| مقـالات
ُعدُّ مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض منذ أن أُنيطت بها مهام القيام بالدور الوطني صرحا ثقافيا مهمّا، ومعلما فكريّا بارزا.
ومنذ صدور المرسوم الملكي رقم م/9 وتاريخ 13 جمادى الأولى عام 1410ه بالموافقة على نظامها، والمكتبة تسعى إلى بلورة فكرة الاهتمام بتجميع وحفظ كل ما ينشر داخل المملكة العربية السعودية، من أوعية معلومات بأشكالها كافّة، وما ينشر لأبناء المملكة في الخارج، فضلا عن ضبط الانتاج الفكري المحلّي والإعلام عنه، وإصدار الببليوجرافيا الوطنية، وتكثيف الدوريّات المحلية، والضبط الفني لعملية الفهرسة أثناء النشر.
وتبعا لذلك أضحت مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض، محجّة ثقافية كبرى يقصدها الباحثون والدارسون ذكورا وإناثا، سواء من داخل المجتمع السعودي ام من خارجه، وما زالت المؤشّرات الأولية تنبىء عن أنّ هذه المكتبة، تتوافر فيها كل مقومات أي مكتبة وطنية في العالم، واتسع نطاق خدماتها، بحيث لم تعد تخدم قصّادها من الباحثين والدارسين الذين يطرقون أبوابها، داخل مدينة الرياض، بل ذهبت أبعد من ذلك، حين قرّرت أن تتولى على حسابها، إرسال المعلومات التي يطلبها كل باحث ودارس، تارة عبر جهاز الناسوخ (الفاكس)، وتارة أخرى عبر البريد المسجّل، لتسدي بذلك خدمة جُلّى، يقابلها الباحثون والدارسون بالشكر والتقدير حتى تبوأت مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض، موقعا متقدّما على خريطة مكتبات العالم، مدعّمة بذلك وظائفها، ومتوخّية العمل على تحقيق الأهداف المرجوة من قيامها.
كنت منذ أكثر من سبع سنوات وما زلت واحدا من آلاف يترددون على مكتبة الملك فهد الوطنية، كلّما احتجتُ إلى كتاب، أو دراسة، أو معلومات تختص بتاريخ المملكة ماضيا وحاضرا، فأجِدُ من يستجيب لي بكل رحابة صدر وهذه الاستجابة ليست خاصّة وشخصية، بل وجدتها اسلوبا تتخذه المكتبة مع الجميع، ومن اجل الجميع، خدمة للباحثين والدارسين، وتشجيعا للبحث العلمي.
قبل اسبوعين تبينت من خلال مراجعتي للمكتبة، أنّ الصحف السعودية التي صدرت منذ طور صحف المؤسسات الأهلية عام 1383ه، وحتى قبل إنشاء المكتبة عام 1410ه، غير متوافرة.
عُدتُ إلى نظام الإيداع الخاص بمكتبة الملك فهد الوطنية، الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/26 وتاريخ 7 رمضان عام 1412ه، الذي يعدّ حلقة مهمة في استكمال بنية النظام الثقافي في المملكة العربية السعودية، فوجدت أنّ المادة الثانية (ما يسري عليه الإيداع/ الفقرة أ من نظام الإيداع) دعت إلى أن يخضع للإيداع في مكتبة الملك فهد الوطنية من بين عدة اوعية معلومات الصحف السعودية الرسمية، وشبه الرسمية، والأهلية، بحكم أنها عمل فكري تم داخل المملكة العربية السعودية بحيث يتم ايداعها وفقا لنظام الإيداع في يوم صدورها.
ولكي يتم وضع هذه الفقرة موضع التنفيذ بأثر رجعي، فإنني اقترح ان يقوم رؤساء التحرير في الصحف السعودية، بالإيداع في مكتبة الملك فهد الوطنية، نسخة واحدة على الأقل من تلك الصحف، الصادرة وفق نظام المؤسسات الصحفية الأهلية عام 1383ه، وحتى العام الذي سبق إنشاء مكتبة الملك فهد الوطنية (عام 1410ه)، كي تحقّق المكتبة أهدافها المتوخاة من قيامها بحكم أنها مكتبة وطنية معنية بجمع وحفظ وتنظيم كل ما ينشر داخل المجتمع السعودي، من أوعية معلومات باشكالها كافة، وخاصة الصحف والمجلات السعودية، تمسّكا بما دعا إليه نظام الإيداع، والتزاما بالمسؤولية التاريخية والوطنية، فالصحف السعودية جزء من تاريخ المملكة، ومن المستحسن ألا يغيب جزء من هذا التاريخ، عن مكتبة الملك فهد الوطنية.
في المقابل أقترح أن تتولّى المكتبة من جانبها، مخاطبة رؤساء تحرير الصحف السعودية، لاستكمال ما هو غير متوافر لديها من تلك الصحف، انطلاقا من وظيفة المكتبة، وخدمة للباحثين والبحث العلمي، ولا أشكّ أنّ الطرفين المعنيين سيتجاوبان على الفور.
|
|
|
|
|