| عزيزتـي الجزيرة
رحم الله الشاعر العربي القائل:
الموت نقاد على كفه جواهر يختار منها الجياد |
ففقد جياد القوم وخيارهم لا شك انه رزية كبيرة ومصاب جلل وقد صوّره احد شعراء العرب بقوله:
لعمرك ما الرزية فقد مال ولاشاة تموت ولا بعير ولكن الرزية فقد رجل يموت لأجله ناس كثير |
ففي ليلة الجمعة الثاني والعشرين من شهر صفر المنصرم فقدت قبيلة الاحامدة خاصة وقبيلة حرب عامة احد اعمدتها ورجالاتها الافذاذ انه الشيخ محمد سعيد بن قاسي بن قابل الاحمدي احد اعيان قبيلة الاحامدة حرب ومن الاشخاص المشهود لهم باصلاح ذات البين بين الناس لما كان يتحلى به رحمه الله من عقل راجح وبعد نظر وحكمة وفطنة وحنكة وكياسة ومعرفة تامة بعادات وقوانين وأعراف القبائل علاوة على ان نشأته منذ نعومة اظفاره بالقرب من مجلس ابيه واعماله الذين كان لهم شأن كبير في الاصلاح بين الناس وحل مشكلاتهم.
كما يعد الشيخ ابن قابل رحمه الله من الشعراء البارزين في مجال الشعر الشعبي ومن رواة القصص والشعر لما كان يتميز به - رحمه الله - من فطنة نادرة وذاكرة قوية وقّادة، وللشيخ ابن قابل مكانة كبيرة لدى شيوخ القبائل واعيانها فكثيرا ما يقوم عامة الناس بعرض ما يواجههم من مشكلات عليه، حيث يجدون الحلول المناسبة لها مهما استعصت القضية او المشكلة، مما اكسب الشيخ ابن قابل سمعة حسنة عند الناس علاوة على ما كان يتحلى به من دماثة خلق وتواضع جم مع الجميع وفتح قلبه ومجلسه لهموم ومشاكل الناس، فمنزله العامر بمكة لا يخلو من تواجد الناس بمختلف طبقاتهم ومستوياتهم منهم من جاء لعرض مشكلة تؤرقه ومنهم من قصد الاستفادة مما يدور في هذا المجلس العامر من احاديث شيقة تتعلق بالموروث الشعبي العريق من اشعار وأخبار وروايات الاقدمين,, وقد تقلّد الشيخ ابن قابل - رحمه الله - عدة مناصب في جهات حكومية مختلفة بدأها بمصلحة الطرق ثم وزارة الصحة ثم وزارة الداخلية ممثلة في امارة منطقة مكة المكرمة وكان - رحمه الله - محل تقدير وثقة المسؤولين في هذه الجهات التي عمل بها، ففي امارة منطقة مكة المكرمة كانت تسند اليه مهام رئاسة وعضوية لجان فض المنازعات بين القبائل في القرى والهجر المرتبطة بامارة المنطقة بهدف الاستفادة من خبرته في حل المشاكل القبلية وبعد نظره وحكمته وفراسته واستمر في العمل في الامارة حتى احيل الى التقاعد نظاميا، ثم تفرغ - رحمه الله - لاستقبال اصدقائه ومحبيه بمزرعته الكائنة بشارع الجزائر وادي العشر، كما عكف على مواصلة عشقه في القراءة والاطلاع على كتب الادب والتاريخ، فقد كان ولوعا ومحبا للشعر العربي وكثيرا ما كان يستشهد في احاديثه بعيون الشعر العربي الفصيح,, وبفقد الشيخ ابن قابل خسرت قبيلة الاحامدة احد ابرز رجالاتها ولكن عزاءنا الوحيد ان ذكراه الحسنة والعطرة ستظل في قلوب محبيه وعارفيه حتى يرث الله هذه الارض ومن عليها ولعل تلك الجموع الكبيرة التي اتت من كل انحاء المملكة طوال ايام العزاء الثلاثة وحتى بعد انتهائها لتقديم واجب التعازي والمواساة لذوي الفقيد وأسرته لهي خير دليل على مدى المكانة الكبيرة التي كان يحتلها الفقيد رحمه الله في قلوب الجميع، فالناس شهداء الله في أرضه كما جاء في الاثر,.
بقي لنا ان نقدم الشكر والتقدير للخال العزيز الاديب النابه الاستاذ/ عبدالرحيم بن مطلق الاحمدي على ما قام به من جهود موفقة في جمع شعر الفقيد ومروياته من الاشعار والقصص في كتابين قيمين صدرا قبل سنوات، الكتاب الاول جاء تحت عنوان (من شعر ابن قابل) والكتاب الثاني بعنوان (من مرويات ابن قابل).
فجزاه الله خير الجزاء على هذا الجهد الكبير الموفق في جمع هذا الموروث الشعبي العريق وتوثيقه وعرضه امام محبيه وعشاقه على مدى الايام والسنين وتعاقب الاجيال.
كما ان الامل كبير في ابناء العم الاعزاء الاساتذة: سعد ومطلق وسعود ومساعد ابناء الفقيد - رحمه الله - في جمع ما لدى الفقيد من موروثات اخرى من اشعار وروايات وإعدادها وتجهيزها للطبع, ولا شك انهم فاعلون لذلك ان لم يكونوا قد بدأوا فعلا في هذه المهمة, لما عرف عنهم من نبل وكرم ووفاء لوالدهم ووالد الجميع، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وانزل عليه شآبيب رحمته وغفرانه.
أحمد محمد سالم الأحمدي مكة المكرمة
|
|
|
|
|