| مقـالات
كنت قد نشرت ثلاث حلقات في صحيفة الجزيرة الغراء بعنوان قراءة في كتاب عبر الجزيرة العربية على ظهر جمل, وهذا الكتاب ترجمة قام بها الأستاذ منصور الخريجي لكتاب الرحالة الدانمركي باركلي رونكيير الذي زار اجزاء غير واسعة من الجزيرة العربية عام 1912م, وقد بدأ رحلته من البصرة فالزبير، فالكويت, ثم سار جنوبا بغرب حتى بريدة حيث عاد من هناك عبر اقليم سدير، فالرياض، الى أن وصل الى العقير على الساحل الشرقي لجزيرة العرب, وبينت في تلك القراءة ما رأيته في الترجمة المذكورة؛ مشيرا بصفة خاصة الى بعض الأخطاء الواردة في تسمية عدد من الأماكن والأخطاء اللغوية غير القليلة التي كان من المستحسن تلافيها، وملمحا الى بعض الأمور التي كان يجدر بالمترجم الكريم أن يعلق عليها لوضوح خطورتها وبعدها عن الحقيقة, واختتمت تلك الحلقات بقولي:ان أملي كبير في أن يكون ما كتبته مفيدا للقارىء الكريم، وأملي أكبر في أن يستمر عطاء أستاذي الفاضل، منصور الخريجي، حاضرا؛ وبخاصة أنه مؤهل لتقديم ما هو جيد ومفيد .
ولقد علق الأستاذ منصور الخريجي على ما كتبته في تلك الحلقات، ونشر تعليقه في الجزيرة يوم الاثنين الخامس والعشرين من صفر عام 1421ه, وهأنذا أدون هذا التعقيب على تعليقه استمراراً لكتابة ما قد يكون مفيدا للقارىء الكريم.
1 كنت قد كتبت في الحلقة الأولى من قراءتي لكتاب الأستاذ منصور ما يأتي:
لقد سعدت بمعرفة الأستاذ الأديب منصور بن محمد الخريجي أول مرة عند ما درسني اللغة الانجليزية مع زملائي من طلاب السنة الأولى في كلية الآداب بجامعة الملك سعود؛ وذلك حين كان معيدا في تلك الكلية, وكان نعم الرجل؛ خلقا ومعرفة, ثم ازدادت روابط أخوتي وتقديري ومحبتي له مع مرور الأيام, وكنت ممن سعد بقراءة كتابه اللطيف ما لم تقله الوظيفة الذي جاء ممتعا جميل الأسلوب والسرد .
ويعلم الله أني لم أكتب الكلام السابق إلا اظهارا لفضله واعترافا بجميله, ولكني فوجئت بأنه رأى كتابتي عن كتابه وكأنها محاولة جاهدة لاظهار تفوقي عليه, وبقدر احترامي له فإني آسف لفهمه لكتابتي الفهم الذي عبر عنه.
2 قال الأستاذ منصور في تعليقه أنه غيّر عنوان كتاب رونكيير من عبر الأراضي الوهابية على ظهر جمل الى عبر الجزيرة العربية على ظهر جمل بعد أن لم يجد اعتراضا ممن استشارهم وفي مقدمتهم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز, ولقد ذكر هو نفسه في تعليقه:ان الأهم في الترجمة هو دقتها أو عدم دقتها ، كما قال:إن على من يتصدى للترجمة أن ينقل ما يترجمه بأمانة , وما دام هذا هو رأيه كما دونه في تعليقه فإني لم أطلب منه إلا تحقيق ما يراه: دقة الترجمة والأمانة في نقل ما ترجم, ولا أظن أحدا يتفق مع الأستاذ منصور بأن تغيير عنوان كتاب رونكيير من عبر الأراضي الوهابية على ظهر جمل الى عبر الجزيرة العربية على ظهر جمل يتفق وما قال في تعليقه إنه يراه، وما طلبته منه في قراءتي لكتابه.
ثم قال الأستاذ منصور:
إنما أن أجعل عنوان الكتاب عبر الأراضي السعودية على ظهر جمل كما اقترح الدكتور عبدالله فهذا غير ممكن لأن اسم المملكة العربية السعودية لم يكن قد استخدم في ذلك الوقت؛ وهو عام 1912م .
ومن يرجع الى ما قلته في قراءتي للكتاب المتحدث عنه يجد أني كتبت:
إن الأستاذ الكريم الخريجي لم يوفق في نظري في تغييره عنوان الكتاب الى ما غيّره إليه, فالكتاب يتحدث عن رحلة اقتصرت على جزء غير واسع من جزيرة العرب؛ وهو جزء من أراضي نجد الواقعة حينذاك تحت حكم الملك عبدالعزيز، رحمه الله، وجزء قليل من شرقي الجزيرة العربية كان تحت حكم العثمانيين, ولذلك فإن تغيير العنوان من عبر الأراضي الوهابية على ظهر بعير الى عبر الجزيرة العربية على ظهر جمل لا يبدو مقنعا, واذا كان هناك من يجدون حرجا في استعمال كلمة الوهابية ولست من هؤلاء؛ بل أرى الانتساب الى الدعوة التي نادى بها المصلح العظيم محمد بن عبدالوهاب، رحمه الله، انتسابا مشرفا فقد كان في امكان الأستاذ منصور أن يجعل العنوان عبر الأراضي السعودية على ظهر بعير, ذلك أن بعض المؤلفين يطلقون، أحيانا، وصف الوهابيين على السعوديين؛ اضافة الى أن رونكيير قصد الارض التي يحكمها ابن سعود,, .
ولقد علل الأستاذ منصور عدم امكانية استعمال كلمة السعودية في العنوان المذكور بقوله:ان اسم المملكة العربية السعودية لم يكن قد استخدم في ذلك الوقت؛ وهو عام 1912م وهذا القول، أو التعليل، غريب أن يصدر من رجل في منزلة الأستاذ منصور؛ علما وأدبا وفهما, ذلك أني لم اقل: عبر أراضي المملكة العربية السعودية حتى يكون لقوله، أو تعليله، أي وجه من الصحة, بل قلت:الأراضي السعودية ولا أظن أن الفرق بين التعبيرين يخفى على الأستاذ منصور أو على القارىء الكريم.
لقد أقامت أسرة آل سعود دولة انطلقت من الدرعية لتشمل مناطق واسعة من جزيرة العرب, وسميت تلك الدولة لدى كثير من الكتاب الدولة السعودية الأولى, ثم قضي على تلك الدولة، ولكن الامام تركي بن عبدالله، رحمه الله، أعاد الحكم السعودي بدولة سميت الدولة السعودية الثانية, والدولتان قبل اتخاذ البلاد اسم المملكة العربية السعودية؛ بل قبل بداية حكم الملك عبدالعزيز، رحمه الله، فهل يقال لماذا وصفت كل من الدولتين بالسعودية؟.
وعنوان رسالة أستاذي سابقا، وزميلي لاحقا، الدكتور محمد الشعفي: الدولة السعودية الأولى,, وقد نال بها الدكتوراه من جامعة ليدز, ورسالة صلاح العقاد التي نال بها الدكتوراه من جامعة باريس عنوانها الدولة السعودية الأولى, وعنوان رسالة بيلي وايندر، التي نال بها الدكتوراه من جامعة بيركلي، العربية السعودية في القرن التاسع عشر, وعنوان أحد كتب فيلبي Saudi Arbia وهو عن البلاد السعودية من قيام الدولة السعودية الأولى الى نهاية حكم الملك عبدالعزيز, أبعد كل ما سبق يبقى أي وجه من الصحة لقول الأستاذ منصور بأن وصف الأراضي التابعة للملك عبدالعزيز بالأراضي السعودية قبل اتخاذ البلاد اسم المملكة العربية السعودية وصف غير ممكن؟
|
|
|
|
|