أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 8th June,2000العدد:10113الطبعةالاولـيالخميس 6 ,ربيع الاول 1421

تحقيق

الرحلة إلى حقل الطيور السوداء,, كوسوفا بولي
*حلقات يكتبها:
حماد بن حامد السالمي
مبعوث الجزيرة إلى كوسوفا
الجزء الأول
< الزمان,.
< الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الثلاثاء.
***
< طائرة الخطوط السعودية تقلع من مطار القاعدة الجوية بالرياض متجهة إلى الشمال فالغرب,, إلى شبه جزيرة البلقان في شرق أوروبا,, وتحديداً إلى إقليم كوسوفا.
< الطائرة تحمل وفداً سعودياً كبيراً من أكثر من خمسين شخصاً يمثلون جمعيات خيرية وجهات إغاثية وصحفا وتلفزة وإذاعة ووكالة أنباء ويقود هذا الوفد الذي يحمل رسالة إنسانية سامية من وسط الجزيرة العربية,, من المملكة العربية السعودية إلى شتى أنحاء العالم,, يقوده وزير يمثل خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين هو معالي الدكتور علي بن إبراهيم النملة وزير العمل والشئون الاجتماعية الذي ينهض إلى جانب مسئولياته الجسيمة في وزارته بمهام إنسانية خيرية انطلاقاً من بلاده العظيمة حكومة وشعباً، حيث تمتد بعطائها إلى المحتاجين والمنكوبين من المسلمين وغير المسلمين في شتى بقاع العالم.



في أثينا
< محطتنا الأولى كانت العاصمة اليونانية أثينا وذلك بعد حوالي ساعتين ونصف من إقلاعنا من الرياض.
< هبطنا في مطار العاصمة اليونانية ومكثنا قرابة ساعة أدينا خلالها صلاتي الظهر والعصر جمع قصر في جماعة, ثم واصلنا رحلتنا الجوية.
< شاهدت الأرض اليونانية من نافذة الطائرة بعد غيبة عنها دامت قرابة عشرين عاماً فلم أعرفها, لقد بدت أرضها جافة وأشجارها تنفض عنها أوراقها من الجفاف الذي يعم بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط والأقاليم المدارية الشمالية بوجه عام.
< قلت لجاري في المقعد: يا إلهي: أهذه هي اليونان التي كانت جنة خضراء تزينها الأنهار والشلالات؟!
فوق يوجوسلافيا,, التي كانت
< في الجو أخذنا في الاتجاه شمال غرب فوق الجزء الغربي من اليونان وبحر الادرياتيك بين اليونان وإيطاليا, بعد بعض الوقت أصبحنا فوق أراضي الجمهوريات الست التي شكلت بمقتضى دستور عام 1946م جمهورية يوجوسلافيا الفيدرالية الاشتراكية وهي: (صربيا كرواتيا سلوفينيا البوسنة والهرسك مقدونيا الجبل الأسود), والتي اشتهرت فيما بعد باسم رئيسها (تيتو) يوسيب بروز الذي ولد في كرواتيا سنة 1892م وكان ابن حداد فقير اعتنق الشيوعية ايام شبابه, ولكنه حارب في الجيش النمساوي ضد روسيا في الحرب العالمية الثانية, حيث أسره الروس، ولكنه بعد الحرب العالمية الثانية أصبح سيد يوجوسلافيا الوحيد, وتمتع بتأييد روسيا وانجلترا والولايات المتحدة, ولما اشتد ضغط روسيا عليه انقلب ضدها فانضم فترة قصيرة إلى صفوف دول غرب أوروبا الديمقراطية, ولكنه نشط في التأميم ورسم سياسة اقتصادية على نمط روسيا الشيوعية, زار الجمهورية المتحدة (مصر) والتقى مع جمال عبدالناصر في أكثر من هدف ومنها تكوين جبهة مؤيدة لسياسة الحياد الإيجابي نتج عنها كتلة عدم الانحياز وهي صيغة سياسية لمجابهة المعسكرين الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيني والغربي بقيادة الولايات المتحدة, وقد ناصر هذا التوجه الرئيس أحمد سوكارنو أول رئيس لجمهورية اندونيسيا حيث استضافت بلاده في مدينة (باندونج) أول مؤتمر لدول عدم الانحياز عام 1955م,, وقاد الثلاثة جمال عبدالناصر وتيتو وسوكارنو هذه الكتلة التي لم تدم طويلاً فانهارت مع بداية السبعينيات الميلادية, ثم انهارت بعدها القوة الثانية المتمثلة في المعسكر الشرقي.
الجنة الخضراء
< ما إن تجاوزنا الأراضي اليونانية فأصبحنا فوق الأراضي الألبانية ثم الكوسوفية بعد ذلك حتى بدت الأرض من تحتنا بساطا أخضر غاية في الجمال,, هذه الخضرة العامة تتخللها أنهار جارية وشلالات من قمم المرتفعات بعد أن ذابت الثلوج مع شمس مايو/ ايار التي بدت حارة حتى في البلدان الباردة.
< عندما اقتربنا من مطار كوسوفا الذي يقوم في طرف عاصمتها برشتينا من الغرب بدت آثار الحرب واضحة,, من خلال القرى المهدمة والغابات المحروقة.
< لقد شدني مشهد طبيعة الأرض من الجو, فأنت تسرح ببصرك في غابات متشابكة لا تكاد ترى أثراً لغير ذلك, وعندما تتذكر الحرب الطاحنة التي دارت رحاها على هذا البساط الإلهي الأخضر وهذه الجنة اليانعة في الأرض لا تملك إلا ان تردد ما قلت لجاري أليس حراماً أن ينتهك الإنسان هذا الجمال الذي جعله الله في الارض وسخره له,,؟!
< ولكن الشاعر العربي مسعود سماحة سبقنا في استنكار الحرب وأرجع أسبابها الى القادة الذين يدفعون بالجيوش للقتل والتدمير من أجل أطماعهم ومطامعهم، ولو تركوا الخيار لجنودهم لاختاروا حرث الأرض وزراعتها وسقيها واستثمارها كما اراد الله سبحانه وتعالى:
ولا تلم الجندي يشحذ سيفه
ولم قادة قد سلحوا الجند أولاً
فلو خُيِّر الجندي لاستثمر الثرى
وصاغ من السيف اليماني منجلا
روسيا في المطار,,!
< عندما هبطنا مطار العاصمة برشتينا لم نجد مطاراً بمعنى الكلمة, يوجد مهابط طائرات ومبنى صغير مكون من غرف متجاورة, ليس هناك في كوسوفا ملاحة جوية كما هو متعارف عليه في كافة أنحاء العالم, ولا يوجد طيران ولا رحلات دولية, كل مهام هذا المطار الذي ينبىء عن حال تركة شيوعية قديمة تتركز في استقبال وفود دولية ترتبط بأعمال مع الهيئات الدولية هنا, فالبلد خرج لتوه من حرب شرسة، وهو تحت إدارة دولية بوليسية كان نصيب روسيا منه هذه الأمتار القليلة، التي تشكل مطاراً بائسا هجره الكل، وانصرفت عنه الولايات المتحدة بأن أنشأت لها مطاراً كبيرا ضخماً على مساحة شاسعة في جنوب الاقليم تحط عليه طائرات الإمداد الاغاثي والعسكري للبوليس الدولي وقوات KFOR الدولية التي تدير البلاد وتحكمها في ظل الفراغ وعدم وجود سلطة محلية.
< فتحت أبواب الطائرة ووجدنا في الاستقبال إلى جانب القائم بأعمال المملكة في ألبانيا وبعض المسئولين في اللجنة المشتركة السعودية ضابطة روسية (4 نجوم),, فهذه روسيا تعلن عن وجودها مرة اخرى وهي التي وقفت في صف الجيش الصربي ضد ابناء كوسوفا من المسلمين فدعمت المعتدين حتى النهاية.
ولكنها عندما وجدت ان الميزان يرجح ضد (سلوبودان ميلزوفيتش) وقواته المعتدية لم ترد ان تخرج من هذا المولد الدموي بدون حصة, فرضيت بالمطار المهجور,,!
إلى داخل العاصمة
< صعدنا الى حافلتين خصصتا لنقلنا الى فندق (جراند) بوسط برشتينا العاصمة عصراً, ومع ان وسط العاصمة لا يبعد عن مطارها كثيرا فقد مكثنا أكثر من نصف ساعة نعبر طريقاً ضيقة ومتعرجة ومزدحمة بالسيارات.
< هذا البطء في السير سمح لي برؤية المزارع والدور وحركة السير والناس على جانبي الطريق, لقد تحققت من شيء واحد بعد الهبوط في برشتينا هو جمال طبيعي يفوق الوصف, ورأيت الناس في جد كبير فهم يعملون على إصلاح ما افسدته الحرب,, يصلحون الأراضي الزراعية وقنوات الري, والأهم من هذا أنهم في هم كبير لإعادة بناء دورهم ومنازلهم التي تحطمت سقوفها ونوافذها بسبب الغارات الجوية أو تلك التي دمرت وسويت بالأرض بسبب القذائف المدفعية والصاروخية.
< مع جمال الطبيعة وغناها يبدو الانسان في بؤس, والبؤس لا يأتي من جوع أو فقر فقط, إن اعظم بؤس يلحق بالإنسان هو من فقد أب أو أم أو أخ أو أخت أو زوجة أو حبيب وجار وصديق في حرب ملعونة ماحقة لا معنى لها إلا الغطرسة والتسلط.
< ان هذا البؤس ماثل امام العيان في كل شبر في اقليم كوسوفا, وعلى جانبي الطريق مشاهد قائمة من قبور جماعية للقتلى يزورها اهاليهم كل يوم ويضعون على نصبها الزهور والأدعية وينثرون الدموع الحارة الحارقة,,!
< ومن المناظر التي تصدم القادمين وهم في طريقهم الوحيد من المطار الى قلب العاصمة أطفال صغار يمسكون بذيول بقرات باقية لهم من حياة الأمس وهم يسرحون بها في الحقول والمروج الخضراء,, الرجال ذهبوا,, الآباء والأمهات والأخوات,, ولعل من هؤلاء الأطفال من تيتم فلم يبق له سوى بقرة وجدران غير مسقوفة وسط مزرعة كانت مسرحاً لأبيه وأمه وإخوته,,!
< قبل الوصول الى الفندق,, قفز الى الذاكرة قول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه:
وما الدهر والأيام إلا كما ترى
رزية مال أو فراق حبيب
الشيوعية ما زالت هنا,,؟!
< بصعوبة كبيرة وصلنا إلى فندق (جراند) وسط برشتينا، وذلك بسبب الشوارع الضيقة المتعرجة وازدحام السير وانعدام الإدارة المرورية، ولو لا قنوات KEOR الدولية التي حرصت على مرافقتنا وتسهيل الحركة لمكثنا وقتاً طويلاً.
< وأمام بوابة الفندق العتيق مكثنا وقتا آخر لتجد الحافلة لها مدخلاً مناسباً, وكنت مع احد الأصدقاء ننظر الى الحوانيت والمارة من نافذة الحافلة, ولفت نظرنا أكثر من منظر في السيارات والأرصفة والبضائع التي تذكر المرء بعهد الشيوعية البائد,, هل هذه البلاد تركة جديدة للاتحاد السوفيتي في شرق أوروبا؟
< الجواب,, وجدناه ماثلا بعد دخول الفندق الذي صنف على انه من فئة (5 نجوم) لكن ثبت أنه ادنى من ذلك بكثير,, وزيادة فهو فعلا من شواهد التخلف الذي عاشه المعسكر الشرقي وأدى الى تفتت القوة الشيوعية الماركسية الورقية, كل شيء في الفندق من العهد القديم إياه,,! كان هذا محور حديثنا ونحن نخرج بعد اقل من ساعة من وصولنا لمباشرة برنامج الزيارة, ومقابض الأبواب والشبابيك والأسرة والأغطية,, كل شيء في حالة غير صالحة, والتليفونات شبه معطلة والماء منقطع 12 ساعة ولا يوجد خدمة الضيوف في غرفهم,,!
< نظرت من نافذة غرفتي الى الملعب الأولمبي وقد احترق وبيني وبينه مقر لهيئة الأمم المتحدة, لكن قبل ذلك كله نافذة كادت تسقط فوق رأسي فتركتها على حالها حتى رحلت,,!
كوسوفا,,, أم كوسوفو,,؟
< قبل الدخول في الكلام عن برنامج زيارة الوفد ومشاريع المملكة الكبيرة في هذا الإقليم، وجدت في المساء بعض الوقت للبحث في معلومات مفيدة لي ولقرائي عن اقليم كوسوفا.
< وفي البداية فإن هناك فرقاً بين لفظ (كوسوفا) ولفظ (كوسوفو), فالمسلمون الألبان هنا يصرون على استخدام اللفظ الأول وحجتهم في ذلك ان الصرب الذين اعتدوا عليهم يستخدمون لفظ (كوسوفو), ومن وجهة نظري فهذه هي إحدى اسقاطات الحرب التي أوجدت العداء وأذكت نار الحقد والبغض بين المسلمين والمسيحيين من الألبان والصرب في هذا الاقليم.
< ومن ذلك مثلاً ما شاهدته من السكان الذين كانوا يحيوننا إذا شاهدونا وهم يرفعون سبابة اليد اليمنى الى اعلى ومعناها (الله واحد),, وهذا لم يكن موجوداً قبل ان يبتدع الصرب المسيحيون إشارة اخرى هي رفع ثلاثة اصابع وتعني الثالوث عندهم: الله عيسى مريم.
< وعلينا احترام ما اختاره الناس لأنفسهم، فهي اذن كوسوفا كما أرادوا.
< إن كوسوفا تقع في شرقي أوروبا في الجزء الغربي من شبه جزيرة البلقان,, تحدها من الشمال والشرق جمهورية يوغسلافيا التي أُتبعت لها قسراً، ومن الجنوب تحدها مقدونيا وألبانيا, وألبانيا هي الدولة الأم التي كان يتبع لها إقليم كوسوفا, أما من الغرب فتحدها جمهورية الجبل الأسود.
< تصل مساحة كوسوفا الى (10,877 كيلومترا مربعاً) ويتجاوز عدد سكانها (2,340,000) نسمة وتتحدث احصاءات محلية أخذت عنها اللجنة السعودية المشتركة في مطبوعاتها عن ان نسبة المسلمين في كوسوفا تصل الى 95% منهم 90*% ألبان, وهم أول من سكن الإقليم قبل الصرب بألفي عام, والبشناق 4% والأتراك 2% والبقية صرب, وتعد كوسوفا المنطقة الوحيدة في أوروبا التي تصل نسبة المسلمين فيها الى 95% من عدد السكان.
حقل الطيور السوداء
< يعود اسم الاقليم الى (كوسوفا بولي) الذي يعني حقل الطيور السوداء, وهذا المكان شهد هزيمة القوات الصربية على ايدي العثمانيين عام 1389م, حين حاولت تلك القوات آنذاك، وقف الزحف الاسلامي الكبير الذي اجتاح مناطق واسعة من شرق أوروبا في ذلك العصر، وكانت نتيجة تلك المعركة، ان انتصر العثمانيون انتصارا كبيراً دوى في أوروبا بأسرها, وأسر ملك الصرب (لازار)، حيث قتل فيما بعد, وكذلك استشهد القائد العثماني السلطان (مراد الأول) إثر طعنة غادرة من صربي حاقد بعد نهاية المعركة وذلك اثناء تفقده للقتلى والجرحى, وبعد هذه المعركة فقد الصرب استقلالهم، وأصبحت كوسوفا ولاية إسلامية تابعة للخلافة العثمانية، الأمر لذي جعل العرقيين الصرب ينظرون إلى كوسوفا نظرة خاصة، باعتبارها تمثل جرحاً تاريخيا في كبرياء الحضارة الصربية النصرانية,, الأرثوذكسية.
< ثم ظلت كوسوفا تحت الحكم العثماني حتى عام 1912م بعد حرب البلقان التي انهت الحكم العثماني في تلك المنطقة، وفي اعقاب الحرب العالمية الأولى 1919م، دمجت كوسوفا ضمن مملكة الصرب التي أصبحت مملكة يوغسلافيا فيما بعد.
< وبعد الحرب العالمية الثانية 1945م ضمت صربيا هذه المنطقة الحيوية الهامة الى جمهوريتها ومنحتها حكماً ذاتياً وهمياً، ودخلت يوغسلافيا تحت الحكم الشيوعي برئاسة (جوزيف برستيتو).
سقوط الشيوعية وقيام جمهورية كوسوفا
< ما ان سقطت الشيوعية بسقوط الاتحاد السوفيتي حتى بدأت كل جمهورية تنحو نحو الاستقلال التام عن يوغسلافيا الفيدرالية، فتوقع المسلمون الالبان في كوسوفا كإخوانهم في البوسنة والهرسك ان الجمهوريات اليوغسلافية ستمنحهم حقوقهم المسلوبة، ولاسيما ان كلاً من سلوفينيا وكرواتيا والبوسنة قد اعلنت استقلالها, لذا اجرى المسلمون الالبان استفتاء في سبتمبر 1991م اسفر عن المطالبة بالاستقلال من قبل الاغلبية المطلقة للسكان 99,87% بل تطور الامر الى انتخاب مجلس نيابي وإعلان الجمهورية، وتشكيل حكومة مستقلة، وانتخاب الدكتور إبراهيم روجوفا رئيساً للبلاد.
< اعترفت بهذه الحكومة كل من ألبانيا وكرواتيا وسلوفينيا والبوسنة والهرسك, وراقب تلك الانتخابات ثماني مجموعات من الولايات المتحدة وأوروبا, لكن الحكومة الصربية تجاهلت كل هذه الاجراءات، واعتبرتها كأن لم تكن، وبدأت بمرحلة جديدة من الاعتقالات والتعذيب والاضطهاد، كما صاحب هذا القمع حملة إعلامية شعارها الاستيطان في كوسوفا واجب وطني مقدس وبدأ الكوسوفيون في المقاومة, الأمر الذي ادى الى تفجر الوضع ووقوع الحرب المدمرة.
الوضع بعد الحرب
< كانت تلك، إلماحة سريعة لتاريح كوسوفا وصلتها بالاسلام وعلاقتها بصربيا التي تسببت في مأساتها.
< لكن كيف هو وضع كوسوفا اليوم؟
< بعد الضربات الجوية التي نفذتها القوات الدولية ضد الصرب الذين انسحبوا بعد ذلك من كوسوفا عاد اللاجئون الى ديارهم, في هذه الاثناء اجرت المفوضية العليا لشئون اللاجئين واللجنة السعودية المشتركة مسحاً ميدانيا لمعرفة الأوضاع داخل كوسوفا بعد الحرب وجاءت نتائج هذا المسح على النحو التالي:
1 64% من المنازل في كوسوفا مهدمة كلياً أو جزئياً.
2 45% من مصادر المياه ملوثة بالجثث ومثال ذلك فإن 39 من كل 44 قرية، مياهها ملوثة.
3 25% من المدارس مهدمة أو محروقة أو سرقت محتوياتها,وبعضها استخدمت كمراكز للشرطة الصربية.
4 عدم وجود انتاج زراعي لانتهاء الموسم الزراعي المنصرم, فيما يبدأ الموسم الجديد في اكتوبر (1999م).
5 ان معظم المصانع في كوسوفا قد سرقت محتوياتها من قبل الصرب.
6 تردي الأوضاع الصحية والمرافق الطبية بصورة مذهلة, حيث اظهر المسح افتقار جميع المؤسسات الصحية لأبسط المقومات والتي تشمل، الأجهزة والمعدات الطبية وقد اتضح ان الصرب قاموا بعد سرقة محتويات هذه المستشفيات بتدميرها، حتى مستشفى برشتينا الذي يعد أكبر مستشفى في الاقليم أو الذي كانوا يستغلونه كمستشفى خاص بهم, قاموا بسرقة كل أجهزته قبل انسحابهم.
< كذلك أوضحت المسوحات والتقارير حول الأوضاع الصحية لسكان كوسوفا العائدين من اللجوء والمشردين بالداخل، أن الحالة الصحية للكوسوفيين الذين لم يغادروا كوسوفا معقولة فيما عدا الذين كانوا في مناطق الصرب حيث عانوا من قلة الطعام مما رفع لديهم معدلات سوء التغذية, وكشف المسح ان من 50% الى 70% من الكوسوفيين اللاجئين عانوا صحياً في المرحلة الاولى من الحرب وأن صحتهم الآن افضل نتيجة للرعاية الصحية التي وجدوها في دول المهجر.
الإعمار بعد الدمار
< تنفس الكوسوفيون نسيم الحرية، والامن بعد الخوف والدمار، اقصد، من بقي حيا منهم ولكن الدمار الذي خلفه الصرب في هذه البلاد ليس هيناً.
< لقد ذكرت الاحصاءات الاخيرة، ان اعمار كوسوفا وحدها يتطلب 150 مليار دولار, في حين ان مؤتمر سراييفو الاخير قد وافق على توزيع 200 مليار فقط لإعمار دول المنطقة ماعدا صربيا.
< ومن الاحتياجات لكوسوفا مثلاً: مواصلة إمدادات المواد الغذائية,, وإعادة بناء واعمار المنازل المهدمة, وبناء وتأهيل المدارس التي يدرس بها 337 الف تلميذ وتلميذة, وتأمين رواتب المعلمين الذين ظلوا تسعة اعوام يقومون بالتدريس دون مقابل احيانا, او مقابل تبرعات الاهالي القليلة ويبلغ عددهم 27 الف معلم ومعلمة واداري.
< ومن هذه الاحتياجات ايضا؛ اعادة اعمار وبناء المساجد، وكفالة الدعاة والأئمة والايتام والأرامل واعادة تأهيل البيئة التحتية في المرافق الصحية والخدمية، حيث ان جميع المستشفيات في كوسوفا نهبت محتوياتها وتحتاج الى تأهيل كامل وجديد.
< ثم ماذا بعد,,؟
<هذا ما سوف نتناوله في الحلقات القادمة فإلى اللقاء,*



أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved