أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 11th June,2000العدد:10118الطبعةالاولـيالأحد 9 ,ربيع الاول 1421

الاخيــرة

حافة الهاوية
د, فهد العرابي الحارثي
عليه أن يختار بين الطاعون والكوليرا والجذام .
هكذا وصفت إحدى الصحف الاسرائيلية الأزمة السياسية التي يعيشها هذه الأيام ايهود باراك رئيس الوزراء الاسرائيلي، فالخيارات المطروحة أمامه كلها خيارات مُرّة وهي: إما حلّ الكنيست وتقديم موعد الانتخابات، أو حكومة أقلية وهو أسلوب لم يأخذ به باراك منذ أن تولى السلطة، أو تعديل وزاري مع الحفاظ على الائتلاف نفسه وهذا قد يساعد في إعطاء الفرصة لتعميق الخلاف معه داخل الاحزاب التي ناوأته وصوتت بحل الكنيست وتقديم موعد الانتخابات.
والمثير في هذا الذي يحدث في اسرائيل، أحد أطراف عملية السلام، هو انه لا يحدث مثله لدى اطراف عملية السلام الأخرى, ففي الوقت الذي تشتد فيه الرقابة والمحاسبة لتحركات باراك في المفاوضات والمناورات لا نحس بحدوث شيء من هذا في منازل الأطراف العربية، فتلك الأطراف تفاوض وحدها، وتناور وحدها، وتقدم أفظع التنازلات وحدها, وهذا هو الفرق بين الممارسات الديمقراطية الحقيقية وبين الممارسات الأخرى المزيفة، بغض النظر عن الأصوات الفردية التي قد نسمعها أو نقرأها في بعض وسائل الإعلام إما تناقش أو ترفض أو تحتج.
إن المسائل المختلف عليها الآن في التسوية السلمية هي مسائل أساسية بكل المقاييس: القدس، عودة اللاجئين والنازحين، المستوطنات داخل الأراضي الآيلة الى الفلسطينيين، وجود الجيوش في غرب نهر الأردن.
وإذا أخذنا فوز باراك في الانتخابات الماضية على أنه كان بمثابة استفتاء شعبي على خروج اسرائيل من جنوب لبنان، فلا بد ان نأخذ، على القياس، الأزمة السياسية الحالية في إسرائيل على أنها استفتاء أيضاً على التطورات الراهنة في عملية السلام ولا سيما ما يتعلق منها هنا بالمسار الفلسطيني، فالاسرائيليون الذين أوصلوا باراك الى السلطة وهو يؤكد في برنامجه الانتخابي ضرورة خروج اسرائيل من جنوب لبنان هم الاسرائيليون أنفسهم الذين يهددون الآن مستقبله في الحكم إذا ما اقدم على أي تنازلات حول المسائل موضع الخلاف التي ذكرناها أعلاه, وهذا كله يفضي الى نتيجة واحدة واضحة هي أن الطريق مازالت شديدة الوعورة أمام أي تسوية ترمي الى الحق والعدل وتستند الى المرجعيات الأساسية في المفاوضات التي بني عليها لقاء مدريد عام 1991م وماجاء بعد ذلك من لقاءات في أوسلو وغيرها، وأهم تلك المرجعيات القراران 242 و338 وقاعدة الأرض مقابل السلام التي تفترض خروج اسرائيل من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967م.
وسائل الإعلام تتحدث عن بعض الأفكار التي يمكن أن يطرحها ياسر عرفات على الإدارة الأمريكية، ومنها: أن إسرائيل اذا كانت مصرّة على الاحتفاظ بالمستوطنات فعليها أن تعوض الفلسطينيين بأراض أخرى مقابلها في داخل اسرائيل، ولكن هذا الأمر يبدو لدى العديد من المراقبين غير ممكن، لأنه ليس بإمكان باراك أو أي حكومة اسرائيلية أخرى أن تتنازل عن شبر واحد من الأراضي المسماة بالأراضي الاسرائيلية، والادارة الامريكية بالتالي لن تتوقف طويلاً عند هذه النقطة.
عرفات نفسه أعلن في أكثر من مناسبة أنه سينادي بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة في سبتمبر القادم ليحرج الاسرائيليين ويضعهم أمام الأمر الواقع، وليوفي ببعض التزاماته المهمة تجاه الشعب الفلسطيني الذي ملّ المماطلة والتسويف، ولكن قيل لعرفات إنه بعمل كهذا سيدفع إسرائيل إلى الاحتفاظ بالمرحلة سي من الأراضي الفلسطينية التي ما زالت تحت السيطرة الاسرائيلية، وهي لن تناقش معه أي شيء يتعلق بالقدس أو بالمستوطنات أو بأوضاع اللاجئين والنازحين, وسيكون موقف الادارة الامريكية، من جهتها، سلبياً من كل ه ذه الأمور, وبهذا فالنتيجة ستكون دولة فلسطينية ناقصة من جهة، ومن جهة أخرى عاجزة عن حلِّ مسائل أساسية في مستقبل فلسطين الجديدة وأهلها الذين في الداخل والذين في الخارج, والآن,, هل يمكن أن يحدث شيء ذو أهمية خلال الشهور الستة القادمة المتبقية من عمر الإدارة الأمريكية الحالية؟
المعطيات المتوالية في شأن عملية السلام لا توحي كلها بأي شيء من ذلك، ابتداءً من الاستفتاء، غير المباشر الذي يجرى حالياً في إسرائيل حول تطورات المفاوضات (أزمة الحكومة) وانتهاءً بالخيارات الصعبة جداً التي يعتقد عرفات أنها الخيارات المتاحة الوحيدة أمامه الآن.
السوريون ما زالوا في منجى من الاستدراجات أو الغوايات الاسرائيلية، فأمرهم واضح جداً، ولكن هل ما زال هناك إمكانية للحديث عن تفويت لفرص سلام حقيقية مع إسرائيل؟ أعتقد أن السوريين هنا يكسبون! الأرض مقابل السلام بدا في مدريد أمراً واضحاً وسهلاً,, ولم يكن المهرولون يظنون أن إسرائيل تستطيع أن تجعله مع الأيام أمراً بالغ التعقيد، بل مستحيل التنفيذ!

أعلـىالصفحةرجوع












[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved