الأمين الحر المتجرد الصادق واقعي النظر انما يلومه ضميره حال خلو تام معه وكم من عاقل أمين حر متجرد صادق واقعي النظر أفاق فإذا هو المفيق والقدوة الدائمة لتحرير العقول من شباك نزعة الهوى وحيل النفس والجبن والخوف، فإذا هو المنتزع نفسه من وحي نفسه والمنتزع عقله من وحي هواه.
والمنتزع شرفه من وحي سبيل التقليد:/
لواصل، أو لقرمط أو للحلاج، أو ابن سبويه، أو للجعد، أو للجلهم، أو ابن العربي، إن حرية العقل تكمن في صفاه وتجرده، إن الذين وقعوا أُسارى لخلة ما حتى أصبحت طبعا لا يرون غيرها إنما هم كمن يتلذذ بالألم ثم هو يميل للإسقاط دون وعي منه.
إن إهمال العلماء والباحثين والدارسين وأهل الأدب والتاريخ والنقد إهمالهم لصحة النص أو تأويله بما يوافق الهوى ورد دراسة الأسانيد والجرح والتعديل وجعل العقل (عقلهم) هو المقياس، إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا فمنهم من يدرك ذلك ومنهم من غطت الغشاوات مساره.
وسوف بإذن الله أُبيّن ما يهم الجميع براءة للذمة ولإقامة الحجة وما أبينه إنما هو بيان وقفتُ عليه مختصرا لكنه في غاية النفع بإذن الله، وهو جار إلى نفع آخر وآخر غيره من امهات كتب الدراية مما أُلف خلال القرون الأول وحتى السادس من هجرة النبي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
بين يدي الآن كُتيب صغير لكنه قمن بحفظه وفهمه كُتيب مُهم في بابه دال على ما بداخله من: درر، وكنوز.
بين يدي (البيقونية) للشيخ الحافظ/ عمر بن محمد بن فتوح الدمشقي ت/1080، وقام بشرحها حسن بن محمد المشاط، وهو شرح جيد مع بذله لإيصال العلم لناشده مع اختصار غير ملغ للمراد، ثم بدأ بالبيتين الأولين وقال: (من أقسام الحديث عدة) قال الشارح قدرها إثنان وثمانون ثم فصَّل: (منها ما يختص بالمتن كالمرفوع، ومنه ما يختص بالسند كالعالي والنازل، ومنها ما يرجع لهما: كالصحيح والحسن).
قلت ما قاله صواب وليس لها قسم رابع حسب السير، ولست أظن مثله يخضع للاجتهاد إذ قد انقطعت الرواية في نهاية القرن الثالث الهجري وتأصلت علوم وقواعد السنة في منتصف القرن الرابع.
والوقوف على ما يختص بعلم المتن وعلم السند وبما يختص بهما معا يكفل لعامة العلماء والباحثين وأهل النظر من كتبة الأدب والتاريخ وعامة الرواية يكفل لهم منهجا منضبطا لا يحيد عنه أحد في خطأ إلا ما نتج عن سوء فهم أو العجلة، او الاجتهاد الذي لا محل له.
وغالب باحثي السير والحروب وبعض أهل العلم قد لا يدركون أهمية هذا التقسيم الجليل ولهذا وقع كثير منهم في انحرافات خطيرة خاصة ما حصل بين سنة 30 هجرية حتى سنة 300 هجرية.
لكن دع من يطأ الخيط عنادا فيذهب إلى العقل ويجعله مصدر معرفة ويجعله أصلا هو كل شيء فيطرح: الاسناد والجرح والتعديل وأحوال الرواة فيزعم ذهاب مثل هذا، وأنه قد جاء دور العقل وما درى هذا أن العقل السليم الخالي من شائبة الشبهات هو الذي قبل هذا وأخذ به حتى قال الأئمة (الاسناد من الدين).
وقد بين الشارح في ص 4 علم مصطلح الحديث يقول: (وهو علم بقواعد يعرف بها أحوال السند والمتن من: صحة وحسن وضعف).
ثم قال: وموضوعه: الراوي والمروي من حيث القبول والرد).
وتحديد معرفة هذا العلم الجليل يبينه: موضوعه الذي وضع من أجله، وهذا وذاك دالان على خطورة الجرأة التي أوصلت البعض إلى عدم الالتفات الى صحة وضعف النص خاصة فيما يتعلق بتقرير الأحكام من العبادات والمعاملات من اجل ذلك وقع صاحب (مروج الذهب) و(خاص الخاص) و(مقاتل الطالبين) و(العقد الفريد) و(الأغاني) ومثلهم معهم وقعوا بمزالق هفوا بسببها ولم يزل العقلاء الفضلاء يذمون هذه الكتب فيما يتعلق منها بنصوص كاذبة وضعيفة وما لا اصل له، دع عنك من ينهج النهج العقلي فهو يرد الآثار برد علم السند والجرح والتعديل، ويزعم ان العقل له الحكم ابتداءً بصرف النظر عن قول فلان،و فلان، وما يدري هذا، وما يدري هؤلاء أن قول فلان وفلان اتكاء على النص الصحيح ومن لي بعاقل حر كريم قرأ أو هو قد قرأ:
مقدمة صحيح مسلم، أو تقدمة كتاب الجرح والتعديل، أو العلل للدارقطني أو المحدث الفاصل للرامهرمزي، من لي بهذا لا جرم فإنه سوف يدرك حقيقة عدم: تعارض العقل السليم مع النص، النص الصحيح، وما موضوع المصطلح إلا من النص، وها هي النصوص تترى في الكتب الستة وسواها تُبيّن أهمية حقيقة القبول والرد للنص،
ثم بدأ يسير مع الناظم بيتاً بيتاً ليتفق العلماء وطلاب العلم على علم فحل قائم بذاته مع صغر هذا الكتيب وقلة أبيات الناظم لكنه العلم بكيفيته لا بكميته سوف بإذن الله تعالى أنظر نظمه وشرح الشارح ليتبين كم هي المزالق كثيرة تلك التي وقع ويقع فيها أناس هم محل اللوم لفضلهم وما ظهر لي من حسن نياتهم بصرف البال عن قوم يسودون الطرس ليعج الواقع بحطب الليل ودخول البصرة بالليل،, في ص 5/ 6/ 7/ قال الناظم: اولها الصحيح,,, ,,, الخ
يُبيّن هنا أن النص هو ذلك الذي صح بشرط لازم له أبدا كشرط وجود/ الماء للحياة/ وهذا ما أجمعت عليه الناس باللفظ والمعنى فالصحيح من النصوص هو: ما اتصل سنده بنقل العدول التامي ضبط ما نقلوه من غير شذوذ ولا علة قادحة.
وهذا التعريف المكين والذي تتقبله الفطر السليمة يضبط النص ضبطا يقطع الطريق على كل من يخبط خبط جهل أو عجلة أو هو خبط حمق.
وإذا وقف العالم والباحث والمؤرخ والأديب والناقل على هذا وأدركه ووعاه وعيا بعيدا مرماه فإنه يتولد لديه بالفطرة وما هو معلوم بالضرورة يتولد لديه طرح: المرسل والمنقطع والمعضل والمعلق ما لم تصح هذه بطرق أخرى بدليل مادي كريم فيكون صحيحا بالشرط المتقدم.
وجهل أو تجاهل ونسيان أو تناسي هذا ضعضع نبوغ العلم وتدحرج أمهات ضوابط العلم فنخرج من جراء ذلك الطرح الإنشائي ومجرد الوعظ وتسويد الورق عن:/ حياة المسلمين خلال القرون الثلاثة بما يدعو المرء أن يضحك ضحك بكاء مرير فيه طول لعله يقصر بالشعور بالمسؤولية وبعث علم المصطلح وحفظ وفهم المتن والسند.
وجاء الناظم بقوله تبعا لما سلف يقول:
والحسن المعروف طرقا,,, ,,,,,،
هنا يبيّن الناظم ويبين الشارح في حال اقتضاب يبينان مسألة لعلة قد يحتاجها حتى اولئك الذين يندرجون تحت علم الحديث لكن بعلم ضبط الصدر ولا فهم قوي، او ضبط كتاب مع تداخل وتزاحم للعلم وتشابه منه عليه، إن الذي يقرأ بعض التحقيقات والتخاريج إن من يقرا هذا يجد كثيرا من المحققين والباحثين يختلط عليهم ما يختلط تساهلا (عفوا) او جهلا يختلط عليهم أمر هو من الخطورة بمكان.
في : (الترمذي) وغيره، وفي كتب كثيرة فيها كثير من النصوص تجد عند تحقيقه حديث ما قوله: حديث حسن ويسكت والخطأ الحاصل أن لحديث الحسن نوعان وليس نوعا واحدا فعند التعميم يكون الإشكال فيقع من لا يعرف ضوابط النص وجمع الروايات وطرق الأسانيد يقع في مهلكة، وقد رأيت حصول هذا حتى عند العلماء وأصحاب الرسائل العليا.
فالحديث الحسن هو: ما اتصل سنده بنقل العدول الخفيفي الضبط من غير شذوذ ولا علة قادحة وهذا هو: الحديث الحسن لذاته فبينه وبين الحديث الصحيح لذاته شبه تام إلا في: (خفة الضبط)، فالحسن لذاته يكون الرواة العدول: خفيفي الضبط والصحيح تامي الضبط,
أما الحديث الحسن لغيره فهو: ما في إسناده مستور لم تتحقق أهليته غير انه لم يكن مغفلا ولا كثير الخطأ فيما يرويه، ولا متهما بالكذب، ولا ينسب الى مفسق آخر يوجب رد روايته وتقوى هذا الحديث بمتابع أو شاهد،
أليس تعميم ذكر الحديث: (هكذا) يوقع في عمى ووبال؟ بلى,, لكن كيف ينقل مجرد نقل فهو يجعل (الأغاني) مثلا بين يديه وعينيه فينقل منه عن غزوة أو حكم شرعي أو قول صحابي,, إلخ,, ولا يدري أمر الأسانيد والمقبول والمردود، لا خلاف في أن هذا نوع جريمة كبيرة في المساس/ بالدين/ والخلق/ والأمانة/
فلابد عند التحقيق وعملية تخريج الآثار من بين نوع الحديث،
أما الحديث الضعيف فهو الحديث المردود تصل الى قرابة ثلاثمائة وواحد وثمانين نوعا ص 11 وهذا صحيح الى التفصيل في أنواع النص الضعيف، ولهذا عمي بال كثرة كاثرة من المؤرخين، والأدباء والنقاد ومحققي التراث تحقيقا تجاريا أو من أجل جمع الحكم والأمثال (كقصص العرب) و(أخبار العرب) الخ.
والضعيف هو ما لم يتحجج به شرعا فلأحجية فيه على حكم أو نظر، والضعيف هو: ما قصر عن درجة الحسن، فتنبه،
ثم بدأ الناظم حتى ص55 يورد ما أشير إليه مع بعض بيان قد أورده أحيانا،
الحديث المرفوع هو: الحديث الذي اضافه صحابي أو تابعي أو من بعدهما (للنبي صلى الله عليه وسلم) قولا كان أو فعلا هكذا قال: الشارح، وهو: صواب فيدخل هنا: المتصل والمرسل والمنقطع والمعضل والمعلق، وخرج: الموقوف والمقطوع وكل هذا ينضبط بتعريف الحديث الصحيح وما لم يكن كذلك فلا/ فضابط كل نص هو التعريف بتطبيق النظر على كل شرط،
والمسند,, والمقطوع، فاما الحديث المسند فهو: المتصل الإسناد من راويه حتى ينتهي الى النبي صلى الله عليه وسلم فلا يستعمل إلا في المرفوع المتصل،
والمقطوع هو: الحديث الخالي عن قرينة الرفع والوقف فهذا هو: المضاف إلى التابعي،
ولقد وجدت كما وجد غيري كثيراً من النصوص لتابعين وتابعي تابعين تنسب على أنها أحاديث مرفوعة أو موقوفة وهذا حصل بسبب عدم الوقوف على معرفة أنواع الآثار الإصطلاحية ولهذا وقع اللت والعجن في كثير من كتب الرقاق وسواها مما يعج به السوق اليوم.
والمتصل هو: الحديث الذي سمعه راويه من الآخر حتى يتصل إسناده للنبي صلى الله عليه وسلم، فدخل في هذا: المرفوع حكما.
ومن جليل فائدة معرفة الإسناد المتصل من قبل الباحثين وذوي الاهتمام بالسيرة وتخريج الآثار وتحقيقه أن الحديث المتصل يعرف بسببه كل أثر: مُرسل ومنقطع/ ومعلق/ ومعضل/ ومعنعن ومدلس قبل تبين سماع المدلس، فاتصال السند مُهم جدا كاتصال الرأس بالبدن فالاتصال والعدل والضبط وعدم الشذوذ وعدم العلة القادحة هذا أمر في غاية الأهمية بل هو رأسها وبعدم معرفة هذا او لضعف في الهمم ذهب الناس إلى الاختلافات والتفريعات وكل قول هين،
والحديث شأنه شأن عظيم كفحل الإبل وأسود الغاب لا يروضها ويسلك معها إلا من هم من ذوي العقل الحر المتميز والفهم السديد والصبر الواعي وطول النفس بمكان متمكن جد متمكن،
ثم يعد التسلسل ويفهم المراد منه بمعناه جاء بالآحاد: العزيز، والمشهور، والغريب وكلهايعتريها القبول والرد بحسب صحة وضعف السند،
ثم جاء بالمعنعن هو الحديث الذي روي بلفظ / عن فلان عن فلان,,,، وهو كذلك يعتريه القبول والرد بشرطه،.
والابهام ذكره الناظم انه نوعان/ نوع في السند وهو المهم، ونوع في المتن، والإبهام في السند مهم لأنه قد يكون الراوي المبهم ضعيفا أو وضاعا أو صاحب بدعة، فلابد من الكشف عن هذا الراوي اسمه/ وكنيته/ وبلده/ ودرجته/ وطبقته,
وجاء بالسند العالي,, والنازل والعلو بالسند هو قلة الرواة أو بلوغهم درجة عظيمة من التوثيق قلوا أو كثروا، وفي ابن ماجة أحاديث ثلاثية عالية لكنها ضعيفة بسبب ضعف شيخ ابن ماجة في الرواية.
ثم جاء بعد ذلك بالموقوف والمرسل والمنقطع، والمعضل والمدلس والشاذ والمقلوب والفرد والمعل، والمضطرب، والمدرج والمدبج,, ثم المتفق والمختلف، والمؤلتف والمنكر ثم الكذب.
وهذا كله في البيقونية دونه صاحبها بنظم جيد وسبك عال، ولست أظن كما يزعم البعض أنها هينة ليست بشيء لكنها من السهل الممتنع،
وكم أطمح من الجامعات في كلياتها التاريخية والأدبية والشرعية جعل علم المصطلح علما مستقلا يصاحب الدارسين أبدا لأهمية هذا العلم ثم يكون التطبيق العملي من أصول هذه المادة الجليلة.
وكم أطمع من المجامع العلمية والمعاهد المتخصصة ودور النشر المسؤولة كم أطمح منها تحري الدقة بضبط الآثار وتحري صحتها وبيان الحكم على النص خاصة: في التقارير,, والتوصيات,, والتحقيقات والأحكام.
إن مثل هذا أمر جد مهم كحال وجود استشاري الطب في المستشفيات، والمراكز الطبية عالية القدر الذين يبينون: العلل/ ومكانها/ وعلاجها/ وطبيعة الدواء وقوته وضعفه،
|
|
|
|
|