أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 14th June,2000العدد:10121الطبعةالاولـيالاربعاء 12 ,ربيع الاول 1421

الثقافية

فاستيقظوا إن خير العلم مانفعا
عبدالله بن محمد بن رداس
أبيات الشعر التالية اخترناها من قصيدة للشاعر الجاهلي لقيط بن يعمر الايادي قالها لتحذير قومه وتنبيههم لما يراد بهم من شر وكيد،وما يحيق بهم من خطر,
فقد كان لقيط كاتبا في ديوان كسرى ملك فارس عندما كانت لفارس السلطة والسيطرة على العراق قبل الفتح الإسلامي، وكانت فارس في ذلك الحين في عنفوان مجدها وأوج قوتها، فعرف لقيط بحكم عمله في الديوان أن كسرى يكيد لاياد (قوم لقيط) ويعد العدة لغزوهم في عقر دارهم لإذلالهم وإخضاعهم.
فجاشت نفس لقيط وأبت عليه نخوته العربية وعصبيته لقومه اياد إلا أن ينبههم إلى الخطر، ويحذرهم من المكروه قبل وقوعه، وينعي عليهم ما هم فيه من غفلة عن الأعداء، وانصراف إلى بلهنية الحياة ورخاء العيش وتنمية موارد الثروة دون الأخذ بأسباب القوة والمنعة لرد غائلة العدو الطامع الذي إن ظفر بهم وظهر عليهم لضعفهم وتفرقهم فلن تغني عنهم أموالهم شيئا وتصبح معهم غنيمة للأعداء, فانشأ لقيط هذه القصيدة البالغة التأثير أنفذها إلى قومه.
لقد كان هذا منذ ما لا يقل عن أربعة عشر قرنا هي حقبة طويلة من الدهر، ومن عجب أن تلك الحال التي كانت عليها إياد ووصفها لقيط وحذر قومه منها تشبه من كل الوجوه حال الأمة العربية الآن، التي يتهددها العدو اليهودي ويغزوها في عقر دارها،وينتزع منها اشرف أمصارها وأغلى أقطارها، وهي غافلة لاهية، وفي شغل شاغل بتنمية موارد عيشها والانصراف إلى حياة الترف والسفه التي يحياها كثير منها دون أن تأخد الاهبة وتستعد لطرد الأعداء الغزاة المحتلين، الذين يتربصون بها الدوائر.
راجين من الآباء الفضلاء والأساتذة الأجلاء أن يلقنوها أبناءهم وتلامذتهم ليستظهروها ويتفهموا معانيها ويأخذوا الحكمة من فم هذا الشاعر العربي الجاهلي،و العبرة من ماضيهم لحاضرهم، ومن حاضرهم لمستقبلهم بعد أن اتسع نطاق كارثة فلسطين وعم بلاء الصهيونية والاحتلال اليهودي الغاشم فلسطين كلها وتجاوزها إلى سورية ولبنان فهل من معتبر، وهل من مدكر؟
* عبد الله بن محمد بن رداس


يا أيها الراكب المزجي مطيته
إلى الجزيرة، مرتاداً ومنتجعا(1)
أبلغ إياداً وخلل في سراتهم
أني أرى الرأي، إن لم أعص، قد نصعا(2)
يا لهف نفسي، إن كانت أموركم
شتى، وأحكم أمر الناس فاجتمعا
أما تخافون قوماً لا أبا لكم
أمسوا إليكم كأمثال الدبا سرعا(3)
أبناء قوم تاووكم علىحنق
لا يشعرون أضر الله أم نفعا(4)
لو أن جمعهم راموا بهدته
شم الشماريخ من ثهلان لا نصدعا(5)
في كل يوم يسنون الحراب لكم
لا يهجعون، إذا ما غافل هجعا
خزر عيونهم، كأن لحظهم
حريق غاب ترى منه السنا قطعا(6)
لا الحرث يشغلهم، بل لا يرون لهم
من دون بيضتكم، رياً ولا شبعا(7)
وأنتم تحرثون الأرض عن سفه
في كل معتمل تبغون مزدرعا
وتلبسون ثياب الأمن ضافيةً
لا تفزعون، وهذا الليث قد جمعا
ما لي أراكم نياماً في بلهنية
وقد ترون شهاب الحرب قد سطعا(8)ذ
فاشفوا غليلي برأي منكم حصف
يصبح فؤادي له ريان قد نقعا(9)
ولا تكونوا كمن قد بات مكتنعاً
اذا يقال له افرج عمة كنعا(10)
يسعى ويحسب أن المال مخلده
اذا استفاد طريفا زاده طمعا(11)
فاقنوا جيادكم، واحموا ذماركم،
واستشعروا الصبر، لا تستشعروا الجزعا
ولا يدع بعضكم بعضاً لنائبة
كما تركتم بأعلى بيشة النخعا(12)
صونوا جيادكم، واجلوا سيوفكم،
وحددوا للقسي النبل والشرعا(13)
واشروا تلادكم، من حرز انفسكم
وحرز أهليكم، لا تهلكوا هلعا(14)
لا تلهكم إبل، ليست لكم إبلاً
إن العدو يعظم منكم قرعا
لا تثمروا المال للاعداء إنهم
إن يظهروا، يحتووكم والتلادمعا (15)
هيهات لا مال من زرع ولا إبل
يرجى لغابركم إن أنفكم جدعا
والله ما انفكت الأموال مذ أبد
لأهلها، إن أصيبوا مرة، تبعا
يا قوم إن لكم من إرث أولكم
مجدا قد أشفقت أن يفنى وينقطعا
ماذا يرد عليكم عز أولكم
إن ضاع آخره، أو ذلّ واتضعا
يا قوم لا تأمنوا، إن كنتم غيراً
على نسائكم، كسرى وما جمعا(16)
يا قوم بيضتكم لا تفجعن بها
إني أخاف عليها الأزلم الجذعا (17)
هو الجلاء الذي يجتث أصلكم
فمن رأى مثل ذا رأياً ومن سمعا
قوموا قياماً على أمشاط أرجلكم
ثم افزعوا، قد ينال الأمر من فزعا
وقلدوا أمركم، لله دركم
رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا(18)
لا مترفا إن رخاء العيش ساعده
ولا إذا عض مكروه به خشعا(19)
لا يطعم النوم إلا ريث يبعثه
هم يكاد سناه يقصم الضلعا(20)
مشرد النوم، تعنيه أموركم
يروم منها إلى الاعداء مطلعا
ما انفك يحلب هذا الدهر اشطره
يكون متبعاً طوراً ومتبعا (21)
حتى استمرت على شزر مريرته
مستحكم الرأي لا قحماً ولا ضرعا(22)
وليس يشغله مال يثمره
عنكم ولا ولد يبغي له الرفعا
لقد بذلت لكم نصحي بلا دخل
فاستيقظوا إن خير العلم ما نفعا(32)
هذا اكتابي إليكم، والنذير لكم
لمن رأى رأيه منكم ومن سمعا


أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved