| محليــات
الوفاة المفاجئة للرئيس السوري حافظ الأسد أول أمس أصابت حلفاءه وخصومه في السياسة الاقليمية والدولية على السواء بصدمة قوية اعترافاً من الجميع بأن غيابه يشكل فقداً لا يعوض خصوصاً في الظروف المحلية والاقليمية والدولية التي تمر بها عملية السلام في الشرق الأوسط، مع حاجة سوريا الشقيقة لحكمته وحنكته ووضوح رؤيته وأهدافه التي يريد تحقيقها لها لتعزيز نهضتها الاقتصادية وتطورها الاجتماعي وازدهارها الحضاري.
ولعل خصومه السياسيين حتى الاسرائيليين منهم هم الأكثر شعوراً بصدمة وفاته لأنه كان دائما خصماً شريفاً يحارب بروح النبلاء، فلا يساوم حليفا أو يغدر خصيماً.
فلقد أعطى الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد سوريا زهرة شبابه وعصارة عبقريته ليحلها أرفع مكانة بين الدول المتقدمة والقوية كما أعطى أمته العربية بسخاء من جهده النشط دفاعاً عن قضاياها المصيرية اذ جسَّد بصموده وصلابته وحنكته عزتها وكرامتها، فلم تلن له قناة بمواجهة أشد وأقسى الضغوط الصهيونية والدولية الأخرى لزحزحته من مواقفه المبدئية في عملية السلام، ثابتاً على مطالب تحرير الأراضي المحتلة كمبرر لأي تفكير في التطبيع مع العدو الذي يحتل الأرض.
اجتاز بسوريا عنق الزجاجة سياسياً واقتصادياً ومعيشياً، فحقق قدراً ملحوظاً من الرفاهية لشعبه، كما حقق بنفس الدرجة من القدر قوة عسكرية ضاربة ورادعة خاض ويخوض بها مفاوضات السلام من منطلق قوة وليس من موقع ضعف، الأمر الذي جعل اسرائيل لا تعرف كيف تخدعه أو تبتزه أو تساومه على حق من حقوق سوريا ولبنان والفلسطينيين خصوصاً وبقية العرب عموماً.
وتقديراً لكل هذا الرصيد من العطاء والمجد الذي خلفه كإرث لوطنه وأمته، جاءت مبادرة المملكة كما عبر عنها بيان الديوان الملكي أمس باعلان الوقوف قيادة وحكومة وشعباً الى جانب الشعب السوري الشقيق، ومَن يختاره الشعب السوري خلفاً لرئيسه الراحل لمواصلة العمل لخدمة بلاده وأمته العربية.
وبهذا الموقف تتجاوز المملكة حد المواساة في المصاب الجلل، الى حد المشاركة العملية لقيادة وحكومة وشعب سوريا الشقيقة في مواجهة تحديات ما بعد حافظ الأسد رحمه الله .
وإنا لله وإنا إليه راجعون (صدق الله العظيم).
|
|
|
|
|