أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 11th June,2000العدد:10118الطبعةالاولـيالأحد 9 ,ربيع الاول 1421

الاقتصادية

إنسان وقانون
للموظف أم للوظيفة؟
محمد الدويِّش
يلزم مجلس الخدمة المدنية الموظف الذي يُرقى على وظيفة أن يمارسها في موقعها فإذا ما ترقى الموظف في جدة على وظيفة في الرياض فإن عليه أن يهجر أهله وبيته وجيرانه ويشد الرحال إلى حيث توجد الوظيفة فإن فعل ذلك فإنه لن ينشغل بشيء آخر مثل انشغاله بتدبير العودة إلى البيت والأهل والجيران في أقرب وقت ممكن أو على الأقل تدبير كيف تمر السنة التي يحق له بعدها ان يتحلل من هذا الإلزام, والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا سنة لا اقل ولا اكثر؟؟.
هل المقصود اختيار تكيف الموظف خلال سنة فهناك احتمال أن يرغب بالبقاء طالما أمضى سنة؟
انني لا أجد تفسيرا آخر فالموظف يقبل الترقية في موقع آخر لعدم وجود خيار آخر قائلا: لتأت الترقية ثم يحلها الحلال وهذا يعني انه لا ينوي التكيف وانما سوف لن يترك بابا الا وطرقه من اجل العودة الى اهله وبيته وجيرانه ومدارس اولاده,.
انه خيار صعب فإما ان يترقى وتنقلب حياته رأسا على عقب وإما أن يبقى في مكانه يراوح على مرتبة لا يتعداها.
والآن لنرحل مع الموظف حيث رحل ونرى كيف يقضي السنة؟,, انه لا يسجل انتاجا يذكر وانما يعد الايام والليالي ويسامر النجوم,.
يقول لزملائه في الصباح: يا لها من سنة طويلة كئيبة,.
ويهاتف أم عياله في المساء قائلا: يا بنت الحلال كلها كم شهر وربنا يفرجها,.
انه ينتظر العودة على احر من الجمر وفي الغالب فإنه يستأذن يوم الاربعاء واحيانا يوم السبت وقد يتمتع باجازة طويلة خلال السنة.
انه يحاول بشتى الوسائل أن يطوي هذه السنة بسرعة لكي يعود الى اهله,.
وكما نلاحظ فإن المتضرر الاكبر هو العمل فمثل هذا الموظف يسبب الصداع للإدارة ويربك العمل واذا ما كانت الترقية على وظيفة قيادية فإن الموظف قد لا يمكن من ممارستها لعدم وجود الخبرة لديه,.
تخيلوا موظفاً طوال عمره مرؤسا ولم يعمل رئيسا او مساعدا وتتم ترقيته على وظيفة مدير إدارة وبعد ان يبلغ بالقرار يذهب ليستلم العمل فيجد مدير الإدارة على الكرسي فيطلب منه ان ينهض ليجلس مكانه حسب قرار الترقية ولكن المسؤولين عن الجهاز يرفضون ومعهم حق فكيف يرأس الإدارة موظف ليس لديه ادنى خبرة قيادية,, كيف يتحول المرؤوس الى رئيس بين عشية وضحاها.
ان هذه الصورة التي قد تحدث سنويا في اكثر من جهاز حكومي تؤكد ان الهدف هو الترقية فقط وانها اي الترقية للموظف وليست للوظيفة.
ومادام الأمر كذلك لماذا هذا الالزام؟,.
وهناك ضرر آخر من جراء انتقال الموظف خلف الوظيفة ففي الغالب يترك هذه الموظف وظيفته السابقة شاغرة لأن بقاءه فيها فترة طويلة حال دون تجهيز البديل الامر الذي يحدث خللا في الإدارة لاسيما اذا كانت تلك الوظيفة تقدم خدمة مباشرة للمراجعين.
قمة المأساة في هذا الموضوع ان يُحرم موظف من الترقية سنوات وسنوات لمجرد انه لا يرغب بالانتقال من المدينة التي يعمل فيها وانا اعرف بعض الموظفين الذين افنوا زهرة شبابهم اخلاصا للوظيفة وكانت مكافأتهم التجميد على مرتبة واحدة طول عمرهم الوظيفي لأنهم رفضوا الانتقال,.
هؤلاء لماذا لا تتم ترقيتهم وهم في مواقعهم؟,.
ان الترقية للموظف وليست للوظيفة وبالتالي فإن بقاء بعض الموظفين دون ترقية لأنهم لا يرغبون الانتقال خلف الوظائف في الرياض او غيرها من المدن الكبيرة يُعتبر من وجهة نظري خللا نظاميا واضحا وقصورا قانونيا سافرا لأنه لا يقوم على المساواة ولا يهتم بالكفاءة.

أعلـىالصفحةرجوع












[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved