| عزيزتـي الجزيرة
تشرق الشمس فتملأ الكون بأشعتها البيضاء، لتبدّد الظلام، وتبشر بمولود جديد, ومع إشراقها ينتشر الضياء، ويتدافع الناس للحياة والعمل, ويغرينا الصباح بالمسير فيزداد تعلقنا بالحياة, وعند الغروب تساق الرحال، ونفارق الأحبّة, فإذا أقبل الليل أرخى علينا سدوله؛ فنتذكر أولئك الصادقين الذين رحلوا عنا؛ ليهنؤوا بحياة جديدة، ليس فيها تباغض ولا تحاقد، تجمعهم قلوب طهرت من الغل.
عندما يموت الصادقون تبدأ حياة جديدة، فيصعدون إلى السماء تجمعهم قلوب بيضاء، لم يلطخها سواد الحقد والبغضاء, فنحزن لفقدهم, وربما ابتلينا من بعدهم بأقوام تحمل صدورهم الأوغار، وتنطق ألسنتهم بالبغضاء.
إذا رحل عنّا الأحبة بقيت ذكرياتهم، نراها في كل عين باكية، وفي كل ابتسامة مشرقة، وفي كل ضحكة صادقة خرجت من القلب، لتحطم الهموم، وتبدد الأحزان، وتسخر من مصاعب الحياة وأعبائها الثقيلة.
وإذا ماتوا بقيت سيرهم حيّة تعلمنا الصدق، والبراءة من الحقد والحسد.
لم يمت من عاش معنا بقلب طاهر، لم يمت الأوفياء المخلصون، الذين أخلصوا في حبهم، ولم يعرفوا الزيف، وصداقة البيع والشراء, بل سبقونا إلى حياة سرمدية، ونحن بهم لاحقون.
فهلا عشنا كما عاش الصادقون وأحببنا لإخواننا ما نحب لأنفسنا, وطهرنا ألسنتنا من بذاءات التنابز والسباب, لعلنا نلتقي بهم لقاء ليس بعده فراق، ليس بعده حزن ولا بكاء.
عبدالعزيز بن سلطان الحسين الرياض
|
|
|
|
|