أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 10th June,2000العدد:10117الطبعةالاولـيالسبت 8 ,ربيع الاول 1421

مقـالات

كل سبت
حياتنا بين المادة والمبادىء
عبدالله الصالح الرشيد
قد يكون للإنسان أسلوبه الخاص وطريقة تعامله في الحياة وهذا الأسلوب قد لا يلائم كل فرد يتصل به الانسان بل يلائم قسما من الناس ممن تتواجد لديهم القابلية لهضم هذا الأسلوب والتكيُّف مع صاحبه والتشابه معه بالرؤى,, ومن هذه الناحية ووفقا لهذه الطبيعة تجد المرء يندمج في المجتمع بالمجموعة التي تتناسب معه وتتلاءم مع طبيعته وتفكيره حيث انه شخصيا يجد الدافع الكبير في انضمامه اليها, كما انه في نفس الوقت يجد الضيق والنفور والقلق عندما يحاول ان يتكيف مع اناس يغايرون طبيعته حتى ولو حاول التصنع والمجاملة لأن ذلك سيكون على سبيل أعصابه, ولكن في وقتنا الحاضر وقت المادة والجشع وقت الأنانية والنكران يجد انساننا المعاصر نفسه مندهشا وحائرا حتى في التكيف مع الناس الذين يلائمون طبيعته ويتناسبون مع مستواه لأن الروابط ضعفت وتلاشت أمام مغريات المادة والبحث عنها وتناسي أقل واجبات العشرة والصداقة في سبيلها, أي عندما تكون على حسابها, ورغم انتشار العلم ووسائله ومصادره وأعني بها المدارس والجامعات ودور النشر والصحافة والاذاعة والتلفزيون فان المادة تبقى مسيِّرة ومسيطرة مع الأسف, ولها نفوذ في التحكم بالمجتمع عامة مما جعل المدركين يطلقون على عصرنا الحاضر عصر المادة,, ولكن لو أن وسائل العلم والحضارة استغلت للأهداف الانسانية التي تنمي بالمجتمع الحب والتسامح والصفاء كما ينادي بها ويحث عليها ديننا الحنيف وتغرس وتبث بين طبقاته المبادىء الخيرة كالتعاون والتكاتف والتآزر والمحبة وتناسي الأحقاد انها لو استغلت لهذه الأعمال الانسانية العظيمة لعاش بنو البشر في دعة ورخاء وطمأنينة ولعاش الناس حياتهم كأحسن ما يكون العيش, ولكن هذه الوسائل لم تستغل الا من أجل تنمية النواحي المادية وتطويرها, وهي هنا، لو تحققت بجانبها الأهداف السامية التي أشرنا اليها لحقق المجتمع البشري بوجودها ما ينشده من تقدم وسعادة وتعايش سلمي بناء,, ما أجمل السعادة المادية والمبادىء الانسانية اذا اجتمعت,, وما ذلك على الله بعزيز.
وعاشروهن بالمعروف
لا شك ولا جدال بأن من أهم الأسباب الرئيسية لحالات الطلاق والمشاكسات والمشاكل الزوجية المستفحلة والمعقدة هو ضيق أحد الطرفين بالمناقشة الموضوعية والحوار الهادف الهادىء للمسائل ذات العلاقة بينهما والحدة كما يقال تدفع الى الشدة وتؤدي الى أبغض الحلال عند الله,, ولكن لو سارت الحياة الزوجية بنقاش بناء يعمره الهدوء وتظلل السكينة لألفنا هذا الاسلوب الهادف البناء بعيدا عن التشنج والاصرار على فرض الرأي مقتدين في ذلك بسلفنا الصالح وسيرتهم العطرة في تبادل الرأي والاحتكام الى العقل وفق تعاليم ديننا الحنيف وشريعتنا الغراء والمتمثلة بدستورنا الخالد القرآن الكريم وسنة نبينا عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم,, وكمثال على ذلك ودليل على صدق ما أشرنا اليه آتى بنبذة عما قرأته في احد كتب السيرة فقد كانت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها تراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمور شتى ويعلو صوتها أحيانا بينما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يتمثل في معاملته لزوجاته قوله تعالى: وعاشروهن بالمعروف بل كان هناك من الأحداث التي حدثت اثناء وجود والدها ابي بكر رضى الله عنه اذ جرى بين عائشة ورسول الله صلى الله عليه وسلم كلام واحتكم رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ابي بكر وبعد ذلك قال الرسول لعائشة: اتتكلمين أم أتكلم أنا؟ فقالت بل تكلم أنت ولا تقل الا حقا فلطمها ابو بكر حتى دمي فوها وقال يا عدوة نفسها: أو يقول غير الحق؟ فاستجارت برسول الله صلى الله عليه وسلم وجلست خلف ظهره فقال النبي صلى الله عليه وسلم لم ندعك لهذا، ولا أردنا منك هذا ومن هنا يتضح من هذه القصة ان الاختلاف في الرأي من الامور الواردة ويجري مثله بين سيد البشرية وبين زوجته أم المؤمنين فما بالك بسائر البشر وفي قرون متأخرة عن عصر النبوة,, لذا فاننا نناشد أبناء الأمة المسلمة الواحدة وفي مقدمتهم أبناء مجتمعنا التروي والالتزام بأدب الحوار وعدم الاستبداد بالرأي والاحتكام الى العقل والى أهل المشورة والرأي في الاختلافات الطارئة والرضا والتسليم متى اتضحت الحقيقة والعود الى الحق فضيلة والبعد عن التشنج والعناد والحمق بحيث لا يؤدي الى هدم الأسرة التي تمثل الأم ركنا هاما وحيويا في قوامها واستقامتها وديمومتها وسعادتها, والله الهادي الى سواء السبيل.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved